يوم دراسي حول إدارة الأزمات بالبليدة

المسؤول والصحفي معا في خدمة الوطن

المسؤول والصحفي معا في خدمة الوطن
لطيفة داريب
  • القراءات: 929
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

قال الأستاذ محمد لعقاب، إننا نعيش زمنا مليئا بالأزمات، لهذا وجب على المسؤوليين والإعلاميين معالجتها بشكل صائب، في حين اعتبر الأستاذ عبد الكريم تفرقنيت أن الإعلامي يمكن له تهويل أو تهوين الأزمات، بل حتى تحويل حدث إلى أزمة، وهو ما حدث مؤخرا في البليدة، عند انتشار مرض الكوليرا.

نظمت جمعية الصحفيين والمراسلين لولاية البليدة، يوما دراسيا حول "المعالجة الإعلامية للأزمات"، بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني للصحافة، بمشاركة الأستاذين محمد لعقاب وعبد الكريم تفرقنيت، أول أمس في قاعة المحاضرات بالمدرسة التقنية لـ«سونلغاز"، في البليدة.

على المسؤول قبول النقد وعلى الصحفي التأكد من المعلومة

في هذا السياق، أكد الأستاذ محمد لعقاب على وجود أزمات كثيرة في زمننا هذا، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، مضيفا أن لكل أزمة طريقتها المثلى في المعالجة، لينتقل إلى تعريف الأزمة بالقول: "هي حدث سلبي لا يمكن تجنبه"، فالحدث هو ما يأتي فجأة ويتسم بالسلبية، في حين تأتي الطيبة منها بالتدرج.

اعتبر لعقاب أن الأحداث تحدث بشكل يومي، وقد يحدث بعضها صدمة، مثل وقوع جريمة في حي ما، لكن الإعلامي قد يضخمها فتتحول إلى أزمة، رغم أنها غير ذلك، باعتبارها لم تصل إلى درجة التهديد.

كما تطرق الأستاذ إلى خصائص الأزمة، فقال إنها تحدث فجأة وتتميز بنقص المعلومات والتصاعد الدرامي وإحداث الذعر، وفي هذا توقف المتحدث وأعاب اعتماد بعض الصحفيين على الإشاعة للحصول على السبق الصحفي. في المقابل، ذكر تعقد الأزمة في حال تدخل أطراف خارجية، مثل حديث رئيس بلدية عن انتشار مرض الكوليرا، ليطالب بترك التصريحات لأهلها وإلا تتعقدت الأمور. كما تحدث عن تدخل الإعلام المضاد ونشره لمعلومات قد تكون صحيحة أو مغلوطة، مثل ما حدث في قضية الصحفي خاشقجي التي تحولت إلى أزمة عالمية بعد تدخل عدة دول فيها.

أكد لعقاب القدرة على إجهاض بعض الأزمات قبل أن تقع، بفعل ما اسماها بـ«خلايا يقظة" التي تؤسسها الهيئات الرسمية. كما دعا المسؤولين إلى تقبل النقد الذي يمكن منه تجنب الكوارث، وعلى المسؤولين كسب ود الصحفيين، ولا يضعوا أنفسهم في دائرة المتهمين، بل كل ما عليهم فعله، تسيير الأزمات.

طالب لعقاب المسؤولين أيضا، بعدم تسريب معلومات كاذبة، لأن الحقيقة قوية وستتغلب في آخر المطاف. كما دعاهم إلى التحلي بمركزية القرار، أي تفويض شخص واحد يتحدث باسمهم ويجلب المعلومات الصحيحة.

قال البروفسور، إنه لا يجب تحميل وسائل الإعلام كل شيء، لأن ليس لها قدرة على تسيير الأزمات، بل تعالج القضايا وتكتب عنها وتتابعها، لينتقل إلى نقطة أخرى تتمثل في معالجة وسائل الإعلام للأزمات، فأشار إلى إثارة عينة من الصحفيين بعض المواضيع وتحويلها إلى أزمات من خلال المعالجة الخاطئة. كما لا يبالي بعضهم بمواضيع قد يراها ساذجة، مثل وجود حفرة في الطريق، إلا أنها غير ذلك. فالصحفي ملتزم بقضايا المجتمع كيفما كانت، ومن الضروري أن يختار صورا أو مشاهد معينة لعرضها أمام الجمهور، بدل القيام بالبث المباشر في أزمة معينة.

أما عن موضوع إدارة الأزمات من طرف وسائل الإعلام، فقال لعقاب بأن المسؤولين بحاجة إلى وسائل الإعلام، وعليهم إنشاء خلية يقظة تتعامل مباشرة مع وسائل الإعلام، عبر تنظيم ندوات صحفية في مدة قصيرة في حال حدوث أزمات، حتى لا يتوجه الصحفي إلى المعلومة الخاطئة. كما طالب لعقاب من المسؤولين نشر المعلومات الصحيحة فورا والرد على الأخبار المغلوطة فورا أيضا، علاوة على تطبيق قانون "القرب" الذي يعني تصريح المسؤول الأقرب من موضوع الأزمة للصحفيين، كتصريح مدير الصحة بخصوص أزمة الكوليرا باستعمال لغة يفهمها المواطن، ويجب عليهم أيضا طمأنة الرأي العام مهما بلغت درجة الأزمة، والاهتمام بالرأي الآخر المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال إنشاء منصة تستهدف المواطنين.

