نصر الدين حرة لـ ’’المساء":

إعادة الأغاني التراثية ليست مغامرة ولا تطفلا

إعادة الأغاني التراثية ليست مغامرة ولا تطفلا
  • القراءات: 4519
ع. بزاعي ع. بزاعي

ربط الفنان الشاوي نصر الدين حرة علاقات حميمة مع جمهوره، الذي كان له الأثر الأكبر في تحقيقه للمعادلة الصعبة في طرح أعمال فنية ترتقي إلى مستوى الإبداع عاليا، مع الارتشاف من روائع التراث الشاوي وأغاني الحاج درياسة رغبة منه في الحفاظ على كل ما هو جميل وأصيل، كما يبحث عن الجديد، وبقناعة تامة يسعى حرة إلى استغلال جماليات المنطقة للتصوير فيها. "المساء" التقته ونقلت لكم هذا الحوار.

❊ هل لازلت مصرا على مواصلة المشوار للنبش في التراث وتطوير الأغنية الشاوية؟

— أكيد لازلت مصرا على ذلك، وسأبحث في تطوير الأغنية الشاوية ولن أحيد عن الخط الذي سطرته لمشوار الفني، أعلم أن الطريق مازال طويلا، لكنني أدرك بأن المهمة أنبل لتبليغ رسالة الفن الراقي.

❊  هل تعتقد أنك أدركت غاياتك إلى حد الآن؟

— ما يمكنني قوله؛ أنني في الطريق الصحيح، وسأجتهد أكثر لتجسيد ما حققته من إنجاز فني في مشواري ودعمه أكثر وتوطيد علاقتي مع جمهوري، وأدرك جيدا أنه ليس بإمكاني تقييم عملي، فذوق وإحساس الآخرين يحدد بنسب كبيرة مدى علاقتي بالجمهور الذي شجعني على بذل المزيد من الجهود في المجال.

❊ الجمهور يطالب دائما بالجديد، هل في أجندتك شيئا من هذا القبيل؟

— حقيقة هو مطلب مشروع عند مخاطبة الأذواق، أعده بالجديد كلما أتيحت لي الفرصة لإنجاز أعمال جديدة تتطلب الوقت الكافي والإمكانيات اللازمة.

❊ تقصد ما رددته من أغان تراثية للحاج رابح درياسة، ألا تعتقد أن هذه التجربة مغامرة؟ 

— ليست مغامرة على الإطلاق، بل تجربة ناجحة، وقد لقيت تشجيعا حتى من الحاج درياسة نفسه الذي التقيته في حفل افتتاح طبعة مهرجان الصائفة المنقضية، وأديت أغنية وطنية له وأعجب بأدائي. فترديد أغاني التراث ليس مغامرة ولا تطفل، لأنني عكفت على توظيف روائعه على أساس المحافظة على التراث الغني للجزائر والتعريف به للشباب الذي لم يعش مرحلة العطاء الفني في السبعينات، شأنها شأن الأغاني الرياضية والوطنية التي أديتها في وقت سابق.

❊  هل تفكر في تغيير اللون بحثا عن نجومية؟

— لست مجبرا في الوقت الراهن على البحث عن النجومية على حساب الفن، بالطبع لقد اعتمدت هذا الأسلوب، ولا أعتقد في التنوع مخرجا، فيما عاد التذكير بأهمية التنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر، وكلنا نعلم أن لون "الراي" يفرض نفسه على الساحة الفنية وهذا مفخرة للجزائر، وكفنان سأسعى إلى تطوير فن المنطقة الثري، خصوصا مع انتشار صيت الأغنية الشاوية بالمهجر.

❊ يبدو أن شباب المنطقة مرتبط "بالراي" كلون فني، ما تأثير ذلك على الأغنية الشاوية؟

— من المسلمات أنه لا يمكن التحكم في الأذواق، لكن بالإمكان طرح البديل، فالظاهرة الشبابية موجودة. والأغنية الشاوية ليست في أحسن الأحوال، كما كانت عليه في التسعينات، وما يتطلب منا كمطربين في المنطقة، هو بذل مجهود إضافي لمعالجة العديد من الأمور التي لها علاقة   بأسباب اللهث وراء كسب المادة، وغياب البحث في التراث، فكلها عوامل قلصت بشكل كبير من حجم الأغنية الشاوية.

❊  تقصد العوامل الأخرى التي لها علاقة بمشاكل الفنانين مع المنتجين، وغياب فرص التعريف بمنتوجاتهم الفنية؟

— أكيد هي أسباب مجتمعة لها صلة بالتأثير ليس فقط على مجهود الفنان، لما يواجهه مع المنتجين الذين يحددون بنسب متقدمة نجاح الألبوم من فشله، بل يتعدى ذلك إلى مستوى الأغنية، كونهم يفضلون الأعمال الفنية التي تجلب الربح السريع. 

❊ إلى جانب ترديدك لبعض الأغاني القديمة المستوحاة من التراث الشاوي، ماذا تقول عن تجربتك الأولى في كتابة الكلمات والتلحين؟

— هي مجرد محاولة أطمح من خلالها إلى اكتشاف نفسي في هذا المجال، لتقديم أغان تضيف للأغنية الشاوية جماليات الحس، وبخصوص الألحان أعتبرها مغامرة.

❊ هل تعتقد أن الساحة الفنية الشاوية تفتقر لكتاب كلمات وملحنين؟ 

— لا أقصد هذا، بل على العكس، يوجد العديد من الأشعار الشاوية التراثية التي ستصنع التمييز كلما وضعت في متناول  ملحنين أكفاء، وهو ما يجرنا إلى الحديث عن ضرورة الاهتمام أكثر بالشعر الشعبي على اختلاف انتمائه سواء كان شاويا، قبائليا، شعبيا أو صحراويا، من أجل تمثيل أوسع للتراث الجزائري. 

❊ وماذا عن جديدك؟

— صدر لي مؤخرا ألبوم جديد لقي رواجا كبيرا، تضمن 12 أغنية، تطرقت من خلاله إلى مواضيع عاطفية واجتماعية ومن بين أغانيه؛ "علاوة"، "والله ياغنية"، "التفاحة" لرابح درياسة، وغيرها من الأغاني الأخرى التراثية الشاوية.

❊ هل من كلمة أخيرة للقراء؟  

— أشكر قراء جريدة "المساء" التي أتاحت لنا هذا الحيز باعتبارها فضاء إعلاميا يعير كل الاهتمام للفن والفنانين، وتابعت مشواري على مر السنين. وبالمناسبة، أشكر جمهوري العزيز الذواق للفن الذي يتفاعل مع أدائي، وكل الساهرين على الصفحة الفنية للجريدة الثرية التي تتناول الفن بكل موضوعية واحترافية.