ملفات جديدة لإدراجها ضمن التراث العالمي للإنسانية

اهتمام خاص بحماية وترقية التراث الوطني غير المادي

اهتمام خاص بحماية وترقية التراث الوطني غير المادي
  • القراءات: 524
م. ي م. ي

تولي الجزائر التي تعد أول بلد يصادق على اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، سنة 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي، اهتماما خاصا بالمحافظة على تراثها وفرضت نفسها كنقطة محورية إفريقية ومرجعا في مجال الخبرة العلمية لما تتوفر عليه من مراكز متخصصة للبحث، مكنتها من إدراج ثماني ممتلكات ثقافية جزائرية على قائمة تراث الإنسانية. تتضمن القائمة الأممية المرموقة، الاحتفالات الشعبية والدينية والمعارف والمهارات في مجال الطبخ واللباس والصناعات التقليدية والموسيقى وأدواتها التي تمثل الثقافة الجزائرية، فضلا عن الجهود المبذولة للحماية والتثمين على المستوى الوطني وقيمة مضافة أكيدة لوجهة الجزائر.

فقد استطاعت الجزائر، التي تحتفل هذه السنة بستينية استرجاع السيادة الوطنية، أن تدرج سنة 2008 أولى ممتلكاتها الثقافية والمتمثل في أهليل قورار، وهي شعر ينشد ويرقص على أنغامه خلال الحفلات الشعبية والأعياد الدينية في تلك المنطقة من الجنوب الجزائري. ودافع عن هذا الملف الباحث رشيد بليل، الخبير الذي عاد مرة أخرى في 2014 لتصنيف سبوع المولد النبوي" الذي يصادف اليوم السابع بعد يوم ميلاد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، يتوجه خلاله جموع الزوار ومنذ اليوم الأول للمولد، نحو قصور سيدي الحاج بلقاسم وتيميمون وماسين قبل أن يلتقوا في سابع يوم بزاوية سيدي الحاج بلقاسم أين تبلغ الإحتفالية ذروتها.

كما يتم على مستوى الجنوب الجزائري الكبير تنظيم احتفالات متجذرة، على غرار "السبيبة" الذي يتم الاحتفال بها كل سنة في واحة ولاية جانت، والذي تم تصنيفه هو الآخر ضمن قائمة التراث العالمي، بالإضافة إلى تظاهرة "ركب سيدي الشيخ" السنوية نسبة إلى سيدي عبد القادر بن محمد، المسمى اختصارا بـ "سيدي الشيخ"، وهو الملف الذي أشرف على إعداده بنجاح، الباحث أحمد بن نعوم سنة 2013.

وقدمت الجزائر سنة 2013، من أجل ترقية التراث المشترك مع بلدان الجوار، أول ملف متعدد الجنسية لإدراج المهارات والتقاليد المرتبطة بالايمزاد، الآلة الموسيقية العريقة ذات الوتر الواحد، والتي تتفرد بالعزف عليها وصناعتها، نساء الطوارق بكل من الجزائر ومالي والنيجر، وأشرف على تنسيق هذا العمل، المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان والتاريخ، مع العالم الانثروبولوجي، بادي ديدا.

كما تم في نفس الإطار، تصنيف طبق الكسكسي والمهارات والتقاليد المرتبطة بتحضيره باسم عديد بلدان شمال إفريقيا، وكذا فن الخط العربي والمعارف والكفاءات والمهارات التي تحظى بدعم ستة عشر دولة عربية منها الجزائر. وفي سجل اللباس التقليدي، تمثل المهارات الفنية والتقليدية المرتبطة بالزي التقليدي للزفاف التلمساني، والزي الجزائري أمام العالم منذ سنة 2012.

الجزائر مركز الأنثروبولوجيا الإفريقية

منذ سنة 2018 تحتضن الجزائر المركز الاقليمي لحماية التراث الثقافي غير المادي في إفريقيا، وهو مركز وضع تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم "يونيسكو" الذي يعد نقطة التقاء لجميع علماء الانثروبولوجيا الأفارقة وفضاء لتبادل المعارف، والذي تم إنشاؤه تجسيدا لتوصيات "إعلان الجزائر" الذي توج ملتقى الأنثروبولوجيا الإفريقية المنظم سنة 2009. وأوصى علماء الأنثروبولوجيا خلال المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني سنة 2009، بإنشاء هيئة دائمة تكون بمثابة مركز محوري للالتقاء وتبادل المعارف. وحظي طلب الجزائر بدعم خبراء منظمة اليونيسكو على أساس "الأهمية التراثية والسياسة العمومية والنصوص القانونية للحفاظ على التراث ووجود هيئات مختصة ومراكز خبرة وتوفر كما كبيرا من الخبراء والباحثين والأساتذة".

كما شهدت سنة 2022 التي حظي خلالها التراث الثقافي غير المادي باهتمام خاص، إيداع ملفين جديدين للتصنيف ضمن التراث العالمي للإنسانية، لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ويخص "موسيقى الراي" و"الحرف والمهارات المتعلقة بأشغال المعادن". وبادرت لجنة تضم خبراء وباحثين من المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان، بإثراء هذا الملف تحسبا لإيداعه أمام الدورة المقبلة للجنة الحكومية المشتركة لحماية التراث الثقافي غير المادي والتي ستعكف كذلك على دراسة الملف المتعلق بفنون مهارات وتقاليد النقش على النحاس والذهب والفضة، بالتنسيق مع جمهورية العراق ومشاركة بلدان مثل الجزائر وتونس ومصر وموريتانيا وفلسطين والمملكة العربية السعودية.