كتب رسالة اليوم العربي لأبي الفنون

المسرح الذي يريده سيد أحمد أقومي

المسرح الذي يريده سيد أحمد أقومي
الممثل الجزائري القدير سيد أحمد أقومي
  • القراءات: 3117

اختير الممثل الجزائري القدير سيد أحمد أقومي ليكتب رسالة اليوم العربي للمسرح المصادف ليوم 10 يناير من كلّ سنة والمتزامن مع بداية مجريات مهرجان المسرح العربي، المنتظر أن تحتضنه العاصمة المصرية القاهرة في الفترة الممتدة من 10 إلى 19 يناير الجاري، وعنون رسالته بـ المسرح الذي أريد ...

اهتمت الهيئة العربية للمسرح بأن تكون رسالة اليوم العربي للمسرح من الجزائر، من خلال شخصية مسرحية أقل ما يقال عن مسيرتها إنها متألقة، ويتعلق الأمر بالممثل الكبير والنجم الجزائري سيد أحمد أقومي، الذي استثمر عمره من أجل المسرح الجزائري، وترك أثره في العديد من الأعمال المسرحية كما الأعمال السينمائية.

يقول سيد أحمد أقومي في مستهل رسالته: جئت إلى المسرح لأنه كان حلمي، المسرح هو فن الوهم الذي يؤازر الحقيقة ويقف في وجه الأكاذيب، جئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع. ويتابع: حين كان التاريخ دجلاً أردت أن أعتلي الخشبة لأقول الحقيقة. لم يكن المسرح بالنسبة لي قناعة فكرية فقط، بل كان إيماناً يلامس الروح. كنت أحمل جمرة المسرح بغبطةِ وفرحِ من يحمل أغلى كوهينور (ماسة) في العالم. المسرح عندي درب سري مدهش قادني إلى ماهيتي، إلى كينونتي الحقيقية؛ لم أكن أمثل، كلا أبداً؛ كنت أعيش، أعيش أسئلتي، عزلتي، حيرتي، دهشتي، تمردي، ثورتي، عذاباتي، فرحي، إنسانيتي، كنت أنهمر على الخشبة بكل كياني، وكان المسرح هو الخلاص.

يروي أقومي قصته مع المسرح في رسالته العربية، يقول فيها: دخلت تفاصيل حلمي الذي بدأ في سن السادسة، كان حلمي الوحيد أن أكون ممثلا مسرحيا لا غير. كان المرحوم محمد بوديا ينظر إليّ باندهاش ويقول: كيف لشاب فنان ومثقف مثلك ألا يدخل معترك السياسة؟!”، كنت أضحك وأجيبه: لقد كذبت على أبي حين وعدته ـ من أجل أن يتركني في الحضرة المقدسة للمسرح ـ أن أكون سفيراً أو محامياً أو طبيباً، لكنني أبداً لم أعده أن أكون سياسيا. وتابع: وقد كنت على الخشبة سفيراً للحلم الإنساني، ومحامياً لكل القضايا العادلة، وطبيباً، يحاول أن يجد دواءً للحماقة البشرية. وأردف: سأعود إلى بدايات هذا الحلم، إلى بدايات المسرح في الجزائر…

بعد زيارات الفرق المسرحية العربية المتكررة للجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، اكتشفت النخبة الوطنية أن هذا الفن خطير وفعال، يمكنه أن يغيّر ويخلق لدى الجمهور وعياً سياسياً؛ لذا تأسست الفرق المسرحية والجمعيات، وكان هدف هذا التأسيس هو تكريس وعي وطني من أجل تحرير الجزائر من هذه الفرق الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، التي تأسست بتونس، والتي كان يشرف عليها أستاذي المرحوم مصطفى كاتب.

وكتب أقومي: يتحدث الكثير من المثقفين والإعلاميين والسياسيين ضد العنف اللفظي والبدني الممارَس على بعض الفئات والأفراد، لكنهم يتناسون أو يتجاهلون العنف الذي مورس ويمارَس منذ زمن طويل على الفنان المسرحي، والذي ـ للأسف الشديد ـ لم يصنَّف بعد كمبدع للقيم الجمالية وإنما استُهجِنَ فنُّه بتصنيفه كمهرج مضحك عجاجبي. هذا التصنيف ظلّ مكرساً في اللاوعي الجمعي إلى يومنا هذا، ولهذا ظل الفنان المسرحي في أدني المراتب الاجتماعية. وأضاف: لقد تنازلت عن لقبي، واخترت اسما مستعاراً سيد أحمد أقومي؛ من أجل المسرح والمسرح فقط، فالمسرح كينونتي وهويتي التي أعتز بها حيثما أكون. وحتى حين أكون في المنفى فإن لي في كل بنايةِ مسرحٍ وطناً، وفي كل خشبة أقف عليها حبل سري يجمعني بأخي الإنسان. وختم أقومي رسالته بكلمات شكر للهيئة العربية للمسرح على هذا التكريم الذي أسعده كثيراً، واعتبره تكريما للمسرح الجزائري العريق، وهو أيضاً تكريم للشهيدين الكبيرين علولة ومجوبي، وقال: شكراً لأنكم جعلتموني أستحضر في هذه اللحظة، أصدقائي وزملائي الذين رحلوا، وصنعوا من مسيرتهم مناراتٍ نهتدي بها كلما حاصرتنا الظلمات والعواصف. شكراً لسموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لدعمه المستمر للمسرح، ذلك لأنه يدرك أن المسرح يبني ما يعجز عنه السياسيون.