معرض الخط والمنمنمات والزخرفة بقصر "مصطفى باشا"

بعث لفنون الهوية والتراث

بعث لفنون الهوية والتراث
  • القراءات: 642
مريم . ن مريم . ن

يحتضن قصر "مصطفى باشا" بالقصبة السفلى، معرضا خاصا ودائما لمجموعاته المتحفية، احتفالا بعيد ثورة نوفمبر المجيدة. ويتضمن ثلاثة أجنحة هي؛ "الزخرفة"، "المنمنمات" و«خط الثلث"، وتحوي كلها روائع فنية غاية في الإبداع، وقعتها مجموعة من الفنانين من مختلف بلدان العالم الإسلامي، مما استقطب الكثير من الزوار، سواء الجزائريين منهم أو الأجانب.

يضم المعرض أعمالا لفنانين من الجزائر وتونس والمغرب ومصر والأردن واليمن والعراق وسوريا وقطر وفلسطين والسعودية وباكستان وإيران وتركيا ومنغوليا والهند والبوسنة والهرسك وأوزباكستان. وفي هذا، أشارت مديرة المتحف الوطني العمومي للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، السيدة هجيرة ركاب، خلال حديثها لـ«المساء"، إلى أن أغلب الأعمال المعروضة هي ملك للمتحف ومن مجموعته المتحفية الرفيعة، بعض تم شراؤه، وبعضها الآخر هدية تسلمها المتحف من الفنانين.

كما أضافت محدثة "المساء"، أن هذا المعرض دائم، لم تحدد فترة استمراره، ليتمكن الجمهور من زيارته، خاصة أن الإقبال يزداد وشوهد ازدحام منذ الافتتاح، علما أنه استقطب سياحا أجانب، وزاره السفير السويسري بالجزائر وكذا الطلبة وتلاميذ المدارس، زيادة على كون الفعالية مناسبة للاحتفال بعيد الثورة المجيدة، وكذا الحرص على تنظيمها على هامش انعقاد القمة العربية. دخلت "المساء" جناح الخط العربي، حيث الإبداع، ولا حكم إلا للحرف في مختلف تجلياته، وكان خط الثلث هو الغالب، حيث تشكيل الحرف العربي بصورة جمالية إبداعية جديدة، ومن مميزاته التغيير والابتكار، إذ تبرز فيه حاجة الخطاط للتعبير الحر، كما أن الثلث علامة من العلامات المميزة للخط العربي. من بين ما عرض؛ لوحة لبن بو عبد الله بلقاسم، الذي كتب آية قرآنية "يصلونها يوم الدين"، وقدم كورلو فرهات من تركيا "نور السموات والأرض" تشع نورا وألوانا بخلفية من النور، وكتب محمد أبو الاسعاد فرحات من مصر "شعوبا وقبائل لتعارفوا"، تعانقت فيها الحروف وكأنها مجسم واحد، وخط الفنان أحمد نافذ محمد الأسمر من فلسطين آية "والله قدير والله غفور رحيم". فيما كتب عبد الرشيد يوت من باكستان "يا ودود"، وكتبت دعاء عبد الرحمن أمجد من السعودية "يا شافي أنت الشافي"، وقدم صلاح الدين شيرزاد جيمدار من العراق "اطلبوا العلم"، ومحمد فاروق الحداد من سوريا "حسبي الله وحده"، وقدم وفيش منيب راغب من البوسنة والهرسك "واتقوا الله"، ومحمد أوزاجي من تركيا "واعتصموا بحبل الله"، وغيرها من اللوحات التي تخطف البصر بحروفها ومعانيها. بالنسبة لجناح المنمنمات، فقد تنوعت الحكايات والأساطير والأحداث التاريخية ومميزات كل بلد، افتخر فنانوه بثقافته وماضيه ومن بعض هؤلاء، هناك أحمد خليلي من سكيكدة، الذي ضمت منمنمته أحداث "20 أوت" بسكيكدة، وكانت بـ3 أقسام، الأول به صورة الشهيد زيغود يوسف، والثاني مظاهرات الجزائريين، والثالث المجازر والأشلاء والجماجم، وسادت في كل ذلك ألوان العلم الوطني.قدم إحسان فتاحي من تركيا "بنات الورود"، حيث الرومانسية والطبيعة الخلابة التي يتقاطع فيها التزهير والأنوثة مع حضور أجمل الطيور، منها البجع. "ويمضي الأمل" هي لوحة فاطمة حياة مرادي من الجزائر، صورت فيها حسناء داخل فضاء من الجنان، يحاول الكثيرون اختراقه دون جدوى، أما عمر الخيام رضا بدرسماي من إيران، فتفنن في عرض جلسة الأنس مع الجواري ذوات الأجنحة، وهن يسعدن شهريار، وتوقف سوميرا أمين من باكستان عند التراث الثقافي لبلده، حيث الأصالة والألوان الصاخبة وأساطير الملوك والجواري والخدم والحيوانات في الطبيعة الخضراء.

لوحات أخرى لا تنتهي شدت الزوار، خاصة الشباب والأطفال، لأنها تعرض قصصا وحواديث من أزمنة مرت، ومنها "جلسات الحكماء" و«منغوليا" بغزوات جيوشها مع الرسام سوندم كهوجي بيار، و«اختبار الخيول" من طاجكستان والعثمانيين وخير الدين برباروس الذي وقعه شاكر علي من الهند، ثم ليالي ويوميات تعز باليمن مع ناعم عثمان أحمد العارفي، و«حب الزوجات" مع باوان شارما من الهند، وغيرها الكثير. وجاء في ملصقة الجناح، أن المنمنمات صور تسجيلية للحياة والبيئة والعادات والمعتقدات والطقوس والأحداث التاريخية والعمارة والزي والفنون.في جناح الزخرفة، بدا الحضور الجزائري جليا، من خلال كثرة الأعمال وكذا إتقانها وروعتها، مع التميز بالألوان، ومن المشاركين الجزائريين، انفيف سلمى التي مزجت بين الأزرق والأصفر الترابي، ورسمت باش سايس فريدة "المروحة الزرقاء" بتفاصيل دقيقة وبألوان ذات فواصل ذهبية، وقدمت ليالي منصور محمد منصور من الأردن "زخرفة المستطيل"، وصبرينة سكر من تركيا "الصفحة الأولى من الكتاب المبين (الفاتحة والبقرة)، وكذلك الحال مع حسيني سيد أحمد من إيران، وآية الكرسي مع وقار أحمد من باكستان، ووضع في علبة زجاجية وسط المعرض مصحف مخطوط للخطاط السوري عبيدة البنكي "مصحف قطر".وتبقى الزخرفة علما من علوم الفنون التي تبحث في فلسفة التجريد والتناسب والفراغ والكتلة واللون بوحدات هندسية أو طبيعية.