في مداخلة له بقصر الثقافة
بوشناقي يدعو لعودة الجزائر إلى لجنة التراث باليونيسكو
- 169
لطيفة داريب
❊ نحو تسجيل معالم جزائرية أخرى ضمن التراث العالمي
دعا الخبير في التراث الدكتور منير بوشناقي إلى عودة الجزائر إلى لجنة التراث العالمي على مستوى اليونسكو، مثلما كان عليه الحال في السابق، لما يشكّله ذلك من قوة دبلوماسية وثقافية تساعد في تسجيل المزيد من عناصر التراث الجزائري الغني والمتنوع.
كشف بوشناقي أن وزارة الثقافة والفنون تعمل حاليا على إعداد ملفات لتسجيل القبور النوميدية الأربع، المتمثلة في إمدغاسن بباتنة، وقبر الرومية بشرشال، وقبر الخروب بقسنطينة، وقبر سيقا بعين تموشنت.
وأوضح بوشناقي، خلال المداخلة التي ألقاها أمس بقصر الثقافة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية الموسومة ب:"التراث الثقافي الجزائري بين الالتزامات الدولية ومتطلبات التصنيف في قائمة التراث العالمي"، أن الجزائر استفادت من 440 ألف دولار من صندوق التراث العالمي، لمتابعة المعالم الأثرية المصنفة في قائمة اليونسكو، وعددها سبعة: قلعة بني حماد، مدينة جميلة بسطيف، مدينة تيمقاد بباتنة، وادي ميزاب، الطاسيلي، تيبازة، والقصبة.
وأشار إلى ضرورة تسجيل المزيد من المعالم، مذكّرًا بأن آخر معلم جزائري تم تصنيفه يعود إلى سنة 1992. كما أضاف أن الجزائر كانت قد سجلت ستة معالم دفعة واحدة، وكانت من بين أول عشر دول صادقت على اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي التي أُبرمت عام 1972، فيما صادقت عليها الجزائر عام 1974. واعتبر أن هذه الاتفاقية هي أهم اتفاقية اعتمدتها اليونسكو، لأنها أكدت على وجود تراث إنساني مشترك، وسلطت الضوء على المعالم الأثرية ذات القيمة العالمية، وجاءت عقب حادثتين في مصر وإيطاليا شكلتا خطرا كبيرا على التراث هناك.
وأشار الخبير إلى أن وزارة الثقافة والفنون تدرس تقديم ملفات جديدة لتصنيف القبور النوميدية التي تعود إلى ما قبل العهد الروماني وتمثل الممالك الأمازيغية القديمة، يليها ملف خاص بالقبور البيزنطية مثل الجدار الأثري بين تيارت وفرندة، إلى جانب قبور من عصور ما قبل التاريخ كقبر تينهينان، إضافة إلى قبور ملوك مثل ماسينيسا وسيفاكس. وأكد بوشناقي تفرد هذه المعالم المعمارية، مبرزا أنها تتميز بهندسة فريدة لا مثيل لها في تونس أو المغرب أو ليبيا.
وشدّد المتحدث على أهمية عودة الجزائر إلى لجنة التراث العالمي بعد مغادرتها لها سنة 2015، لما لذلك من دور محوري في دعم ملفات التصنيف. وذكّر بأن الجزائر كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية 1972 الخاصة بالتراث الثقافي والطبيعي، والتي تضم اليوم 195 دولة، كما كانت أول دولة تصادق على اتفاقية 2003 الخاصة بالتراث غير المادي، واتفاقية 2005 الخاصة بالتنوع الثقافي.
وحث بوشناقي على إعداد ملفات علمية لتسجيل التراث الطبيعي الجزائري في اليونسكو، مثل الأهقار والحدائق الوطنية، ملاحظا أن الطاسيلي ناجر هو الموقع الطبيعي الجزائري الوحيد المصنف حاليا. وأضاف أن جميع الدول العربية لديها 91موقعا مصنفا لا غير ، بينما تملك إيطاليا وحدها 61 موقعا مسجلا في اليونسكو. وفي سياق آخر، عبّر الخبير عن أسفه الشديد لما لحق التراث الثقافي في غزة من دمار، مؤكدا أنه، خلال مسيرته الطويلة في حماية التراث وزياراته لمناطق منكوبة بالحروب والكوارث الطبيعية، لم يشهد دمارا مماثلا لما حدث هناك.
وفي مداخلته هذه تطرق بوشناقي أيضا إلى التحولات التي عرفتها اليونسكو نتيجة النزاعات الدولية والأزمات الجيوسياسية وجائحة كوفيد-19، داعيا إلى استعادة روح اليونسكو والاستثمار أكثر في الرقمنة لتعزيز فعالية خدماتها. وقدّم بوشناقي أرقاما حول المعالم المصنفة عالميا إلى غاية سنة 2022، حيث بلغ عددها 1248 معلما في 170 دولة، ، تتوزع بين 972 معلما ثقافيا، و237 طبيعيا، و51 تراثا مشتركا بين الدول و25 معلما في حالة خطر، وأربعة معالم أُلغيت من التصنيف.
