اليوم العالمي لأم العلوم

تأكيد على أهمية الفلسفة في حياتنا

تأكيد على أهمية الفلسفة في حياتنا
  • القراءات: 629
 لطيفة داريب لطيفة داريب

احتفى فلاسفة جزائريون باليوم العالمي للفلسفة، الذي يتزامن مع ثالث خميس من نوفمبر من كل سنة، من خلال كتابة مقالات على صفحاتهم الفايسبوكية، وتنظيم العديد من النشاطات.

بالمناسبة، قال الدكتور فارح مسرحي، إن رسالة "اليونيسكو"، أشارت إلى تميز هذا التخصص المعرفي بالتشويق من جهة، وأهميته في نشر قيم التسامح واحترام الاختلاف من جهة أخرى، كما اعتبرت الفلسفة أداة فعالة لتحرير القدرات الإبداعية الكامنة لدى الإنسان، ومن ثم، دعت إلى ضرورة تدعيم حضور الفلسفة، خاصة لدى الأطفال، من خلال توظيف الرسم والموسيقى والثقافة المرئية. وأضاف أنه للأسف الشديد، لازال التعرف على الفلسفة في منظومتنا التربوية مؤخرا، حتى نهاية التعليم الثانوي، حيث يصطدم بها التلاميذ، وهو أحد أسباب "الخوف" من الفلسفة في بلادنا..

تابع الدكتور أن رسالة "اليونيسكو" أشارت إلى الحاجة الماسة للفلسفة، لا باعتبارها تقدم أجوبة، لكن لأنها تتيح طرح الأسئلة المناسبة، فمهمتها الأساسية ليس تقديم الأجوبة حول القضايا أو النصوص التي تقرأها، بقدر ما هي طرح المزيد من الأسئلة المتناسلة من بعضها البعض، لتجعل هذه النصوص تصل إلى أقصى مداها التعبيري، ومن ثم تكون الفلسفة بحثا في المعنى لكشفه عبر الأشكلة أو السؤال ولحصره عبر المفهمة.من جهته، وجه الدكتور ورئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، عمر بوساحة، رسالة إلى وزارة التربية، سلط الضوء فيها على الوضع الذي يعاني منه تدريس الفلسفة في منظومتنا التعليمية، فكتب أن جميع المواد أخذت حصتها في مناهج التعليم، من المراحل الابتدائية إلى السنة النهائية من التعليم الثانوي، باستثناء مادة الفلسفة التي وضعت على أهميتها في الهامش، حيث لا تدرس إلا في السنة الأخيرة من الطور الثانوي، وبعض الحصص التي تحسب على أصابع اليد الواحدة في السنة الثانية لبعض الفروع، فظلت الفلسفة في أذهان الجزائريين مادة غريبة، لها من السلبيات إلى الحد الذي جعل البعض يطالب بإلغائها من منظومة التعليم.وتساءل بوساحة، إلى متى سيستمر هذا التهميش لمادة لها الدور الحيوي في تعليم الناس مسؤولية أفكارهم وكيف يجددونها وكيف يتعايشون بحرية وسلام في وطن يحتضن الجميع، مادة تعلمهم المناهج الفكرية والعلمية في فرز ما هو صالح وما هو طالح في الثقافة والحياة التي يعيشونها؟ كيف يمكننا أن نوجه الناس إلى الإبداع وتجديد معارفهم وأخلاقهم، ونحن لا نزودهم بالآلة التي تعلمهم وتحفزهم إلى ذلك؟. معلنا استعداد الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بتقديم كل الذي عليها، لمرافقة أي إصلاحات في هذا الاتجاه. أما الدكتور محمد جديدي، فذكر أنه غالبا ما تُقدم الفلسفة على أنها جهد فكري فردي، وإعمال عقلي ذاتي، يغيب عنه بعده الجمعي والاجتماعي ويتم التركيز، بقصد أو من دونه، على طابع إنساني ضيق، وكأن الفيلسوف كائن منعزل واعتزالي بطبعه، مضيفا أنه مثل هذا التقديم يُرسخ لا محالة تلك الصورة السلبية، التي علقت في أذهان الجمهور، وكأن المتفلسف يعيش في برج عاجي ولا يزيد في تفلسفه عن اللغو والثرثرة وإضاعة الوقت في ما لا ينفع. وفي خضم كل هذا، تتسع دائرة التجني على الفلسفة إنكارا لدورها اجتماعيا وثقافيا، وأضاف أن الفلسفة لم تكن في يوم ما، في ماضيها وحاضرها، بعيدة عن هذا التوجه الجماعي وعن حضورها المكثف داخل المجتمع، نُظُمه، بِنيَاته ومُؤسَساته التي من بينها مدارسه، إذ لا يُعقل أن تُنتفى من نظامه التعليمي، وهي من بَادر بإنشاء مدارس ظلت إلى يومنا هذا معروفة بأسماء مؤسسيها ومن انتسبوا لها وطوروا أفكارها.في المقابل، تساءل الدكتور محمد شوقي الزين عن الفائدة من الفلسفة، وأجاب أنه لا تُطرَح الفلسفة بمنطق الفوائد أو العوائد، أي بمنطق الصنعة أو "بويْسيس" (poiesis)، أي ما له "غايته في غيره" (ما يتعدى إلى فعل آخر)، لكن تُطرح بمنطق الأداء أو "براكسيس" (praxis)، ما له "غايته في ذاته". فالغاية الذاتية للفلسفة هي غاية أدائية وتكوينية تكون بها الصنائع. لا يمكن أن يكون أحدهم محاميا أو قاضيا ما لم يعرف كيف تتبلور الحجة، وكيف يتفادى المغالطة والسفسطة؛ ولا يكون أحدهم سياسيا ما لم يعرف ألاعيب الخطاب ومداخل البلاغيات ومخارجها، ولا يكون أحدهم رجل أعمال ما لم يعرف سلطان "الكايروس"(Kairos).