واسيني الأعرج يستقبل "حيزية" في 2023

بحث مشروع في تفاصيل مقتل "لالة لريام"

بحث مشروع في تفاصيل مقتل "لالة لريام"
  • القراءات: 743
مريم. ن مريم. ن

وعد الروائي واسيني الأعرج قراءه مؤخرا، بأن "حيزية تعود إلى الحياة في سنة 2023"، مؤكدا أنه التقى صدفة بسيدة أولاد نايل، أنثى السحر والحب الكبير، والقدر القاسي حيزية، وبدأ سنته الجديدة برفقتها، وسط عالم أسطوري ساحر.

أشار واسيني في منشوره على "الفايسبوك"، أنه في كل مرة يكبر يقينه بأن الرواية ليست فقط توغلا في المخيال، لكنها رحلة بحث وشغف في عمق الحياة الخبيئة في ظلمة الوهم. ويقول "عدت من سفرات كثيرة، آخرها الجلفة، أرض النايليين، وورقلة وقبلها بسكرة وسيدي خالد والدوسن، ممتلئا بسؤال ثقيل: هل ماتت حيزية بسبب مرض ما، هل انتحرت، أم قتلت لسبب قبلي ما أو غيرة؟ هل سممت حقيقة بسم يدعى: توتيا ، وهل سممتها امرأة تدعى فاطنة بنت ناصر في منطقة أمدوكال؟ لماذا؟ من كلفها بذلك؟ قبل أن تظهر علامات الموت الأولى في "المخراف"، قبل أن تموت في "أهريمك"، ليس بعيدا عن سيدي خالد حيث دفنت".

يضيف واسيني "نحن أمام حالة إشكالية، ظاهرة أسطورية ، تلونت كثيرا عبر الأزمنة والرواة، وقد قيل الكثير عنها، منذ أكثر من سنة وأنا في عمق الحدث أتبصره. وأبحث فيما قيل عنها بهدوء كبير، وأتذكر أني كتبت مقالة عنها في السبعينيات في جريدة "الجمهورية"، ذكرني بها السيد حرز الله الذي التقينا به في سيدي خالد، فاندهشت من ذاكرته وكنت برفقة الدكتور محمد تحريشي من جامعة بشار، والدكتور محمد لمين البحري من جامعة بسكرة، فيها شيء من حيرتي وأنا لم أتخط العشرين سنة".

أكد واسيني أنه اكتشف وهو يقتفي خطى حيزية، أشياء غريبة تحتاج إلى إعادة قراءة، منها الحب العذري المقدس في القصيدة، وكأن الحب العادي الذي يمس الروح والجسد محرم، وقد قيل في الحب العذري نقديا الكثير، لدرجة أن الغي من القاموس النقدي العربي، لأن الظروف المحيطة والنظام القبلي كانا يمنعان الاتصال، وهو ما منع الاعتراف مثل اللقاءات الطبيعية، لكنها كانت تتم سريا. يبين الكاتب أنه لما يعود إلى قصيدة ابن قيطون، يجد أن اللقاءات كانت متوفرة بين الشخصيتين، ومن يقرأ القصيدة بقليل من التمعن، سيكتشف ذلك بلا تعب، ولمن يشك من زملائه الجامعيين وغيرهم من الذين قالوا عن قصيدة ابن قيطون إنها عذرية، يضع واسيني الأعرج بين أيديهم هذه الأبيات بسرعة:

صدرك مثل الرخـــــــام فيه اثنين توأم            من تفـــــــــاح السقام مسوه يديـــــــا....

بيدي درت الوشــام في صدر أم حــزام            مختـم تختام في زنود طوايــــــــــــا

ازرق عنق الحمام ما فيهشي تلــــــطام            مقدود بــــلا قلام من شغل يديــــــــــا

درتــــه بين النهود نــــزلتـــــه مقــدود             فوق سرار الزنود حطيت سمــايــــــا

يقول واسيني، إن أغلب الذين أنشدوا القصيد قديما وحديثا: خليفي أحمد، عمر البار، الشيخ عبابسة، درياسة، ونعيمة وفلة، الشاب جلال، الشاب فيصل وعيشة، كلهم نزعوا هذه المقاطع أو حوروها باستثناء خليفي أحمد، لأنه كان مرافقا لخاله المداح الحاج بن خليفة، الذي سجل أغنية "حيزية" في 1933 في تونس، ولم ينقص منها أي بيت، وخليفي أحمد سار في نفس المسار، لهذا دعا واسيني في بعض الحوارات إلى إخراج حيزية من النظم الأخلاقية، التي قد تقتل الشخصية ولا تدفع بالمخيال الأدبي المرتكز على التاريخ، إلى أقاصيه.

الكثير من الأكادميين (باستثناء أسماء بحثت بحق) أفسدوا ليس القصيدة فقط، ولكن أيضا قراءتها، إذ فرضوا نظاما تأويليا مسبقا، وصنعوه كقناة للقراء، ربما ليس هذا مكان التفصيل ـ حسب الكاتب- لكنه بصدد ذلك في بحث موسع. الفرق بين الروائي والمؤرخ أو حتى الناقد، يفصل واسيني هو أن الثاني يغرق في الفرضيات والعموميات، واستعادة ما قيل لدرجة الملل، ولروائي يبحث عن المادة المدفونة من قرون، والتفاصيل الصغيرة غير الظاهرة للعيان، وإلا سيخسر مشروعه.

يقول واسيني "علينا أن نبحث عن أسباب أخرى أكثر إقناعا روائيا وتاريخيا وأدبيا، الشاعر لا يتحدث عن مرض، ولكن عن موت فجائي؟ ماذا يعني هذا؟ نحتاج إلى عقل شرطة مباحث قليلا وتحريات، في هذا الموت الغريب رائحة القتل، ودفنت بعدها وانتهى الأمر، والغريب أن الموت حدث مع العودة من الشمال، وقريبا من مقبرة الدواودة، في سيدي خالد، ولم يحدث مثلا في بازر الصخرة في العلمة، حيث كانت القبيلة مصيفة هناك في رحلتي الشتاء والصيف. وكأن الأمر دبر بليل مثلا؟ مصادر عديدة منها المرحوم بلقاسم سعدالله في القاهرة، وعزالدين المناصرة في عمان، وفي بسكرة من بلقاسم مسروق أيضا، وفي المقبرة نفسها، اعتمادا على ما رواه بعض العارفين، ومنهم الأستاذ حرز الله ابن المنطقة، والقريبين من حيزية عائليا. الفرضية لا غرابة فيها، لهذا قلت؛ يجب إزالة الغطاء الأخلاقي والبحث في الموضوع بحب كبير في الموضوع نفسه، حيزية علامة عظيمة في تراثنا الإنساني، ­­­­ يجب قتل أوديب مرة أخرى، لأنه تزوج بأمه وهو لا يعرف؟ موضوع فك لغز حيزية واسع، مثل الدمى الروسية التي كلما فتحنا واحدة، وجدنا داخلها أخرى. وهو ما قمت به مع مي زيادة قبل كتابة رواية "ليالي إيزيس كوبيا". الكتابة رحلة في المبهم والمخيف والمزالق. امتلاك ساحة المخيال أمر جدير بالاهتمام، خصوصا بالنسبة للرواية التاريخية".