رغم أنه مصنف كتراث وطني

النزل البلدي لسكيكدة يستنجد، فهل من منقذ؟

النزل البلدي لسكيكدة يستنجد، فهل من منقذ؟
  • القراءات: 1072
❊ بوجمعة ذيب ❊ بوجمعة ذيب

يوجد النزل البلدي لمدينة سكيكدة، الذي صنفته اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية لوزارة الثقافة كتراث وطني محمي، يتواجد ضمن ما يعرف بمجمع مونطالو الذي يضم كذلك البنك المركزي، والمركز البريدي وما يحيط بهم من حدائق وتماثيل وغيرها، في وضع لا يحسد عليه، بسبب التدهور الواضح الذي أضحت عليه جدرانه الداخلية، بفعل الرطوبة التي فعلت فعلها.

ما زاد الطين بلة، فوضوية الأشغال التي تخضع لها الجدران الداخلية للنزل البلدي بسكيكدة، من حين لآخر، خاصة عند وضع وتثبيت المكيفات الهوائية من قبل أشخاص غير مؤهلين، مما زاد في تشويه منظر هذا الصرح الثقافي النادر، ناهيك عن بعض الأشغال التي مست دورية المياه التي أعيدت تهيئتها بطريقة غير منسجمة مع البناية، لاسيما سوء اختيار القطع الخزفية المثبتة على مستواها.

المؤلم ـ كما وقفت المساء عليه ـ تلك الخردة من الطاولات القديمة والكراسي التي وضعت في إحدى أجنحة النزل على مستوى السلالم، وهو ما زاد في تشويه المكان الذي أفرغ من محتواه، بغض النظر عن بعض الترميمات التي أُجرِيت بطريقة تفتقر لمسحة فنية، منها عملية طلاء الواجهة الخارجية للبناية، التي تمت بشكل عشوائي، بما فيها الصومعة، كما يفتقد لمسحة فنية جمالية، أما الفضاءات المخصصة للأزهار، فتحتاج لعناية أكثر وأفضل.

فيما يخص النادي المتواجد بالنزل البلدي على مقربة من قاعته الشرفية، أصبح يعيش وضعا مزريا للغاية، دون الحديث عن الطاولات والكراسي التي فقدت بريقها أيضا، ووضع دورية المياه الملحقة به، ناهيك عن الغبار الذي أصبح يغطي بعض الألواح الفنية المتواجدة به، نفس الشيء تقريبا بالنسبة لقاعة المداولات التي فقدت بدورها لمستها الفنية، ومنه هيبتها.

التماثيل البرونزية المتواجدة عند مخرج النزل، طالها الإهمال أيضا، بما في ذلك النافورة، ليبقى دور وزارة الثقافة عن طريق مديريتها الولائية، أكثر من ضروري من أجل التدخل لإنقاذ هذا الصرح المصنف، الذي يعد تحفة معمارية في غاية الجمال، امتزج فيها الطابع الهندسي الإسلامي الموريسكي بالأوروبي، ناهيك عن الألوان والفسيفساء النادرة والنقوش الخشبية والزخارف الزجاجية التي تزينه.

دق بعض العارفين المهتمين بمثل هذه الهياكل والبنايات التراثية ناقوس الخطر، بما فيها مهندسون وتقنيون ومواطنون تحدثت معهم المساء، في حال بقاء النزل البلدي على حاله دون تدخل الجهات المختصة، خصوصا بعد التدهور الذي مسه، ناهيك عن عمليات البريكولاجالتي تطاله من حين إلى آخر،من قبل أشخاص غيرمؤهلين.

للإشارة، سبق أن خصصت بلدية سكيكدة سنة 2014، ميزانية تبلغ قيمتها حوالي 20 مليار سنتيم، من أجل القيام بأشغال إعادة ترميم النزل البلدي بسكيكدة، لكن ومنذ ذلك الحين، بقي الوضع على حاله، لينتظر النزل البلدي تدخلا عاجلا من الجهة المختصة، على الأقل لتحويل كل المصالح الإدارية المتواجدة به إلى خارجه، مع الإبقاء فقط على مكتب المير وأمانته وإنقاذه.

ألواح فنية نادرة معرضة للتلف

إذا كان هذا حال البناية التي بدأت تتأثر بفعل الزمن والعوامل الطبيعية الأخرى، فإن اللوحات الفنية النادرة التي يحتويها، والمقدر عددها بأكثر من 50 لوحة فنية أنجزت بأنامل فنانين عالميين كبار، أسماؤهم مدوية في عالم الفنون التشكيلية، وأغلبها لا تقدر قيمتها بأي ثمن، فإن عوامل الزمن والرطوبة أصابتها هي الأخرى، خصوصا أنها لم تخضع منذ فترة طويلة لأية معالجة وصيانة وحفظ من التلف، كما هو معمول به عالميا، وحسب المختصين، فإن بقاء هذه الأخيرة على وضعها قد يعرضها للتلف الحقيقي، ومن ثمة تفقد سكيكدة كنزا فنيا تراثيا حقيقيا، كان يجدر استغلاله للترويج السياحي والثقافي بالمنطقة، لكن كما يقولون لمن تقرأ زبورك يا داوود؟”.

قطع أثرية ونعوش رومانية في وضع كارثي

المحزن في الأمر أيضا، كما وقفت عليه المساء، الوضع الكارثي لبعض الآثار المتواجدة على بعد أمتار فقط من مقر البلدية، عند ساحة المتحف البلدي بمحاذاة المركز الثقافي البلدي شبلي أحسن، وعلى بعد أمتار فقط من مقر مديرية المجاهدين، حيث تحولت بعض النعوش الرخامية التي تعود إلى الحقبة الرومانية، إلى أماكن لرمي النفايات المختلفة، بما فيها قنينات الجعة وبقايا النفايات المنزلية.

أما التماثيل، فحالها يبعث على الشفقة بفعل الإهمال الذي طالها، فلا مديرية الثقافة بمصالحها المختصة ولا مصالح بلدية سكيكدة تدخلت، بما فيها القائمون على المتحف البلدي، ومسؤولو المركز الثقافي البلدي شبلي أحسن، والمحير في الأمر أن بعض الجمعيات المتواجد مقرها في البناية، وعلى مقربة من تلك القطع الأثرية، لم تتحرك لتنظيف المكان، كأن الأمر لا يهما.

لولا تدخل بعض شباب سكيكدة، لهول ما رأوه، من أجل تنظيف المكان، خاصة تنقية القبور الرومانية من الأوساخ والنفايات، وتنظيف المحيط الذي تتواجد فيه، لظل الوضع على ما هو عليه، والسؤال الآخر الذي يبقى يفرض نفسه بإلحاح؛  أين هي الجهات المختصة التي يبدو أنها غائبة كل الغياب، ومن هو المسؤول عن هذا الوضع؟”.