ينظّمه المعهد العربي للترجمة بالجزائر

الملتقى الدولي "الترجمة عبر منظار الأخلاق والسياسة"

الملتقى الدولي "الترجمة عبر منظار الأخلاق والسياسة"
  • القراءات: 1022
لطيفة داريب لطيفة داريب

ينظّم المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر، الملتقى الدولي الثالث بعنوان"الترجمة عبر منظار الأخلاق أو السياسة"، من تنشيط دكاترة من الجزائر والعديد من الدول، وهي الأردن، فرنسا، قطر، إسبانيا، المغرب والعراق، حيث أكّدت الدكتورة إنعام بيوض، مديرة المعهد في افتتاح الملتقى أمس، أن تنظيم مثل هذه الفعاليات، يمثل فرصة للتواصل بين الخبراء في مختلف الدول، داعية، في السياق، إلى الاستفادة والإفادة من هذه الفعاليات.

من جهته، تطرق الدكتور رشيد يحياوي من قطر لتأثير الإيديولوجية على المترجم. وقال إن كل مترجم له منظوره الخاص إلى العالم، وبالتالي إيديولوجيته الخاصة التي تمثل البعد الفكري لثقافته، مؤكدا عدم حيادية أي مترجم إضافة إلى استحالة وجود ترجمة وفية، بل كل ترجمة تمثل موقفا يُعبّر عنه المترجم.

كما اعتبر يحياوي أن اختيار النص في حد ذاته، يُعبّر عن موقف المترجم أو الجهة الوصية، لينتقل إلى قضية الخطابات السياسية والإعلامية، وكيف أنها تحمل معاني ضمنية كثيرة، حتى إنّ ترتيب الكلمات غير عفوي، ليطالب الدكتور بضرورة القراءة في ما بين السطور ومعرفة إيديولوجية صاحب الخطاب ومترجمه.

وأشار يحياوي إلى عدم وجود حقيقة مطلقة، بل المهم أن يملك كل شخص درجة من الوعي، كي يرفع من مستواه ولا يصدّق كل ما يقرأه، معتبرا أن لكل منا حقيقته وهي في الأصل حقيقة مجتمعه كما يعتبر المسلم أن الإسلام حقيقة مطلقة لكن يجب أن يدرك أن هذه الحقيقة لا تخص نصرانيا مثلا، وبالتالي إذا كان واعيا بحقيقته وبوجود الاختلاف فيمكن أن يكون مفكرا متزنا.

بالمقابل، قدّم الدكتور عبد الله تكرامت الكبايش من إسبانيا، مداخلة "ترجمة المصطلح بين إشكالية التعريب والمثاقفة انطلاقا من عصر النهضة"، قال في بعضها إنّ التعريب والترجمة يعتبران عمليتين مختلفتين في العمق والجوهر، مشيرا إلى أنه نتيجة الحملة الفرنسية على مصر ومن بعدها كل الحملات الاستعمارية التي شهدتها الدول العربية، اكتشف العرب الوجه المضيء للغرب، ورغبوا في نقل ذلك إلى دولهم، فكان عصر النهضة الذي انتقل فيه العالم رفعت طهطاوي رفقة 40 طالبا من الأزهر إلى فرنسا، لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وفور عودتهم باشروا مهمة الترجمة، إلا أن المترجم لم يكن يملك أدوات الترجمة، فكان المتخصص في التاريخ مثلا، يترجم في الطب، وهكذا. وأضاف الدكتور أنه رغم كلّ الصعوبات التي واجهت "المترجمين"، إلا أنّ الطهطاوي أنشأ لوائح اصطلاحية على شكل قواميس من بضع صفحات، كل منها مختصة في مجال علمي معيّن، ليختم حديثه بتعريف الترجمة، والتي يعنى بها نقل الكلمات والنصوص والأفكار من لغة إلى لغة، في حين لم تتحد التعريفات فيما يخص التعريب. واعتبر أنّ أغلب ما قام به المؤلّفون في عصر النهضة كان تعريبا من خلال نقل النصوص الفرنسية إلى نصوص عربية في ظل غياب أو ندرة النثر العربي في ذلك الزمن.

أما الدكتور الجزائري مصطفى حركات فقد تحدّث عن ترجمته روايته "الجزائر، بلوز" من الفرنسية إلى العربية، وقال إنه من الصعب جدا ترجمة عمل خاص بالمؤلف نفسه، مشيرا إلى أنه في هذه الحال لا يسمى الكاتب الذي يترجم أعماله مترجما، بل مبدعا.

وتوقف الدكتور عند صعوبة ترجمة عنوان روايته الذي تناول فيه شيئين متمثلين في "الجزائر" و«البلوز"، الذي يمثل نوعا موسيقيا يحبذه الكاتب. كما لم يشأ حركات ترجمة عنوان عمله إلى "موال الجزائر" رغم  أنّ "الموال" نوع موسيقي يشبه "البلوز"، إضافة إلى أنه لم يترجم العناوين الفرعية التي جاءت باللغة الإنجليزية، ليقع اختياره في الأخير على عنوان "نافذة على السلم".

من جهتها، قدمت الدكتورة سيمونا إلينا بونيللي من فرنسا، مداخلة بعنوان "أرتو مترجم عبر المرآة، وماذا لو كان النص الأصلي غير وفيّ للنص المترجم؟"، تطرقت فيها للترجمة الخاصة للكاتب المترجم أنتونا أرتو، فقالت إنه قديما كان المترجم يجد حرية في ترجمة النصوص التي لم تكن ثابتة. أما عن مسيرتها في عالم الترجمة فكانت البداية بترجمتها براءات الاختراع، التي تتطلب ترجمة حرفية، في حين تتطلب الترجمة الأدبية إبداعا.

وتطرقت الدكتورة لتجربة ترجمة الأديب أنتونا أرتو الذي ساهم في بلورة ما يُعرف بمسرح القسوة في كتابه الخاص "المسرح وقرينه" الذي يُعدّ المرجع الأوّل لتوجّهه المسرحي. ويُعدّ أرتو امتدادا طبيعيا لاتجاهات رفض الواقعية والتمرّد عليها، لكنه ذهب إلى مدى أبعد من الذي ذهب إليه أصحاب اتجاهات مناهضة الواقعية، فقالت إنه كان يخلق نصا جديدا يملك مقومات الإبداع. كما أن اتباعه مسار الترجمة جاء بعد قطيعة مع الكتابة دامت ست سنوات وفق نصيحة طبيب نفساني.