المبدعة حياة دريدح لـ"المساء":

بالعلم والتعلم نصل إلى أبعد الحدود

بالعلم والتعلم نصل إلى أبعد الحدود
المبدعة حياة دريدح
  • القراءات: 717
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تُعد حياة دريدح وجها نسائيا من عمق سكيكدة، استطاعت أن تجمع بين مهنتها كمختصة نفسانية، وبين الكتابة الإبداعية. التقتها "المساء" بدار الثقافة "محمد سراج"، وأجرت معها هذا الحوار.

من هي حياة دريدح؟

❊❊ بالمختصر المفيد، حياة دريدح صاحبة رسالة إنسانية. متحصلة على شهادة ماستر في علم النفس الإكلينيكي الصدامي من جامعة "20 أوت 1955" بسكيكدة، بالإضافة إلى امتلاكي شهادات أخرى، وهي شهادة مرشدة أسرية علاقات زوجية، ومرشدة تربوية مرحلة الطفولة والمراهقة، إلى جانب مؤلفة قصص علاجية وإرشادية لمشكلات الطفل النفسية والسلوكية المختلفة.

متى اقتحمت مجال الكتابة؟

❊❊ كانت بدايتي منذ عامين. وقد اكتشفت موهبتي بالصدفة عن طريق التواصل الاجتماعي حينما قرأت منشورا للرسام المعروف في مدينة القل زكريا دربيخ، يتيح لمن يملك موهبة في كتابة قصص للأطفال، إمكانية عرضها على صفحته. وبعد دردشة معه عرضت عليه بعض المواضيع التي تهم وتخص الطفل، فشجعني، ومنه كانت انطلاقتي، فكتبت في ظرف أسبوعين، قصتين بحماس، وهي "سامي الحساس"، و"جوجو ومشاعر الخوف".

لماذا انصبّ اهتمامك على كتابة القصص العلاجية؟

❊❊ انصب اهتمامي على كتابة القصص العلاجية؛ لأنني أعتبر نفسي، أولا، أخصائية نفسانية، ومرشدة، قبل أن أكون كاتبة، صاحبة رسالة إنسانية؛ لذا وظفت علمي ومعرفتي بالقلم، لمساعدة الآباء والأمهات، وإرشادهم في كيفية التعامل الصحيح مع مشكلات الطفل المختلفة؛ حتى نصنع طفلا وجيلا سويا نفسيا، قادرا على أن يكون خير خلَف لخير سلف، صالحا ومفيدا لمجتمعه ووطنه. ومن جهة أخرى أردت وضع بصمة كي أفيد المجتمع من خلال كتاباتي العلاجية.

وماذا تقصدين بالقصص العلاجية؟

❊❊ قصص علاجية بمعنى أنني أضع علاجا وحلا لمشكلة نفسية وسلوكية معيّنة قد يعاني منها الطفل، وقد تصادف الأمهات والآباء في رحلته التربوية، من خلال الكتابة الإبداعية.

لماذا انصب اهتمامك على مرحلة الطفولة في الكتابة؟

❊❊ ركزت على الاهتمام أكثر بمرحلة الطفولة؛ باعتبارها مرحلة مهمة وحساسة، وهي الأرضية التي يجب أن تكون صلبة للانتقال إلى المرحلة الموالية بأقل ضرر. ومن خلال الخبرة في العمل والدورات التدريبية التي قمت بها مع كبار الدكاترة في الجزائر والوطن العربي، وظفت المعلومات التي تحصلت عليها في كتابة هذا النوع من القصص بأسلوب شيق يستفيد منه القارئ، ويتفاعل معها بدون ملل.

لمن موجهة قصصك؟

❊❊ قصصي موجهة، بالدرجة الأولى، إلى الآباء والأمهات وكذا إلى الطفل القارئ؛ حتى تترسخ في ذهنه المهارات الأساسية للتربية السوية؛ لأن أطفال اليوم هم آباء وأمهات الغد، وحتى لا تُكرر أخطاء الأولياء في المستقبل.

ما هو الشعار الذي تتبنّينه في حياتك والذي يكون منطلق إبداعك؟

❊❊ الشعار الذي أتبناه في حياتي: "بالعلم والتعلم والقراءة نصل إلى أبعد الحدود" في أي مجال، وفي أي مشروع نقدم عليه؛ لذلك أقول لكل مرب ومربية: أبناؤكم أهم مشروع في حياتكم؛ اِقرأ، وتعلّم، وتدرَّب لتصل إلى كل اليسر في رحلتك التربوية؛ لأن التربية راحتي ومتعتي. والأكثر من ذلك فهي فن، وعلم، وتعلم، وصبر وجهد، واستعانة بالله سبحانه، واستمرار في العمل؛ حتى يكون زرعك صالحا.

هل أثر تخصصك على ميولاتك الإبداعية؟

❊❊ لا، لم يؤثر تخصصي على ميولاتي الإبداعية؛ على العكس، ساعدني تخصصي على كتابة القصص، بالخصوص، عن الصدمة النفسية التي تعترض الأطفال، وكيفية إيجاد الحلول العلاجية لذلك.

في رأيكم، هل الأخصائي النفساني شخص فضولي؟

❊❊ لا أعتقد ذلك؛ لأن طبيعة عمل الأخصائي النفساني هي التي تفرض عليه التحري بعمق في عدة جوانب في حياة العميل الذي يطلب المساعدة، بالإضافة إلى الاستعانة بوسائل أخرى مساعدة؛ كالاختبارات، والمقاييس، وغيرها؛ حتى يصل إلى تشخيص صحيح، ومنه وضع خطة للتدخل والعلاج.

