البروفيسور عمر بوساحة لـ"المساء":

المواطنة والدولة الوطنية إنجاز مجتمعي وليست دستورا

المواطنة والدولة الوطنية إنجاز مجتمعي وليست دستورا
  • القراءات: 885
❊بوجمعة ذيب ❊بوجمعة ذيب

اعتبر البروفيسور عمر بوساحة، خلال حديث خصه لـ»المساء»، مؤخرا، في سكيكدة، أن موضوع المواطنة من الموضوعات الملحة والأساسية التي يُفترض أن نهتم بها اهتماما كبيرا، سواء بعد الحراك أو بعد الإصلاحات الحالية، وفيما يخص مفهومه للدولة الوطنية، فقد قال السيد عمر بوساحة، إنها الدولة التي يكون فيها جميع المواطنين، مهما كانت اختلافاتهم، متساوين أمام القانون، لأنه كما أضاف، لا يمكن بناء دولة على أسس الاختلافات، بل نبنيها على أساس أن الكل متساوون في الحقوق والواجبات.

أشار ضيف سكيكدة إلى أنه كي نحقق دولة المواطنة، يجب على كل المجتمع أن يتبنى ذلكم المصطلح، وأن تكون القوانين متبناة من قبل كل أفراد المجتمع، وحاضرة في وعي الإنسان، كما هو الحال في الدول المتقدمة، حيث نجد المواطن هو الذي يدافع عن الدولة، وعن القوانين، وعن الملكيات العامة، بخلاف دول العالم الثالث، ومنها الجزائر، حيث نرى كأن المواطن منسحب من كونه مسؤولا على تطبيق القانون وعلى مرافقة القوانين وغيرها. يؤكد البروفيسور عمر بوساحة أن دولة المواطنة إنجاز مجتمعي، وليست وثيقة نسميها دستورا، أو حزمة من القوانين، بل هي دولة تجعل من الإنسان يعيش فيها بشكل حر ومتزن، وبشكل متصالح مع نفسه ومع الآخرين.

عن الإصلاحات الجارية في الجزائر، في ظل الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير، قال السيد عمر بوساحة، إننا نريد من خلال تلك الإصلاحات الذهاب من أجل إقامة دولة المواطنة، وأن نفك الخلافات عن طريق صياغة قوانين تجمع كل الجزائريين، وأن نبحث عن كل ما يجمعنا، ولن يكون ذلك، كما قال، إلا عبر آليات معروفة، من بينها المدرسة، بأن نضع في البرامج التي ندرسها لأبنائنا مواد تخص تربية المواطنة التي سحبت، والتي كنا ندرسها من خلال التربية المدنية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لذا ـ كما أضاف ـ يجب أن نعيد النظر في مسألة المدرسة الجزائرية، ونعيد أيضا النظر في مسألة الإعلام، ونعيد النظر في المجتمع المدني حتى يلعب دوره في غرس ثقافة المواطنة بين أفراد الشعب الجزائري، ومن ثمة، تحقيق دولة المواطنة التي لا تخص السلطات والحكومات، بل تخص المجتمع برمته، والذي من ضروري عليه الانخراط في تبني هذا المفهوم، لأن دولة المواطنة دولة الجميع، يبنيها الجميع ويحميها الجميع، مشددا على الدور الذي يجب أن تلعبه النخبة في هذا الشأن.

من جهتها، وخلال دردشة جمعت «المساء» بالبروفيسور خديجة زتيلي، أكدت أن الإشكال الذي يعترضنا فيما يخص المواطنة والدولة الوطنية، هو أننا وإلى حد الآن، لم نحل بعد تلك الإشكالية، لتشير إلى أن مطلب المواطنة لا يمكن أن يحصل بين عشية وضحاها، بل هي عبارة عن سيرورة ومسار يتطلب الصبر، ويتطلب تحديد الأولويات والشروط، مع وضع خريطة في آخر المطاف.

فيما يخص النخبة، ترى البروفيسور زتيلي أن دورها جد فاعل في بناء المواطنة في الدولة الوطنية، وتنتظرها مسؤوليات كبيرة، لذا ـ كما قالت ـ يجب فك القيود عنها حتى نتمكن من أن نعمل جنبا لجنب كدولة ومواطنين وأفراد، لتحقيق تلك المواطنة الفعلية التي لن تتم إلا بتسهيل قنوات الحوار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية، وتحقيق المواساة بين الجنسين، مع تطبيق مبدأ الحقوق والواجبات، مضيفة أنه لا يمكن المراهنة على المواطنة الفعلية إذا لم نقم بثلاث مسائل أساسية، وهي محاربة الاستبداد وتفعيل الدساتير، إصلاح التعليم والمنظومة التربوية وإعادة النظر في المناهج، وإصلاح الفكر بإعادة النظر في المنظومة الفقهية المتطرفة التي أنتجت لنا متطرفين.

احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، الأسبوع الأخير، العدد الثاني من «لقاء المعرفة» الذي خصص لموضوع «المواطنة والتراث»، نشطها كل من البروفيسور عمر بوساحة وخديجة زتيلي، وحضرها جمع غفير من المثقفي ومبدعي ولاية سكيكدة.