ندوة “العالم العربي: تحاليل وآفاق”‏

بصمة الأمبريالية حاضرة في الانهيار العربي

بصمة الأمبريالية حاضرة في الانهيار العربي
  • القراءات: 1384
مريم. ن مريم. ن
 
 

احتضنت المكتبة الوطنية، أول أمس، ندوة فكرية بعنوان: “العالم العربي: تحاليل وآفاق”، نشّطها أساتذة وخبراء، قدّموا من خلالها الراهن السياسي والاقتصادي العربي الذي يتهدده اللااستقرار وأطماع القوى العظمى.

الندوة انعقدت في إطار الملتقى الدولي “الجنوب أية بدائل؟”، الذي ستُختتم فعالياته مساء اليوم.

من بين المتدخلين في الندوة الأستاذ ماجد نعمة من سوريا (مقيم بفرنسا)، الذي قدّم عرضا عن موجات التغيير التي مست بعض الدول العربية باسم ما يُعرف بالربيع العربي، والذي أدخل دولا عديدة في متاهات لا مخرج منها، كما هي حال بلده سوريا، الذي يتعرض للتدمير المنظَّم؛ بغية تحويله إلى مملكة دينية، لكنه أكد أن صمود سوريا سيستمر؛ فمن بين 14مقاطعة سورية وقعت الرقة فقط في يد الإرهابيين، الذين تحوّل الصراع فيما بينهم إلى اقتتال، علما أنه لولا دعم بعض الدول الإقليمية لما حقق هؤلاء مخططاتهم لإحداث الفوضى داخل سوريا، والتي أصبحت درسا لبعض الدول العربية المستقرة، كما هي الحال بالنسبة للبنان، الذي يرى ـ حسب المتدخل ـ أن استقراره من استقرار سوريا.

جانب آخر تطرق إليه الأستاذ نعمة، وهو الإعلام المضلّل، الذي هو الوجه الآخر للمؤامرة. خلص المحاضر إلى أن صمود سوريا كان سببه صمود جيشها وتلاحمه مع النظام السياسي والمجتمع، إضافة إلى كشف المخططات التي تهدف إلى عزلها لفائدة إسرائيل وتحويلها إلى عراق آخر.

على ذكر العراق قال الأستاذ نعمة: “لقد هاجر أكثر من 2 مليون عراقي إلى سوريا بعد الغزو، وكلهم هربوا من المحتل الجديد وفضّلوا سوريا”.

من جهة أخرى، ذكر نعمة أن مجلس الأمن حاليا يشهد حربا ديبلوماسية لا مثيل لها؛ مما ثبّط التدخل العسكري في سوريا. الربيع العربي ـ حسب نعمة ـ هو حرب ضد العرب تبنّتها بلدان إقليمية بدعم غربي.

للإشارة، فإن ماجد نعمة مدير مجلة “إفريقيا ـ آسيا” المتخصصة في الشؤون السياسية والإعلامية والثقافية والاجتماعية.

المتدخلة الموالية كانت السيدة هيفاء زنڤانا من العراق، وهي أستاذة جامعية وصحفية بالغارديان، ومؤلفة لعدة كتب في السياسة والأدب.

أكدت المحاضرة بأن بلادها العراق أصبحت منسية كما لو أنها في أمان! الاحتلال ـ حسبها ـ لم ينته بعد، والأوضاع الحالية ما هي إلا امتداد لوجوده، فالعراق مربوط بالاتفاقية بعيدة المدى التي وقّعها في 2008مع الولايات المتحدة في عهد بوش الابن، وهي تشكل مستقبل العلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة، علما أنها بين طرفين غير متكافئين.

تشير السيدة هيفاء إلى أن الدولة العراقية فُكّكت سنة 2003، ودُمر جيشها، وهو تجسيد للمخطط النيوكولونيالي، لكنها أضافت أن الاستعمار الجديد اليوم يستعمل القوى الناعمة؛ أي التوسع والهيمنة دون التدخل العسكري المباشر.

هناك في العراق اليوم 5قواعد عسكرية، كما أن هناك مخططات للتفرقة والفساد وانتهاك حقوق الإنسان وتراجع التنمية، مؤكدة أنه منذ الاحتلال وحتى 2012، تم تسريب 65مليار دولار، حسبما أكده تقرير صندوق النقد الدولي.

ميزانية 2013بلغت 120مليون دولار، ومع ذلك فإن الفقر هو السائد في العراق. في العراق اليوم 3ملايين يتيم ومليون أرملة. وفي عراق اليوم لا توجد المدارس، حصة كل طفل ساعة تمدرس في اليوم، والبطالة بغلت 80بالمائة. هناك أيضا التكالب بين الأحزاب والعصابات والميليشيات، مما أثر على الحياة ككل، فعدد القتلى شهريا 900قتيل. لكن المحاضرة رأت في المقاومة والحراك الشعبي دورا مهمّا؛ حيث استطاعت إجبار أمريكا على التراجع ليس فقط في العراق وإنما في كل الوطن العربي.

المحاضر حسين بلالوفي من الجزائر، قدّم لمحة تاريخية عن الجزائر، خاصة منذ حرب التحرير، ليُسهب في الدور الذي لعبته الحركة الشعبية من خلال ديناميكيتها، يقول: “إن استقلال الجزائر قلّص من الكولونيالية الفرنسية والكولونيالية عموما عبر العالم”.

بعد الاستقلال بقيت الجزائر وفية لمبادئها التحررية، إلا أنها لم تسلم من مخططات الأمبريالية. ولضمان استقلالها فتحت الجزائر جدلا ديمقراطيا، خاصة مع المجتمع من خلال اتحاد الطلبة والنقابات والقوى الاجتماعية عموما.

خاضت الجزائر معركة التشييد ابتداء من التأميمات الكبرى، وتواصل البناء مدة 20سنة، بعدها عادت مظاهر البرجوازية المحلية، وتغلغل الاقتصاد الخاص، لتتعزز هذه المظاهر الجديدة على مجتمعنا بعد الانفتاح في الثمانينيات. في هذه الأثناء تراجعت المنظومة الشعبية المناهضة للأمبريالية.

تأزمت الأوضاع بعد أحداث 5أكتوبر، ثم العشرية السوداء، مما أضعف الجزائر وأضعف النظام المناهض للأمبريالية.

المتدخل حسين دعا إلى إعادة بعث الحركات الشعبية وتدعيمها بالتكوين، وهذا ما سيساهم في تدعيم الدولة عندما تتخذ قرارات شجاعة، مثل استرجاع الحجار، وفتح منجم الفحم بالجنوب الغربي، ومواقف الدولة من الصحراء الغربية، وقضية سوريا ورفضها القواعد العسكرية وغيرها، وكلها مواقف لا بد أن تثمَّن شعبيا.

الأستاذ ممدوح حبشي من مصر أعطى رؤية شاملة عن المتغيرات في بلده بعد الربيع العربي، الذي هو، حسبه، مندرج في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد.. مؤكدا أن الأوضاع لم تتحسن بعد خاصة الاقتصادية، كما أن ثورة 25 يناير استُغلت لغير فائدة الثوار.

علّق على الندوة الأستاذ سمير أمين، الذي أشار إلى أن التغيرات الحاصلة مرتبطة في كثير من الأحيان بقوى أمبريالية، هدفها تدمير الاستقرار وتفكيك المجتمعات العربية.