تحديات وصمود المنصّات المخصّصة لسينما القارة

المهرجانات الإفريقية في بحث دائم عن رؤية دولية

المهرجانات الإفريقية في بحث دائم عن رؤية دولية
  • 228
مبعوثة "المساء" على تيميمون: نوال جاوت مبعوثة "المساء" على تيميمون: نوال جاوت

استقبل المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون في يومه الثالث، مائدة مستديرة خُصّصت لمناقشة مكانة المهرجانات السينمائية الإفريقية على الساحة العالمية، بعنوان "المهرجانات السينمائية الإفريقية وموقعها على الصعيد الدولي"، وقد شارك أربعة متدخلين في عرض تجاربهم ورؤاهم، مديرة مهرجان السينما الإفريقية في فيرونا جيوزي بوييمي، مديرة مهرجان "سينمات إفريقيا" في لوزان سام جينيت، المبرمج البوركينابي عثمان بونداوني، والمبرمج الجزائري نسيم بلقايد.

كانت جيوزي بوييمي أوّل المتدخلين، حيث ذكّرت بأصول مهرجان السينما الإفريقية في فيرونا الذي نشأ في بداية ثمانينيات القرن الماضي بفضل المبشّرين القموريين. كان المهرجان في تلك الفترة رائدًا في أوروبا، يواكب بروز النظرة السينمائية الإفريقية، خصوصًا عبر مخرجين مثل أوسمان سمبين وجبريل ديوب مامبيتي. وبعد 43 عامًا من الوجود، يبقى مهرجان فيرونا الوحيد في إيطاليا المخصّص حصريًا للسينما الإفريقية. لكن استمراره يعتمد اليوم على الإرادة والتطوع. تقول بوييمي "نحن مقاومون. الجميع يعمل بشكل تطوعي.

بعد جائحة كوفيد، فقدنا معظم دعمنا المالي. كل عام يصبح احترام ميزانيتنا تحديًا". وإلى جانب الصعوبات الاقتصادية، تطرقت إلى مشكلة جذب الجاليات الإفريقية، وغياب الفضول لدى الجمهور المحلي، والأحكام المسبقة المرتبطة بإفريقيا، إضافة إلى غياب تام لتوزيع الأفلام الإفريقية في إيطاليا. ورغم هذا الواقع المرير، فإنّ الأنشطة الموجّهة نحو المدارس ما تزال تُثمر، وشغف الفريق يظلّ المحرّك الأساسي لبقاء المهرجان.

بعد ذلك، قدّمت سام جينيت، مديرة مهرجان "سينمات إفريقيا" في لوزان، التجربة السويسرية. فقد تأسّس هذا المهرجان قبل 20 عامًا على يد موزّع سويسري وممثل سويسري–سنغالي، استجابة لغياب شبه كامل للأفلام الإفريقية في القاعات السويسرية. ورغم أنّ لوزان لا تضمّ جالية إفريقية كبيرة، فقد نجح المهرجان في بناء جمهور وفيّ ومهتم. ففي كلّ دورة، يجتمع آلاف المتفرجين حول قرابة ستين فيلمًا. وتوضح سام جينيت "إنه مهرجان موجّه لجمهور متخصّص، لكنّه يعيش على فضول حقيقي. المواضيع التي تتناولها الأفلام الإفريقية كونية، والجمهور السويسري يتلقاها بشكل ممتاز". ويحرص المهرجان على تقديم برمجة غنية ومتنوعة ودقيقة، تشمل سنويًا أفلامًا جزائرية، كما يرافقها عمل تربوي واسع موجّه للمدارس في المنطقة.

أما المبرمجان عثمان بونداوني ونسيم بلقايد فقد ذكّرا بأهمية دور المبرمج في تعزيز حضور السينما الإفريقية. فهما يختاران الأفلام ويقدّمانها ويدافعان عنها، ويراقبان في الوقت نفسه التوجهات الجديدة والأصوات الصاعدة داخل القارة. وأكّدا ضرورة تحسين حركة تداول الأعمال بين المهرجانات الإفريقية والمهرجانات الأوروبية المتخصّصة، بما يعزّز حضور السينمائيين على الساحة الدولية ويفتح فرصًا أكبر أمام الشباب.

من هذه المناقشة ظهرت عدة خلاصات، أهمّها هشاشة الوضع الاقتصادي للمهرجانات المستقلة، قلة الفضول لدى الجمهور في بعض الدول الأوروبية، الجهل بتاريخ وثقافات إفريقيا، إضافة إلى غياب التوزيع التجاري للسينما الإفريقية في العديد من الدول الغربية. مع ذلك، اتفق جميع المتدخلين على قناعة واحدة: الصمود، الاستمرار في عرض الأفلام، النقاش، التعليم، والإبداع. وكما لخّصت جيوزي بوييمي "طالما هناك خمسة أشخاص في قاعة يشاهدون فيلمًا إفريقيًا، سنستمر. لأنّ ما ندافع عنه هو أعمال وحكايات ونظرات أساسية". في تيميمون، جاءت هذه المناقشة كنداء واضح: التعاون، المثابرة، ومواصلة سرد الحكايات الإفريقية عبر صورها الخاصة.