من تنظيم جامعة "مولود معمري" بتيزي وزو

الملتقى الدولي حول "اللغة معاملة إنسانية ومرجعية وجدانية"

الملتقى الدولي حول "اللغة معاملة إنسانية ومرجعية وجدانية"
  • القراءات: 1304
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

ينظم مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر، التابع لكلية الآداب واللغات بجامعة "مولود معمري" بتيزي وزو، الملتقى الدولي الرابع بعنوان "اللغة معاملة إنسانية ومرجعية وجدانية"، بمشاركة أساتذة من الجزائر وخارجها.

جاء في ديباجة الملتقى أن اللغة تعتبر السمة أو الميزة الإنسانية الأولى التي ترفع من شأن الإنسان وتفرقه عن الحيوان، وزيادة عن كونها ظاهرة طبيعية، فهي ظاهرة إنسانية بشرية كانت ولا زالت الميزة اللصيقة والمصاحبة لبني البشر، إذ بها يتبالغ الإنسان ويتواصل مع غيره، وبواسطتها يعبر عن وجدانه ومقاصده وعواطفه واختلاجاته، فهي على هذه الحال ممارسات وجدانية تصدر عن مشاعر الإنسان التي تتضارب فيها عواطفه الذاتية، وتؤثر في وجدانه عبر قوالبها ورموزها ومستوياتها، ومن ثمة تراكيبها وتصرفاتها التي تصور مجمل الأغراض النفسية والحاجيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والدينية والعرفية.

يحتكم الوجدان حسب المنظور الفلسفي اليوناني القديم، إلى أن تدارس اللغة يكون من خلال دوالها ومفاهيمها، ليلبي الإنسان حوائجه الداخلية من خلال التمايز القائم بين الفكر واللغة، في ظل القواعد المنطقية التي تقضي بأسسها على المفارقات الإنسانية: العرفية والعرقية والفكرية واللغوية، وتبقيها في قالب مضبوط تخدم كل المقاييس الإنسانية، وتأتي الدراسات الحديثة لتثبيت هذا المعطى وتنميته من خلال الدراسات والمفاهيم اللسانية النظرية الدقيقة التي تبحث عن مفهوم ودور اللغة كهيئة فاعلة وأداة وجدانية، في ظل المعاملات الإنسانية، لتحقيق أولا وقبل كل شيء، العدالة الإنسانية كمبتغى أول ورئيس قبل أن تتداولها كظاهرة ميكانيكية تقنية تحتاج إلى تفكيك وتحليل ورسم معالم آنية أو تاريخية، لأن اللغة بطبيعتها أتت لتحمل السلوك الفردي والجماعي، من أجل نسق الواجبات والحقوق المبنية على العلاقات الأخلاقية الضرورية بين البشر والبحث عن دورها في تأسيس الأداء العادي للأنشطة المتعددة المقيدة بقواعد كل عمل أو نشاط إنساني، باستطاعته أن يحقق المعاملة الإنسانية السوية التي قالت بها كل الأعراف والديانات وكل القوانين المدنية، لأجل استمرارية فاعلة ودائمة.

في المقابل، يأتي الملتقى الدولي الرابع بعنوان "اللغة معاملة إنسانية وممارسة وجدانية"، الذي سيعقده مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر، جامعة "مولود معمري" بتيزي وزو، كلية الآداب واللغات، كتكملة لتوصيات الملتقى الدولي الثالث حول الممارسات اللغوية بين الثابت والمتغير، والذي طرح في محاوره القضايا الاجتماعية اللسانية أحيانا وكيفية التخطيط للمعاملات البشرية أحيانا أخرى، وإذا سلمنا أن اللغة ممارسة وجدانية من جهة نظر الفلاسفة والمناطقة القدامى وعلماء النفس أو لغة خاصة بالفنانين والرسامين والشعراء والأدباء، فالجدير بالذكر أنها تقترب أكثر إلى الذات منها إلى الموضوعية، وهي القضية التي تقضي بالمنظمين إلى طرح التساؤل الآتي "هل تستطيع النظريات اللسانية الحديثة أن تحلل اللغة الوجدانية، مثلما جاء تحليلها للغة الطبيعية، حسبما أسسه بلومفيلد الذي يعتبر أن اللغة سلوك فردي قابل للتحليل، ومن بعده تشومسكي الذي يرى أن اللغة مرتبطة بالقدرة الذهنية للمتكلم- المستمع المثالي، وعلى أنها قابلة فقط للتفسير؟ وما حال الظاهرة عند اللسانيين الاجتماعيين والتداوليين اليوم رغم إقرارها عند واطسون؟"

إذا افترضنا أن اللغة في مفهومها الشامل معاملة إنسانية تتحدد على أساس العلاقات الإنسانية القائمة بين أفراد المجتمع الواحد أو ما بين مجتمعات الأمم المختلفة، فهذا يدفعنا إلى التساؤل الآتي: كيف تساهم المعاملات الإنسانية القائمة في ظل العلاقات الاجتماعية والجيوسياسية والثقافية الحضارية في تطوير اللغات، خاصة اللغة العربية في عالم تهيمن عليه اللغة التكنولوجية ذات الوجه التقني الآلي والشبكي التواصلي الاجتماعي الخالي من الوجدان؟.

كما يهدف الملتقى الدولي الرابع إلى بيان أهمية التكامل المعرفي بين العلوم والتخصصات (علوم النفس واللسانيات، العلوم الاجتماعية والتداولية ..الخ). الكشف عن العلاقة القائمة بين التفاعل الوجداني واللغوي لدى الإنسان، تقييم مدى تأثير المشاعر الإنسانية الوجدانية في استيعاب التأدية والسلوك اللغوي لدى البشر، توضيح الدور الفعال الذي يلعبه الوجدان في تحقيق الممارسات اللغوية، ومكانة المعاملات الإنسانية في تطوير اللغات، خاصة اللغة العربية في عالم هيمنة اللغة الإنجليزية والتكنولوجية الحديثة والأنترنت.

أما عن محاور الملتقى، فهي مفهوم اللغة بين أبعاد الممارسة الوجدانية والمعاملة الإنسانية، مكانة اللغة كممارسة وجدانية أو معاملة إنسانية في ظل المقاربات الفلسفية والنظريات اللسانية الحديثة (السلوكية والتوزيعية والتوليدية والتحويلية والتداولية واللسانيات الاجتماعية)، اللغة ممارسة وجدانية بين الهوية الفردية والهوية الجماعية، دور المعاملات الإنسانية (التبادل المعرفي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ووسائل التواصل الحديثة) في تطوير لغات العالم، وبالأخص اللغة العربية، اللغة معاملة إنسانية بين التعدد اللغوي وفوضى المصطلحات، الهيمنة اللغوية: هل هي الأبعاد الوجدانية أم العلاقات الإنسانية، والترجمة بين المعاملة الإنسانية والممارسات اللغوية.