الملتقى الدولي الأوّل للمبدعين الشباب
تأكيد على أنّ الثقافة تاج التنمية
اختتمت بالمسرح الوطني الجزائري، أمس، فعاليات الملتقى الدولي الأوّل للمبدعين الشباب بتنظيم جمعية "الكلمة" للثقافة والإعلام، بمشاركة أكثر من 40 مبدعا من داخل الوطن وخارجه. كما تم خلال افتتاح هذا النشاط، تكريم الصحفي الفلسطيني وسام أبو زيد وتنظيم العديد من النشاطات من مداخلات وورشات تكوينية وعروض أدبية وشعرية وموسيقية وسينمائية الى جانب معرض للفنون التشكيلية.
بالمناسبة، قال رئيس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، أحمد بوشيخي إنّ تنظيم هذا الملتقى جاء بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الحادي والسبعين لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة، مضيفا أنّ هذه الفعالية المنظمة برعاية وزارتي المجاهدين والثقافة والفنون بشعار "إبداعاتنا تحفظ الذاكرة"، تمثّل مساحة يلتقي فيها الماضي بالحاضر ويجتمع فيها عمق الذاكرة بالإبداع الشبابي، ليؤكّد نهوض الجزائر بالمعرفة وباحتضانها للطاقات الإبداعية، مشيرا إلى مقولة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون "الثقافة تاج التنمية" أي أنّ الثقافة هي تاج التنمية وركيزة في بناء الإنسان وتعزّز الوعي الوطني وقيم المواطنة وترسخ للابتكار. وتابع أنّ هذا الملتقى هو جسر للحوار وللتقارب والتآخي، وأنّ المشاركين لا يكتبون القصائد ولا يرسمون اللوحات بل يؤسّسون لفصل من فصول التاريخ الجزائر ويؤكّدون إنتاج الوطن للعطاء والإبداع، فالثقافة بحقّ تاج للتنمية.
أما ممثل وزيرة الثقافة والفنون، السيد محمد سيدي موسي فقرأ على الحضور كلمة الوزيرة التي قالت فيها إنّنا نقف اليوم في محفل ثقافي تنظّمه جمعية الكلمة للثقافة والاعلام، يمثّل حاضرنا الحيوي الذي يمنحنا القدرة على تجاوز الراهن نحو الأفق بوجود وجوه شبابية تبدع بلغة موّحدة تعلو على كلّ خلاف وتتجاوز كلّ حدود بقوّة أكثر نبلا. وأضافت أنّ الشباب المبدع يحمل مسؤولية إعادة الواقع وتجميله، مشيرة إلى أنّهم رأس مال رمزي لا يقدّر بثمن، ودعم وزارة الثقافة والفنون لهم، هو استثمار سياسي واجتماعي عميق ستجنى ثماره في بناء مجتمع المعرفة وتعزيز مكانة وطننا، كما ضمّت صوتها إلى صوت الجمعية المنظمة في حملها لمشروع حضاري يردّ على المسائل الكبرى في عصرنا لأنّها ترى أنّه في كلّ إبداع، توجد محاولة لإعادة تعريف ماهية الإنسان.
تابعت الوزيرة في كلمتها أنّ جمعية الكلمة تسعى لصناعة حقيقية للجمال وتقاوم الجمود والسطحية وتحفظ جوهر الإنسان النبيل، لتطالبها بأن تكون الضوء الذي يكشف مناطق الظل في عالمنا وأن تكون جريئة وأصيلة ومسؤولة، وأن تستغل الملتقى لتبادل الخبرات والبحث عن جمالية مشتركة تثرينا جميعنا.
للإشارة، تم تقديم قراءات شعرية للشاعر الجزائري نور الدين قطاف والشاعر اليمني زين الدين الضبيبي والشاعر المصري محمد الطايل، علاوة على قراءات شعرية للشاعر الليبي هود الأماني والشاعر الجزائري أمين بوغانم، تلاها إلقاء موسيقي للفنان محفوظ عثمان وعزف مشترك للعازفة الجزائرية نور الهدى العطراوي والاسبانية ناديا كرامونا كراسكو.كما قدم الفنان الرسام فؤاد بلاع مجموعة من الفنانين الجزائريين وهم محمد ياسين شقراوي وهناء عايب وخياري جيهان وسيرين عجيمي، بالإضافة الى الفنانة التونسية ليلى لعياري لتقديم لوحاتهم أمام الحضور.
بالمقابل، تم في هذه الفعالية، تكريم المجاهد أنتيقار بلقاسم المدعو عبد القادر البليدي والصحفي الفلسطيني وسام أبو زيد الذي تسلم أخوه التكريم بدلا منه ليشكر دعم الجزائر لفلسطين الدائم قائلا إنّ أخاه صامد في قطاع غزة وحمل على عاتقه إيصال رسالة أهلنا في غزة وفلسطين، رغم أنف الاحتلال.