"ناكر لحسان" بمهرجان مستغانم

"الموجة".."45-60"

"الموجة".."45-60"
  • القراءات: 878
ن. ج ن. ج

قدمت تعاونية "مسرح القليعة" بدار الثقافة "ولد عبد الرحمن كاكي" في مستغانم، آخر ما أنتجته ركحيا بعنوان "ناكر لحسان"، لمؤلفها ومخرجها يوسف تعوينت، فيما قدمت الجمعية الثقافية "الموجة" عرضها المسرحي الجديد بعنوان "45-60"، المستوحى من نص العميد كاكي "إفريقيا قبل العام واحد"، وإخراج طويل عادل، ضمن منافسة اليوم الثالث من عمر المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم. 

"ناكر لحسان" هي كوميديا-مأساوية تتحدث عن الفوارق التي يعيشها الفنان بين أفكاره وأحلامه والواقع المؤلم، الذي يتخبط فيه وسط صراعات المصالح وقلة التقدير، وقد ظهر جليا استلهام المخرج تعوينت فكرة نصه المسرحي، من عرض "أغنية البجع" للكاتب المسرحي الروسي أنطون بافلوفيتش تشيخوف (1860-1904).

تروي مسرحية "ناكر لحسان" طيلة 60 دقيقة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، قصة "اللوز" (الممثل كامل قاسمي) شاعر وكاتب مسرحي ومخرج قليل الحظ، بلا مأوى، يعاني البطالة والتهميش من شقيقه الانتهازي والمتسلط، وهو أيضا يشغل منصب مدير المسرح الذي يأوي اللوز، لكن يسعى إلى استغلاله واستبعاده عن الخشبة، وهو الدور الذي تقمصه الممثل محمد خليفي.

وسط ديكور واقعي، يبدأ أول فصل من حكاية اللوز و"عمار دراهم"، حارس البناية، الذي يستغل هو الآخر وضع الفنان التعيس ليجني المزيد من المال، ويسرق منه نصوصه ويجبره على كتابة رسائل تعبر عن مشاعره لحبيبته. وقد استطاع الممثلون أن يلتزموا بأدوارهم، وفق توجيهات المخرج، الذي استعان بالبنية الجسدية للممثلين، من أجل التعبير عن وضعهم الاجتماعي والنفسي، ورسم ملامح شخصيتهم المتناقضة سواء بالنسبة للكاتب المثقل بالثياب، أو الحارس عمار الذي كان يشبه البهلوان في حركاته الساخرة، أو الشقيق المتأرجح بين تأنيب الضمير وسطوة الطمع.

كما شكلت المسرحية فرصة للمخرج، لاستذكار أعمدة المسرح الجزائري، بالاستعانة بمقاطع صوتية لبعض المسرحيات الشهيرة، حيث صدحت أصوات مجوبي وصونيا وعلولة وبن قطاف، كما اختار إنهاء العرض على صورة فقيد مسرح الهواة بالجزائر، المرحوم جمال بن صابر (1941-2022).

من جهتها، قدمت الجمعية الثقافية "الموجة"، عرضها المسرحي الجديد "45-60"، الذي جاء عبارة عن استعراض كوريغرافي غنائي لمجموعة من الممثلين، استعادوا مجد القارة الإفريقية وتوق شعوبها إلى الحرية والانعتاق من التبعية.  فسرد منارات تاريخية على مر حقب زمنية متعددة وصراعات معارك، وأيضا ثورة التحرير الجزائرية في سبيل استرجاع الحرية والهوية.

شارك في العرض أزيد من 20 ممثلا من مختلف الأعمار، توحدت حركاتهم وتناسقت على إيقاع طبول إفريقية وأهازيج رتبها وألفها موسيقيا عبد القادر صوفي، والتي أحالت المتفرج إلى الجذور الأولى للمسرح، وإلى إرادة الإنسان في التعبير من منطلق هويته وتراثه.