الصحفي حوّل انتشار الكوليرا إلى أزمة

من جهته، قال الأستاذ عبد الكريم تفرقنيت بأن ثمة قضايا شغلت الرأي العام مؤخرا، مثل سقوط الطائرة العسكرية ووباء الكوليرا، مما دفع بجمعية الصحفيين والمراسلين في ولاية البليدة إلى تنظيم هذا اليوم الدراسي، مضيفا أن هذا الموضوع لا يخص وسائل الإعلام فحسب، بل يتعداها إلى المؤسسات، لينتقل إلى انتشار وباء الكوليرا بالبليدة، مؤكدا في السياق، على  تحويل هذا الأمر إلى أزمة من طرف الصحفيين، فحسبه، وفاة ثلاثة أشخاص بفعل الكوليرا حدث وليس أزمة.

اعتبر الأستاذ تفرقنيت أن إدارة الأزمات مفهوم جديد في الدراسات الأكاديمية المتعلقة بالإعلام، كما توجد عدة مفاهيم قريبة من مفهوم أزمة، مثل صراع، مشكلة، خلاف، حدث، أو حتى حرب. في المقابل، أشار إلى وجود نوعين من الأزمة؛ النوع الأول يسمى أزمة طوارئ، مثل حدوث زلزال، والثاني أزمة مواجهة، مثل ما قام به العراقي صحاف الذي كان يؤكد قدرة العراقيين على محاربة الاحتلال الأمريكي، رغم أن الواقع كان يوحي بغير ذلك.

أكد الأستاذ على ضرورة قول الحقيقة في الأزمات وعدم الكذب، كما دعا إلى أهمية تصحيح المفاهيم، فمثلا؛ هل نقول عن انتشار الكوليرا في المدة الأخيرة أنه حدث أو كارثة أو أمر مفاجئ؟ كما تطرق إلى قدرة الصحفي على تهويل أو تهوين الأمور.

في المقابل، رأى الأستاذ ضرورة معالجة الهيئات الرسمية للأزمات، كأن تقوم الولاية بتشكل خلية أزمة، تتكون من أعضاء مختصين وإعلاميين وأعضاء ينتمون إلى السلطات المحلية، يكون لها مقر، أي ملحقة مركزية، ولها ناطق رسمي.

توقف هنا الأستاذ للحديث عن الفوضى العارمة في إدارة "أزمة الكوليرا"، وكيف أنه كان يجب أن تترك الكلمة للمختصين الحقيقيين، من خلال التواصل مع الصحفيين، إضافة إلى أهمية تحليل نوعية الجمهور، فإذا كان المواطن في البليدة لا يهتم بقراءة الجرائد، من الضروري التواصل أكثر مع الوسائل الإعلامية السمعية والبصرية حتى تنتقل المعلومة.

كما تطرق تفرقنيت إلى أهمية استغلال وسائط التواصل الاجتماعي في الأزمات، مثلما حدث خلال الهجومات الإرهابية على فرنسا، وما قامت به الحكومة الفرنسية لمواجهة الأمر، حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي،  وإنشائها ما يسمى بـ«الذباب الإلكتروني"، رغم وضع "داعش" أكثر من 400 فيديو عن الهجمات عبر الأنترنت.

تناول المتحدث أيضا، أهمية إنشاء خلايا صغيرة للأزمة على مستوى وسائل الإعلام، تتشكل من العارفين بموضوع الأزمة. وطالب المسؤوليين بتجنب إطلاق الشائعات والإسراع في إيصال المعلومة الصحيحة. كما يجب على الصحفي الترفع عن الشعور بالانتماء إلى منطقة ما، فمثلا، لا يمكن له أن يُكذب معلومة تفيد بأن الحي الذي ينتمي إليه هو منبع الكوليرا.

للإشارة، تم في بدابة هذا اليوم الدراسي عرض فيديو حول جمعية الصحفيين والمراسلين بولاية البليدة، التي تلقت اعتمادها في 11 ديسمبر 2007، وتهدف إلى جمع شمل الصحفيين بعاصمة الورود، والرقي بعملهم ونضالهم الصحفي، كما تقوم بتنظيم العديد من الملتقيات والتكوينات.

بهذه المناسبة، ألقى رئيس الجمعية، السيد نور الدين عراب، كلمة قال في جزء منها بأن الجمعية تبحث عن الأساليب التي يعتمدها الصحفي لمعالجة الأزمات، خاصة بعد أزمة الكوليرا بالبليدة. كما هنأ الصحفيين بعيدهم الوطني الذي كرسه رئيس الجمهورية، ليتناوب على المنصة كل من الأمين العام لولاية البليدة، نيابة عن الوالي، وممثل عن رئيس المجلس الشعبي الولائي، وممثلة عن مدير الأمن الوطني، لتهنئة الصحفيين بمناسبة عيدهم الوطني، والتأكيد على عملهم الدؤوب في سبيل نقل المعلومة وخدمة التنمية.