إلى أي مدرسة نقدية تنتمين؟

❊❊ أنتمي إلى النقد الأكاديمي؛ باعتباري أخصائية نفسانية بالدرجة الأولى.

ماذا في رصيدك من أعمال إبداعية؟

❊❊ لي قصة أولى بعنوان "سامي الحساس"؛ من خلالها أردت أن يتعرف المربي والمربية على صفات الطفل عالي الحساسية، وهي سمة يحملها بعض الأطفال. وتتطلب ممن يربي هذا النوع من الأطفال، مهارات للتعامل معه؛ فهو يتميز عن الطفل العادي بمميزات إيجابية، ونقاط قوة، وهبات ربانية عديدة، وفي نفس الوقت يتجنب الوقوع في أخطاء تربوية، فتحوّل هذه السمة والقوة، إلى مشكلة وضعف. أما قصتي الثانية فتحمل عنوان "جوجو ومشاعر الخوف"، وهي في دار النشر، وقريبا ستكون جاهزة. وكان هدفي من كتابتها إرشاد وتوعية الآباء والأمهات بكيفية التعامل السوي مع مشكلة الخوف عند الطفل، وما هي الطرق التي يجب أن تُستخدم حتى لا يصبح الطفل ضحية تجارب أخرى مخيفة في المستقبل، وحتى لا يتحول الخوف الطبيعي الذي يعيشه خلال مراحل النمو، إلى خوف مرضي.

ما هي الشخصية الأدبية التي تأثرت بها؟

❊❊ الشخصية الأدبية التي تأثرت بها، الدكتور حسن المزين؛ فهو كاتب، وشاعر، ومدرب، وموسوعة علمية. أسلوبه في معالجة المشكلات رائع، ويعجبني.

ماذا تقولين عن المبادرات التي تطلقها العديد من المؤسسات والنوادي لتشجيع المبدعين الشباب، ومن ثم صقل مواهبهم؟

❊❊  من المؤكد أن كل مبادرة مشجعة للأدب وللمبدعين الشباب، ومهمة جدا، ولها ثمارها في المستقبل رغم وجود عقبات في بعض الأحيان، وهذا أمر طبيعي؛ فالنجاح لا يأتي من عدم وبسهولة، ثم إن للنوادي الثقافية والأدبية الموجودة في الجزائر، الأثر الإيجابي على الأديب الجزائري المبدع؛ فمن خلالها يمكن الكاتب أن يوضح أكثر رسالته وفكرته، وهدفه، والتعرف على الكاتب المبدع.

  ماذا تقولين عن أزمة المقروئية اليوم عند الشباب، خاصة الجامعيّين؟

❊❊ أزمة المقروئية، اليوم، عند الشباب خاصة الجامعيين أو بعض الفئات الأخرى من المجتمع، أرى، كأخصائية نفسانية، أنها ترجع إلى غياب القدوة؛ فإذا كان الآباء والأمهات لا يقرأون، فماذا تنتظر من الأبناء؟! الطفل الذي لا يقرأ غير كتب المدرسة من أجل الحصول على علامات، فقط، للانتقال؛ أي قراءة عامة، يعني أن هناك شرخا في التربية، ومع ذلك لا نُعمّم؛ فهناك من يقرأ ويتفاعل مع الكتاب. ومن خلال تجربتي في كتابة القصص العلاجية، لقيتْ هذه الكتب خلال تواجدي في معرض بالقل، إقبالا كبيرا من طرف الآباء والأمهات والأطفال؛ فالأمل مازال موجودا، وكل ما يحتاجه الآباء والأمهات التوعية بأهمية القراءة؛ كونها غذاء العقل، ولأنه، أيضا، جزء من تكامل شخصية الإنسان؛ لهذا أرى أن من الفائدة بما كان، أن يبرمج الآباء والأمهات روتينا يوميا مع أبنائهم إلى جانب التعليم النظامي؛ كقراءة إضافية لكتب قصصية تُقرأ قبل النوم. وأعتقد أن هذه العادة ستقرب المسافات بين الأبناء والآباء، وتقوي العلاقة بينهم، وتستشعر الطفل من خلاله بالحب والاهتمام والأمان...

  كمبدعة، كيف تنظرين إلى النقد؟

❊❊ النقد إذا كان إيجابيا يضيف للكتاب إضافات كبيرة من خلال توجيهه، ومن ثم تحسين مستواه، فعلى الرحب. أما إذا كان سلبيا للتقليل من الشخص ومن عزيمته؛ فلا داعي لسماعه أصلا، مع مواصلة الرسالة، وخوض التجربة إلى النهاية.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

❊❊ مشاريعي القادمة، إن شاء الله، مواصلة كتابة هذا النوع من القصص. وكل آمالي أن يستفيد منها أكبر عدد من القراء في الجزائر، وحتى في الوطن العربي.

كلمة أخيرة

❊❊ شكرا ليومية "المساء"، التي أتاحت لي هذه الفرصة، وأعتبرها تشجيعا كبيرا سيمكنني من مواصلة طريق الكتابة، ومن ثم إنجاز قصص علاجية، تكون إضافة إلى الحقيبة الإبداعية بالجزائر.