المخرج رابح سليماني في إقامة كتابة السيناريو

تأطيرٌ سينمائي عالمي وإعلان عن فيلم الصحراء الغربية

تأطيرٌ سينمائي عالمي وإعلان عن فيلم الصحراء الغربية
  • القراءات: 965
مريم.ن مريم.ن

يتجه المخرج رابح سليماني بخطوات عملاقة نحو الاحتراف في مجال السينما باعتماده على التكوين الأكاديمي، الذي أصبح المعيار في صناعة السينما عبر العالم. ويظل هذا المخرج الشاب متواضعا مقبلا على التحصيل والمثابرة رغم التتويجات التي حصدها بالجزائر وبمختلف المحافل السينمائية الدولية، وهو الآن بقسم الأدب الفرنسي بجامعة باجي مختار بعنابة لتحضير رسالة الدكتوراه.

التقته "المساء"أثناء تنظيم إقامة كتابة السيناريو بدار عبد اللطيف التي اختتمت منذ أيام، وكانت من تنظيم المركز الوطني لتطوير السينما، حيث تحدّث عن مشاركته كمخرج وككاتب سيناريو، سبق له أن أخرج العديد من الأفلام، منها فيلمه القصير الذي قدمه سنة 2016 بعنوان "رجل ومسرحان"، الذي حقق نجاحا كبيرا خاصة بالمهرجانات التي شارك بها في الجزائر وبالخارج، وزار 20 بلدا عبر العالم.

أشار المتحدث إلى أن هذا الفيلم الذي يعتز به يروي حياة شاب يدعى طارق، كان حلمه دائما أن يصبح رجل مسرح محترف، لكن الظروف القاسية أرادت غير ذلك؛ على اعتبار أن المجتمع لا يعترف بهذه المهنة التي لا تكسب دينارا ولا درهما و«لا تعمّر القفة". وبتأثير من عائلته خرج إلى سوق العمل ولم يترك مهنة إلا زاولها ليعمل "نادلا" (قهواجي في مقهى شعبي) وبائعا إضافة إلى أدوار أخرى يؤديها، كزوج وكمعلّم وجار وغيرها، وكان يرى نفسه في كل تلك الأحوال ممثلا على مسرح الحياة، في حين كان يجد نفسه على خشبة المسرح، ويرى أنها تعكس شخصيته الحقيقية.

فاز هذا الفيلم بعدة جوائز (على رأسها أحسن دور للرجال)، وشارك في العديد من المهرجانات السينمائية، منها مهرجان عنابة ودكار وبروسيا وكاليفورنيا وفرنسا، ثم بوهران.

أكد رابح أن مشكل التكوين في مجال السينما لايزال مطروحا، مشيرا إلى أنه تكوّن بتونس، لكن غصة بقيت في قلبه؛ حيث تمنى أن ينال هذا التكوين في الجزائر وعلى يد جزائريين، وقد تحقق بعض ذلك في السنوات الأخيرة من خلال مؤسسات كبيرة وبوسائل ضخمة توفرها الدولة والعمل بالتنسيق مع مؤسسة "ميدي تالون" الفرنسية.

أشار المتحدث إلى أنه كان يفضل دوما أن يكتب سيناريوهات أفلامه؛ مما شجعه على خوض هذه التجربة؛ حيث اختير السيناريو الذي كتبه رفقة 3 آخرين من مجموع 400 سيناريو، وما شده أيضا أسماء المؤطرين الحاضرين منهم الجزائرية مريم حميدات الكاتبة والمنتجة والمؤطرة ذات الصيت الكبير، والمخرج إلياس سالم الذي لا يبخل بنصائحه، والملتزم دوما بنظرة جزائرية في الكتابة والإخراج، وقد حقق شهرة في المحافل السينمائية العالمية، لذلك يراه المتحدث الأقرب من المؤطرين الأجانب.

