الملتقى الدولي حول "التحديث في الفكر الديني"
تأكيد على إنتاج مناهج ورؤية جديدة
- 661
ق. ث
تُوّجت أشغال الملتقى الدولي "أسئلة التحديث في الفكر الديني في الفضاء الإسلامي: سياقات التبلور وأدوات المقاربة" التي نُظمت، مؤخرا، بجامعة وهران 2 "محمد بن أحمد"، بعدة توصيات، تصبّ في مجملها في تعميق البحث في مجال تحديث الفكر الديني بمنظور معاصر، وفي سياق عربي إسلامي.
تتركز هذه التوصيات في تشكيل فريق بحث من مخبر وحدة البحث علوم الإنسان للدراسات الفلسفية والاجتماعية والإنسانية التابع لجامعة وهران 2، يهتم بتناول إشكاليات التحديث في الفكر الديني في الفضاء الإسلامي بالمقاربات المنهجية المتاحة في العلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة.
كما أوصى المشاركون بتشجيع الدراسة والبحث في قضايا تحديث الفكر الديني؛ من أجل تعميق الفهم، وتطويره، وكذا الدعوة إلى تخصيص سلسلة من الملتقيات، ينفرد كلّ واحد منها بموضوع محدد بدقة، يخدم الأسئلة المتعلقة بالتجديد أو الإصلاح أو التحديث في السياقات العربية الإسلامية.
وشهد اليوم الثالث والأخير من هذا اللقاء، تقديم سلسلة من المحاضرات؛ منها تلك التي تعرضت لمقاربات فلسفية وقضايا فكرية، حول نقد الفكر والخطاب الديني عند كوكبة من المفكرين العرب، فضلا عن تقديم قراءات حول إشكالية التراث الإسلامي في الفكر العربي المعاصر، وأخرى تطرقت لتقييم المرجعيات التحديثية، ولمناهج فهم الدين، وأطروحات تجديدية في الفكر الصوفي، وغيرها.
وفي هذا السياق، أكد أكاديميون على الاجتهاد في إنتاج مناهج ورؤية جديدة في مسألة التجديد أو تحديث الفكر الديني؛ حيث أوضحت الأستاذة نورة بوحناش من جامعة قسنطينة التي قدّمت محاضرة بعنوان "الخطاب الفقهي والانصهار العضوي"، "إذا أردنا أن نجدد الفكر الديني، فعلينا أن نجتهد في إنتاج مناهج جديدة من داخل النموذج الإسلامي؛ حيث إن مسألة تجديد الفكر الديني بمنطلقات غربية، قد تؤدي إلى فراغ الذات".
كما أبرزت الأستاذة ناجية الوريمي من جامعة المنار (تونس)، أن "تجديد الفكر الديني في الفضاء الإسلامي، يجب أن يرتكز على مبدأ الحوار، وأن يكون هناك طرح لكل المواضيع على طاولة النقاش، والسماع إلى كل الآراء بما فيها المخالفة، وبالتالي سيخلق حركة فكرية وثقافية، تجعلنا نبدع في طرح بدائل، تكون في صالح الإنسان العربي المسلم". ومن ناحيته، يرى الأستاذ بوشيبة من قسم الفلسفة بجامعة وهران 2، أنه "يتعيّن تحديد المفاهيم والمصطلحات التي تمت بصلة للتحديث والتغيير.
وحتى يمكننا تجديد الفكر الديني، يجب الرجوع إلى مفاهيمه الأساسية، والتي تنبع من أصولها في الدين، المتمثلة في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة". وأردف: "عندما نتحدث عن التجديد أو التحديث نحن لا نتكلم عن القرآن الكريم والسنة النبوية؛ كونهما ثابتين وغير متغيرين لكل الأزمنة والأمكنة، ولكن نتكلم عن الدراسات التي جاء بها مختلف الفقهاء عبر التاريخ".
وفي سياق متصل، أضاف المتدخل أنه "يجب، أوّلا، دراسة المفاهيم؛ فعندما نقول الحداثة أو ما بعد الحداثة أو التأصيل وغيرها، فإنها مفاهيم غربية، وبالتالي حتى يتسنى لنا إعادة قراءة نصوص مختلف الفقهاء، يجب أن نحدد ما معنى التحديث، أو التجديد، أو التفسير، أو التأويل، وأيضا التغيير". أما الأستاذ عبد القادر بوعرفة رئيس وحدة البحث علوم الإنسان والدراسات الاجتماعية والفلسفية والإنسانية بجامعة وهران 2 "محمد بن أحمد"، فأوضح أن الفكر الديني ينبغي أن يسير بمصطلحي "الاستئناف والاستخلاف"؛ أي أن نستأنف ما قام به العلماء ولكن بمنهج جديد وبرؤية جديدة، وبحسّ جديد، وإنسان جديد؛ لتحقيق الاستخلاف الذي حققه الأوائل.
وشارك في هذا الملتقى الدولي المنظم على مدار ثلاثة أيام من طرف وحدة البحث في علوم الإنسان للدراسات الفلسفية والاجتماعية والإنسانية التابعة لجامعة وهران 2 بالتعاون مع فرع وهران للجامعة الجزائرية للدراسات الفلسفية، جمع من الباحثين من مختلف جامعات الوطن، ومن قطر، ومصر، وتونس، وتركيا، وفرنسا؛ سواء حضوريا، أو عن طريق تقنية التحاضر عن بعد.