بخصوص دلالة الأرقام المذكورة في العنوان، فهي تشير إلى 45 سنة من عمر الجمعية الثقافية "الموجة"، التي تعد من أهم الفاعلين الثقافيين في مدينة مستغانم، مقابل 60 سنة من استرجاع السيادة الوطنية، وهو ما يصنفها ضمن العروض الاحتفائية القابلة للتأقلم في فضاءات متغيرة مفتوحة أو مغلقة.

أشغال توسعة وتهيئة مقر "الموجة"

في سياق آخر، أكد السيد جيلالي بوجمعة، الرئيس الشرفي ومؤسس الجمعية الثقافية "الموجة"، لوكالة الأنباء الجزائرية، أن مقر الجمعية سيستفيد من أشغال توسعة وتهيئة قبل نهاية الشهر الجاري، بعد حصولها على دعم مادي من المصالح الولائية ومرافقة وزارة الثقافة والفنون، من أجل تحويلها إلى مدرسة للتكوين المسرحي مستقبلا.

وبعد الزيارة التي قامت بها وزيرة الثقافة والفنون، السيدة صورية مولوجي، بمناسبة افتتاح الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم، لمقر الجمعية الثقافية "الموجة" بحي صلامندر، واطلعت على مختلف الأنشطة والخدمات الثقافية التي تقدمها لفئتي الشباب والناشئة، أكد بوجمعة أن هذا المقر "سيستفيد من أشغال توسعة وتهيئة، لتمكين الجمعية من إنشاء مدرسة للتكوين المسرحي".

سمحت زيارة وزيرة الثقافة والفنون لفضاء "الموجة"، بتفعيل هذا المشروع ومنحه الاعتراف بدوره، من أجل استغلال المقر بالشكل الذي يليق به، حيث ستشرع مصالح ولاية مستغانم، بعد انتهاء الدورة 54 من المهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم، في أشغال توسعة، لإنجاز منصة عرض في الهواء الطلق، قادرة على استيعاب عروض مسرحية وسينمائية، وتكون المضمار التطبيقي للأعضاء الذين بلغ عددهم 160 شاب، ويتوقع استلام المقر متجددا في الفاتح نوفمبر المقبل.

اعتبر السيد بوجمعة، أن حصول "الموجة" على دعم ولاية مستغانم، واعتراف وزارة الثقافة والفنون بدورها الثقافي والاجتماعي، يعد "خطوة هامة" في مسار الجمعية، التي تطمح إلى تجسيد مشروع كبير، يتمثل في "تأسيس مدرسة ابتدائية للمسرح كبداية، تقدم خدمات فنية واجتماعية للشباب والناشئة، التي تحتاج إلى من يؤطرها ويوجهها نحو حلول عملية لمشاكلهم وصعوباتهم الحياتية".

وقال بوجمعة، إن مدرسة التكوين المسرحي التي ستخرج للنور، بعد استكمال الإجراءات وتحديد إطارها القانوني، هي فضاء لاستقبال مختلف الفئات العمرية التي تهوى المسرح، ولم تمارسه من قبل، كون المدرسة "مؤسسة مواطنة تعزز قدرة الفرد على الانخراط في المجتمع، ومواجهة مختلف العراقيل الاجتماعية والاقتصادية التعلمية، التي قد تعتري حياتهم". ووصف السيد جيلالي المدرسة "بالبيت الكبير" القادر على استقبال المنخرطين، مرفقين بأسرهم وذويهم، وتعليمهم قيمة الفن الرابع، كونه محركا فكريا وفنيا. تعتبر جمعية "الموجة" مدرسة رائدة في التكوين المسرحي، ومن أقدم وأعرق الفرق المسرحية على مستوى ولاية مستغانم، تأسست سنة 1978، اقتبست وعرضت مئات المسرحيات على مدار 45 سنة من الحضور، ولا تزال إلى اليوم، تهتم بتكوين أجيال متعاقبة من الممثلين والمخرجين والسينوغرافيين، وغيرها من التخصصات.