يقول رابح سليماني: "يقرأ إلياس معي السيناريو الذي كتبته، ويعطيني وجهة نظره المبنية على الخبرة الطويلة. وأضيف ذلك لرصيدي من التكوين الذي اكتسبته بتونس في 3 سنوات، وغالبا ما يتم الإلمام بكل الجوانب، منها التكنولوجيا والتاريخ وعلم الاجتماع وغيرها"

يرى الفنان أن السينما ليست فنا شعبويا، إذ لها أصولها المبنية على دعائم علمية وتجارب وخبرات وكفاءات، وبالتالي فإن الحال نفسها بالنسبة لكتابة السيناريو؛ فهو يخضع لتقنيات ولا علاقة له بالارتجال والهواية فقط، وعدم التكوين يؤدي إلى الاستسهال، ثم إلى الرديء من الأعمال.

أكد المخرج رابح أنه دخل إلى دار عبد اللطيف ومعه السيناريو الذي كتبه، ليكتسب تقنيات جديدة فيما يتعلق بتحويل النص من المكتوب إلى المرئي، وهو أمر ليس بالسهل، وهنا أضاف يقول: "من شروط المشاركة في هذه الدورة التكوينية أن يكون لديك على الأقل فيلمان في السوق أو أن تكون منتجا سينمائيا وذا خلفية أكاديمية، وتدخل والسيناريو في يدك؛ بمعنى أن لا تكتبه في الإقامة. وأهم ما تكتسبه هو تقنيات العمل التي تطغى على مضمون النص".

يتعلم المشاركون تقنيات تحويل السيناريو إلى الشاشة، وهو أمر مهم؛ فبدون هذا التحصيل لا يذهب السينمائي بعيدا خاصة في الخارج وفي المهرجانات الكبرى. كما أنه تأشيرة للتعامل مع المنتجين الأجانب؛ لأن التكوين ـ حسب رابح ـ لغة سينمائية مشتركة لها قواعدها العالمية.

أشار رابح إلى أنه في هذه الدورة انضم إلى جلسات مشتركة مع باقي زملائه من الجزائر ومن خارجها، وتفتح به نقاشات مشتركة مع المؤطرين. وفي الجلسة الفردية يسأل كل مشارك عن السيناريو الذي كتبه وعن أهدافه ودوافعه، وهنا يشير إلى أهمية النظرة الجزائرية في كتابة النصوص، وهذا ناتج عن تعطش الكثير خارج الوطن لمعرفة الجزائر من خلال السينما، ولن يتأتى ذلك إلا برؤية جزائرية لسينمائيين جزائريين يكونون بمثابة سفراء لبلدهم، وفي هذه النقطة يشير إلى فيلم تناوله عن الإرهاب يعكس فيه قناعة بأسلوب إنساني راق؛ إذ يتناول فيه الجزائر كضحية للإرهاب تماما كما حدث في بلدان أخرى، ولا يصور الجزائر كأنها بلد إرهاب، كما تم تسويقه من طرف الإعلام الغربي.

عموما، فقد أكد المتحدث أن الدورة ذات مصداقية ومستوى دولي، تضمن المتابعة في قراءة السيناريوهات، ثم في الحوار، وصولا إلى مرحلة الدعم (التمويل). كما ثمّن حصوله على شهادة المشاركة التي ستدعمه في مشاريعه القادمة لجلب الدعم.

شارك رابح في صنف الأفلام القصيرة مع كل من ليلى ارتازي وعز الدين عبد السلام وسليم عبادة. وفي الفيلم الطويل كان هناك مشارك من المغرب وجزائريان وأجنبيان. والتكوين كان بشكل يومي من التاسعة صباحا حتى 9 مساء. وتضمّن أيضا موائد مستديرة ومواعيد فردية مع المؤطرين وعروض أفلام وغيرها.

تحية إنسانية للصحراء الغربية

يعرض رابح خلال أواخر أوت الجاري، فيلما سينمائيا وثائقيا عن الصحراء الغربية، يصور فيه مأساة الصحراء الغربية من خلال قصة عائلة تقيم بالمخيمات، تسلم ابنها ذا 7 سنوات ليعيش في إسبانيا كي يتعلم ولا يعيش ظروفها الصعبة، وهكذا وجد الطفل نفسه في أوروبا بعدما كان يتردد عليها ضمن جولات تعليمية لأطفال المخيمات. في 2016 عاد الطفل إلى مسقط رأسه وكان في 30 من عمره كمغني راب ينشد لوطنه وينشر معاناته عبر العالم، وقد رافقه المخرج رابح في هذه الرحلة المغامرة التي تقوده حتى الأراضي المحررة.