إحياء ذكرى عز الدين مجوبي بعنابة

بطولة مطلقة والرصاص لا يثقب الذاكرة

بطولة مطلقة والرصاص لا يثقب الذاكرة
  • القراءات: 883
مريم. ن مريم. ن

يحيي المسرح الجهوي بعنابة، هذا السبت، ذكرى اغتيال الفنان عز الدين مجوبي، من خلال برنامج ثري، يتضمن عروضا مسرحية ومعارض ولقاءات تذكر بمسار هذا المسرحي، الذي بقي حيا في الذاكرة الجمعية.

تنطلق فعاليات الذكرى، يوم 12 فيفري الجاري، بالمسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، بتدشين معرض للصور، يحكي مسيرة الفنان مع رفقاء الدرب، منهم الراحلين امحمد بن قطاف وصونيا، وكذلك زياني شريف عياد ودليلة حليلو، إضافة إلى الجيل الذي سبقه في التمثيل بعقود، كما هو الحال مع السيدة نورية وفريدة صابونجي وقزدرلي ووهيبة زكال وونيش، وغيرهم من الممثلين والمخرجين والتقنيين.

في اليوم الموالي من الفعالية، أي يوم الإثنين 13 فيفري (اليوم الذي اغتيل فيه مجوبي سنة 1995)، ابتداء من الرابعة عصرا، سيقدم العرض الشرفي لمسرحية "الحقار والمكار والنية"، من اقتباس ياسين زايدي ونبيلة إبراهيم عن نص مسرحي لموليير "خدع سكابان"، ومن تصميم بشير سلاطنية. أما في مساء الثلاثاء 14 فيفري، على الساعة الرابعة والنصف تحديدا، فيكون العرض مخصصا لـ«الجاثوم" للمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي"، عن نص وفاء براهم شاوش، من إخراج عبد القادر عزوز.

أبطال هذه المسرحية هم؛ وهيبة باعلي في دور "الأم" ونوارة براح في دور "فوزية"، وأحمد مرزوقي في دور "الصادق الكبير"، بالإضافة إلى هورو سليمان، ونسرين بن محمد محي الدين، وتتناول طيلة ساعة ونص الساعة من الزمن، وعبر محطات عديدة، موضوع الحرية وقانون العرف والتسلط وكذا التمرد، حيث يعيش أفراد قرية صغيرة، تحت وطأة التسلط من طرف شيخها "الصادق الكبير"، الذي يسعى بكل الطرق، إلى التقرب من فوزية التي تمثل الشابة المتمردة على العرف والتقاليد، للزواج منها، لكن يصطدم برؤية أخرى للحياة، لم تكن معهودة في السابق عند نساء القرية الصغيرة، ليقع ذلك الصراع والصدام بين الظلم والحق.

تعود ذكرى مجوبي، ويعود معها مشواره المسرحي والسينمائي الحافل، وقد اعتبر الكثير من النقاد أن الأداء التمثيلي للراحل ظاهرة يجب دراستها، وأن أعماله المسرحية تدخل في خانة "المسرح المتجدد"، مما يستدعي المحافظة عليه وتطوير نهجه في التمثيل، الذي استطاع بمخارج صوته وإيماءاته، أن يدخل إلى أعماق وجدان المتلقي، كما ظل رفقاء درب عز الدين مجوبي يشهدون على وطنيته والتزامه، وأنه حمل مشروعا للمعرفة، وكانت لديه قدرات فائقة في الإلقاء وفي الحركات الجسمية، ولم يكن مخرجا سلطويا. ساهم الراحل مجوبي في بناء مسرح محترف ومبدع، ناهيك عن مساهمته كأستاذ في مجال التكوين، قدم للشباب الخبرة وسمو الأخلاق والإحساس الإنساني المرهف، لكن رصاصة الغدر أوقفت ما كان يتمناه مجوبي للفن وبلده، ففي 13 فيفري 1995، انطفأت شمعته أمام مبنى المسرح الوطني، الذي طالما أضاءه بإبداعاته، وقد عين في بداية تلك السنة، مديرا له، وكان يفكر في مشاريع كثيرة للنهوض بالمسرح وفتح الأبواب أمام المواهب الحقيقة دون إقصاء.

ترك مجوبي روائعه شاهدة عليه، منها مسرحية "حافلة تسير" التي أنتجت سنة 1985، إذ بقيت عبارتها "نوارة بنتي" راسخة ومؤثرة، كما أخرج مسرحية "غابوا الأفكار" ومسرحية "عالم البعوش" التي نالت نجاحا كبيرا، وأخذت جائزة أحسن إخراج في مهرجان قرطاج للمسرح بتونس. كما شارك مجوبي في المسرحية الشهيرة "بابور غرق" لسليمان بن عيسى، وخاض مع زياني شريف عياد وامحمد بن قطاف وصونيا وآخرين، تجربة المسرح المستقل في الجزائر، بإنشاء "مسرح القلعة" في 1990، أنجز أثناءها "العيطة" و«حافلة تسير 2". للتذكير، ولد الفنان، وهو ابن محام أصوله من حمام  قرقور (سطيف)، في مدينة عزابة بولاية سكيكدة، في 30 أكتوبر 1947، وبدأ نشاطه كممثل مع مطلع الستينات، بتشجيع من الفنان الراحل علي عبدون، التحق في 1963 بالكونسرفاتوار بالعاصمة، وكانت بدايته الفنية بالإذاعة الوطنية بين 1965 و1968.

قدم مجوبي أيضا عدة أعمال تلفزيونية، منها "يوميات شاب عامل" لمحمد افتيسان، وفيلم "خريف 1988 "لمالك الأخضر حمينة، الذي يصور أحداث أكتوبر 1988، وساهم أيضا في إنتاج أعمال مسرحية مع مسارح جهوية، منها مسرح بجاية الذي قدم فيها سنة 1994، مسرحية "لحوينتة" عن نص لبوجادي علاوة، ونال عليها جائزة أحسن إخراج، وكان له أيضا إسهام في التكوين، حيث كان أستاذا في الإلقاء والنطق بالمعهد الوطني العالي للفنون الدرامية.

إلى جانب الأداء، تقلد الراحل عدة مناصب إدارية، فعين مديرا للمسرح الجهوي لباتنة، ثم للمسرح الجهوي لبجاية، وعين في 1995 على رأس مؤسسة المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي".