محمد علي إسماعيل مدير الأرشيف بالتلفزيون الجزائري:

بجعبتنا 270 ألف برنامج وغايتنا الرقمنة والترميم

بجعبتنا 270 ألف برنامج  وغايتنا الرقمنة والترميم
  • القراءات: 490
مريم. ن مريم. ن

يُعتبر السيد محمد علي إسماعيل، المسؤول الأول عن الأرشيف في التلفزيون العمومي الجزائري. يلتزم بمهمته الثقيلة في حفظ هذه الذاكرة التي لا تقدر بثمن. التقته "المساء" بمقر المديرية، ليحدثها عن واقع وحالة الأرشيف، وارتفاع سقف الاهتمام به مع مسائل أخرى، متعلقة بالحفظ والترميم والاستغلال وغيرها.

** كيف هو الإقبال على مديرية الأرشيف، خاصة في هذه الفترة التي تشهد احتفالات ستينية الاستقلال؟

* انطلقت التحضيرات منذ أربعة أشهر تقريبا، ونحن نعمل، خاصة، في ما يتعلق بالإنتاج الوثائقي الذي له بعد أرشيفي، فمثلا يطلب منا أصحاب هذه الوثائقيات أرشيفا عن فرحات عباس أو مصالي الحاج أو اتفاقيات إيفيان، وكل ذلك طبعا يتطلب وقتا لجمع المادة الأرشيفية. كما إن التحضير للستينية بشكل عام، انطلق منذ سنة، علما أن كل مديريات التلفزيون معنية به.. وهناك طبعا أفلام ومسلسلات ووثائقيات وملتقيات وغيرها.

**  وماذا عن تلبية الطلبات المتعلقة بالأرشيف؟

*  عندنا أرشيف مخزن في أشرطة كاسيت، وهي قديمة. نعيد تسجيلها ونقلها في أشرطة جديدة لإعادة استغلالها، وجعلها في متناول الباحثين والمخرجين والمنتجين والإعلاميين. فبعد أن يقوم كل واحد منهم بتقديم طلب الحصول على ما يريده من لقطات أرشيفية، نعمل طيلة اليوم أو ربما أكثر، في البحث عنها. وحين يتعذر علينا ذلك واختصارا للوقت، نقوم بالاتصال بقدماء العاملين في الأرشيف الذين يتذكرون المطلوب.. والحقيقة أن هناك مادة أرشيفية غير معالجة وغير معاينة وليست في قاعدة البيانات، وبالتالي نجد صعوبة في البحث عنها، لتكون وجهتنا قدماء الأرشيفيين لنجدها.

أرشيف التلفزيون السمعي ـ البصري ثري، ويحتفظ بذاكرة الجزائر. ويمتد الأرشيف إلى ما قبل سنة 1962، وهو ملك للجزائر (بلد المنشأ) رغم أن الكثير من المضامين الخاصة بتلك الفترة، تحمل أثر الدعاية الاستعمارية.

وعموما، فإن ما يملكه التلفزيون الجزائري من أرشيف، مهول، ولا يوجد في جهات أخرى. لدينا، مثلا، النشرات المصورة والأفلام والحصص والسهرات الفنية وغيرها كثير. وهناك، أيضا، جانب الشخصيات، منها الدولية كشخصية الزعيم شي غيفارا، فعندنا صور وتسجيلات له في الجزائر لا توجد في أي مكان بالعالم، وكذلك الحال، مثلا، بالنسبة لكارلوس وغيره.

** وهل تبيعون حقوق استغلال هذه المادة الأرشيفية؟

* طبعا، إذ إن المنتج الجزائري نفسه يقتني هذا الأرشيف بمقابل مالي إلا في حال إنتاجه فيلما ضمن إطار مؤسسة التلفزيون الجزائري. كما إن هناك حقوق الاستغلال والبحث التي لها مدتها (سنوات) مع قنوات أو جهات أجنبية، وفق تسعيرة متفق عليها مسبقا.. فيما سبق كنا نقدم هذه المادة الأرشيفية بالمجان، خاصة بالجزائر، لكن الحال غير ذلك اليوم.

** ما يلاحظ اليوم هو الفوضى في استغلال الأرشيف الذي أصبح يبث بدون ضابط هنا وهناك، ما تعليقكم؟

* فوضى استغلال الأرشيف تتجلى في القنوات الخاصة وعلى اليوتيوب. ويظهر أرشيف مؤسستنا على الشاشات بـ "لوغو" التلفزيون العمومي، وهو سطو مباشر يضر بمؤسستنا، وبالجزائر، علما أن العدالة أنصفتنا، لكن هناك عوائق أخرى ماتزال تنتظر.

** ما هو حجم أرشيف مؤسسة التلفزيون الجزائري؟

* يبلغ الحجم التلفزيوني 250 ألف برنامج أرشيف (خاص بـ 9 قنوات). وفي السنة الواحدة يدخل الأرشيف بين 2 و3 آلاف برنامج جديد، لكن تبقى هناك صعوبة المواكبة والمعاينة والمعالجة والبحث الأرشيفي. وأحيانا تنتظر الطلبات المقدمة لنا، 24 أو 48 ساعة لنلبيها.

** ماذا عن الرقمنة والترميم؟

* أرشيف الستينات وحتى الثمانينات يشهد بعض التدهور نتيجة عوامل عدة، منها الزمن والرطوبة وشروط الحفظ. زد على ذلك، نوعية الكاسيت التي كانت سائدة من قبل، وهي غير مساعدة على الحفظ، وهذا ما يلاحظ حتى عند الخواص، الذين يسجلون، مثلا، مناسباتهم الاجتماعية، فيقفون على التلف الذي تحدثه. ونسعى لإنقاذها ورقمنتها رغم أن وسائل صيانتها وقراءتها نفدت من العالم، وانتهى زمانها ومنتجوها. ونقوم بتحويل مضمون الكاسيت على الموزع الرقمي. أما في ما يتعلق بالأسطوانات فالكليشيهات ذات 35 ملم، سهلة الترميم أكثر من ذات 16 ملم، التي تعد من التراث الأرشيفي القديم.. ورغم ما ذكر تبقى الرقمنة هي الحل لحفظ الأرشيف ولسهولة استغلاله، وليت كل أرشيفنا يرقمن.

** ما هي الجهات التي تتعامل معها مديرية الأرشيف؟ وما هي المقاييس المعتمدة؟

* كما سبق، هناك ضوابط لذلك، منها التقدم بطلب من المديرية، عن المادة المراد استغلالها، وكذلك دفع مقابل مالي كحقوق لهذا الاستغلال. وأحيانا أخرى تستقبل المديرية مخرجين مختصين في الأرشيف، علما أنهم قلائل، ويبنون أفكار أعمالهم الوثائقية انطلاقا من الأرشيف. وقد كانت هذه الأعمال تلقى نجاحا منقطع النظير، منها، مثلا، "أحداث وأحداث" الذي يتجاوز 60 حلقة، وكذلك "كم أحبكم!" للراحل عز الدين مدور. وفي بعض الأحيان، نقترح على المنتجين والمخرجين والإعلاميين ما عندنا من مادة، ليقرروا، بعدها، ما سينجزونه.

وعموما، فإن أغلب الوافدين يفضلون الصورة الواضحة، وذات النوعية الجيدة. وزارة المجاهدين، مثلا، طلبت منا الشهادات الحية الخاصة بالثورة، لتستغل في البحث والتأريخ. ونقترح، أيضا، برامج ليبثها التلفزيون الجزائري مباشرة، علما أن نافذة الأرشيف الجزائري، اليوم، هي قناة "الذاكرة". كما كانت سهرات رمضان الفارط، مثلا، مناسبة لعرض الأرشيف الغائب والمختفي منذ عقود.

** كيف هي علاقة الأرشيف التلفزيوني مع الجمهور خارج إطار الشاشة؟

* كنا، في ما مضى، ننظم أبوابا مفتوحة في الصنوبر البحري، خاصة في المعارض الدولية للكتاب، ونلتقي، مباشرة، الجمهور، الذي يكتشف عالم الأرشيف، ويطرح أفكاره ومطالبه.

** كلمة أخيرة

*  طموحنا هو رقمنة كل ما هو أرشيف مكتوب أو مصور أو إداري رسمي، وذلك لاستغلاله عبر مئات السنين. وكلما كان الأرشيف في مصنف كلما كان أفضل وأحسن من أن يبقى حبيس الكاسيت. وبعد الحماية يأتي الاستغلال من طرف الباحثين والموثقين بسهولة تامة، واختيار أفضل.