معرض "روح الجزائر" بقصر الداي
انطباعيات موقَّعة بألوان التراث

- 443

يحتضن قصر الداي بحسين داي إلى غاية مساء اليوم 19 أوت، معرضا تشكيليا للفنان هاني بن ساسي، في فسحة يتجول فيها الزوار عبر ربوع الجزائر القارة بمكونات طبيعتها الساحرة، وتراثها الغني. وما زاد في بهاء معرض "روح الجزائر" تنظيمه في معلَم تاريخي عريق بعمارته التحفة، وببساتينه الفيحاء بكل عطور الورد والياسمين.
وُضعت اللوحات في غرف القصر وأروقته التي لا تقل جمالا وفنا، وقد تلونت هذه الأعمال بأنوار وظلال الجزائر الممتدة من الساحل إلى التلال والمروج إلى الصحراء؛ في رحلة على بساط ساحر، يحط في كل مكان، عابرا التضاريس والمدن.
اِلتزام بالمدرسة الانطباعية
التزم الفنان هاني بالأسلوب الانطباعي الذي اختاره لكل لوحاته دون استثناء، لتحمل رؤيته وإحساسه ومدى تقديره لهذه الكنوز الربانية التي وهبها الله بلادَنا، مع وقفات عند التراث الذي لا ينضب؛ فهو منتشر في كل بقعة تطؤها قدم الزائر، ليكتشف معها الهوية، والتاريخ المرتبط دوما بهذه الأرض، وبترابها الغالي.
وتحدّث الفنان بن ساسي هاني إلى "المساء" قائلا :"بقيت ملتزما في هذا المعرض، بمضمون التراث، وسميته "روح الجزائر" لأنه يمثل مناطق شتى من بلادنا العزيزة. وكل لوحة خصصتها لمنطقة بعينها كنت زرتها في ما مضى؛ منها مثلا مناطق الصحراء، وفي التل، وغيرها من المناطق. ومن ضمن ما عرضت لوحة عن منطقة القبائل فيها نسوة يحملن الجرار بلباسهن التقليدي المزركش الجميل. وأخرى عن بسكرة وما فيها من وديان وواحات ساحرة، وكذا لوحة عن تمنطيط كمنطقة سياحية معروفة بولاية أدرار، دون نسيان القصبة طبعا، ملهمة كل فنان. واخترت بعض المعالم بداية من ساحة الشهداء، وجامع كتشاوة".
وعن الأسلوب الذي اعتمده في معرضه قال: "اخترت عبر 17 لوحة في معرضي، الأسلوب الانطباعي كعادتي؛ فأنا أفضّله. وأرى بكل تواضع، أن على أيّ فنان تشكيلي البحث عن الأسلوب الفني الذي يلائم موهبته وإحساسه، وبالتالي يستطيع أن يبدع فيه، وذلك، طبعا، لا يتأتى بين ليلة وضحاها. وباختصار، إنه أسلوب يراعي أكثر من غيره، الألوان، عكس الأسلوب الكلاسيكي مثلا، الذي ينقل الألوان كما هي في الطبيعة دون زيادة أو نقصان، فالانطباعي يرى الألوان أكثر من العادي المشاهد، إذ إن الأضواء والظلال كثيرا ما تعكس ألوانا قد لا تنتبه العين لها. وبالنسبة للألوان، فهي مرتبطة بدورها، بالمدرسة الانطباعية، المعروفة بغنى الألوان".
"سعيد بإقامة معرضي في هذا المَعلم"
سألته "المساء" أيضا عن إحساسه وهو يعرض في هذا المعلم التاريخي؛ أي قصر الداي حسين، فردّ: " سعيد بإقامة معرضي في هذا القصر؛ لأنه جزء من تراثنا الوطني، ويمثل التاريخ، وبالتالي هويتنا، وقصر الداي يتماشى ومضمون معرضي "روح الجزائر"، علما أن مثل هذه الفعاليات هي تثمين للمعلم، وللتراث، ولتاريخ هذا القصر، وما كان فيه من أحداث وحياة ".
وعند الوقوف أمام اللوحات يكاد الزائر يسمع رقرقة الماء المنبعث من الوديان والسواقي الصافية التي تريح بصوتها "البال والخاطر" . ويتمنى أن يمد كفيه ليشرب من وديان القنطرة ببسكرة، أو من جدول يعبر واحة النخيل أو منبعا من جبال جرجرة. نفس الإحساس يعود مع سكينة الكون، خاصة مع ضياء القمر أو خلال تلاطم الأمواج في تناغم.
ودائما في موضوع الانطباعية قال التشكيلي إن رسم البحر يبدو حيا متحركا. وتبدو اللوحة أكثر وضوحا عن بعد. وتبرز فيها أيضا، معالم، وخطوط، وبصمات الريشة. كذلك الحال مع إيقاع اليوميات الجزائرية عبر أزقة القصبة، أو في "تمنطيط أدرار" ، وفي "الدشرة" ، وغيرها من الأماكن التي يستقر فيها عبق التاريخ، والذكريات المنسوجة بخصوصية التراث، وما فيه من عادات وتقاليد. للإشارة، فإن الفنان هاني بن ساسي من مواليد 1989 بالعاصمة.
عصامي متخرج من جامعة باب الزوار، اختصاص علوم البيئة والمحيط البحري. شارك في العديد من المعارض الوطنية. وله عدة معارض فردية، إضافة إلى مشاركاته الكثيرة بالخارج، منها في أيام قرطاج للفن المعاصر في 2023، وفي الملتقى الدولي للشباب بنابل بتونس، ومعرض أنقرة الدولي بتركيا وغيرها.