التراث المغمور في عمق البحر بالجزائر

امتداد لبعد الأمة الجزائرية التاريخي

امتداد لبعد الأمة الجزائرية التاريخي
  • القراءات: 1187
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

يعدّ التراث المغمور في عمق البحر جزءا لا يتجزأ من التراث الشعبي الوطني الجزائري، نظرا لعلاقته الوطيدة بالآثار الموجودة على اليابسة من جهة، ومن جهة أخرى يعكس الامتداد التاريخي للأمة الجزائرية المتجذرة في عمق كيان الوطن. "المساء" تحدثت على هامش فعاليات أسبوع التراث الثقافي البحري الذي احتضنته مؤخرا دار الثقافة "محمد سراج" بسكيكدة مع بعض المختصين في الموضوع.

بلعودة نجيب (ملحق بالحفظ في المتحف البحري قسم الآثار المغمور بالمياه والبحث): السعي إلى جرد كل تلك المعالم والمكنوزات

يعتبر السيد بلعودة نجيب أنّ المتحف العمومي البحري بالجزائر يلعب دورا كبيرا فيما يخصّ  تثمين الموروث الثقافي البحري المتمثّل في المنقول من أسلحة وغيرها، وفي غير المنقول بصفة عامة من أبراج ومنارات وغيرها، ومنه -كما أضاف - السعي من أجل جرد كلّ تلك المعالم والمكنوزات المتواجدة في عمق البحر وأرشفتها حتى يتسنى وضعها في متناول الدارسين والباحثين المختصين، وهذا طبعا بعد انتشالها من عمق البحر.

وشدد المتحدث على الدور الكبير الذي يجب أن يلعبه المسؤولون من خلال إعطاء قيمة لهذا الموروث البحري، بتحسيس هواة ومحترفي الغطس وإيلاء أهمية لتلك الكنوز المغمورة في عمق البحر، وفيما يخص إمكانية استخراج تلك الآثار المغمورة في عمق البحر، أشار إلى أنّ ذلك يتطلّب إمكانات وتقنيات ووسائل جدّ متطوّرة، لأنّ علم الآثار الغارق علم كبير وعملية استخراجه تختلف عن عملية استخراج الآثار الموجودة على اليابسة، إلاّ أنّ الجهود تبذل من أجل حماية كلّ الكنوز المتواجدة في عمق البحر.

ابن سعيداني يوسف (ملحق بالحفظ في المتحف البحري قسم الآثار المغمور في المياه والبحث): يستحيل الإلمام بكل الآثار الغارقة في البحر

من جهته، أكد السيد ابن سعيداني بأنّه يستحيل الإلمام بكل الآثار الغارقة في البحر الذي يزخر ببقايا أثرية كثيرة ما تزال مطمورة في عمقه، من حطام، سفن وبقايا مدافع وبقايا موانئ وغيرها، بسبب حداثة علم الآثار الغارقة، بالرغم -كما أضاف- من العمليات العديدة التي تمت على مستوى الجزائر بداية من سنة 1968 إلى غاية 2004، حيث قامت وزارة الثقافة بالتنسيق مع المركز الوطني للبحث في علم الآثار بتنظيم ورشة تكوينية لغطاسين جزائريين، بالضبط على مستوى منطقة "تمنفوست".

وأضاف بأنّ الجزائر على غرار كلّ الدول، تسعى إلى الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الذي يمثّل هوية الشعب، من خلال جملة من التشريعات القانونية، منها نص المادة 50 من قانون حماية التراث الأثري 04 /98 وما تضمنته من عقوبات تنجم عن إخفاء أو عدم التبليغ عن أي مكتشف أثري سواء تحت البحر أو فوقه، لاسيما منها المادة 95 التي تقضي بالحبس لمدة عامين إلى 05 سنوات أو بغرامة مالية أو بإحدى العقوبتين فقط في حالة ما إذا تم الإخفاء أو السرقة.

علالي مصطفى (ملحق بالحفظ في المتحف العمومي الوطني البحري): المدفعية الجزائرية لعبت دورا في صدّ الحملات العسكرية 

فيما يخص الدور الكبير الذي لعبته المدفعية الجزائرية في تاريخ البحرية الجزائرية، أكّد السيد مصطفى علالي على الملاحم البطولية التي صنعتها المدفعية الجزائري منذ العهد العثماني خلال ثلاثة قرون، مضيفا أنّ العثمانيين هم من طوّروا المدافع كما ونوعا، ودليله في ذلك الأسطول الجزائري الذي كان يصول ويجول في البحر الأبيض المتوسط بسفن كلّها مزوّدة بمدافع صنعت الفارق، مؤكّدا على أهمية رد الاعتبار لتلك المعالم باعتبارها تمثّل تراثا ثقافيا بحريا ماديا.

وفيما يخص مدفع "بابا مرزوق" الذي كان منصوبا في قلعة الجزائر، حيث يقدر حجمه بـ07 أمتار وقذائفه تصل إلى حوالي 4 كلم، فقد اعتبره مدفعا أسطوريا له أكثر من دلالة ورمزية في تاريخ الجزائر، إذ بفضله تم صد كل الحملات العسكرية الفرنسية، كما تمّ قذف القنصل الفرنسي بعد أن وضع بداخله، لهذا فالفرنسيون لما احتلوا الجزائر قاموا بمصادرة المدفع بعد أن اعتبروه رمزا لنكسة الجزائر، لذا كما قال؛ وضعوا فوقه الديك الفرنسي، مشيرا للجهود التي تبذل على أكثر من مستوى بهدف استرجاعه لأنه يمثل جزءا من تراثنا.