المواعيد الثقافية المبرمجة منذ 2016

المتوقفة والمتعثرة والتي لم تنطلق أبدا

المتوقفة والمتعثرة والتي لم تنطلق أبدا
  • القراءات: 648
❊دليلة مالك ❊دليلة مالك

في 4 مارس 2016، كان "موعد مع الرواية" الذي أشرف عليه الروائي سمير قسيمي، الأخير، لما استقبل الروائي العراقي برهان الشاوي، بعدما استضاف بعضا من الوجوه الروائية. هذا الموعد الذي رحب به وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أولا، ثم عمل على إلحاق "موعد مع الشعر" في أجندة النشاطات الثقافية، تشرف عليه الشاعرة لميس سعدي، وأسند موعدين للتراث والمسرح لكل من مهدي براشد ويوسف بعلوج، لكن سرعان ما اختفت هذه المواعيد، ومنها التي لم تظهر البتة.

تختلف الروايات بخصوص مصائر هذه المواعيد الثقافية التي دفع وزير الثقافة عز الدين ميهوبي بها لتكون من أولويات مهامه، فور توليه الوزارة قبل ثلاث سنوات، غير أنها سرعان ما اختفت لأسباب، وسرعان ما تخلّت الوزارة عن هذه النشاطات التي كان لها دور في تحريك المشهد الثقافي الراكد أو كادت أن تقوم بذلك.

توجهت "المساء" للكاتب والصحفي مهدي براشد، الذي أسند له وزير الثقافة مهمة الإشراف على "موعد مع التراث"، للسؤال عن مصير هذا النشاط الذي لم يظهر أبدا، باستثناء تصريح ميهوبي بإعلانه للصحافة، إذ يقول براشد بأن الوزير اتّصل به في الموضوع، وأعطاه رقم مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام لخضر بن تركي للاتصال به على أنه الجهة التي سترعى "موعد التراث"، فتوجه إلى الديوان، وهناك طُلب منه تقديم تصور لمضمون الموعد وتقدير مالي، قدمه لمساعدة بن تركي على أن تقدمه له، ثم تخبره فيما بعد. وأضاف براشد "من يومها لم تتصل ولا أنا تحدثت في الموضوع مرة ثانية لا مع الديوان ولا مع وزير الثقافة".

عن "موعد مع المسرح" الذي أقيمت له ندوة صحفية حضرها الوزير شخصيا،  للإعلان عن هذا المكسب الجديد في تحريك الشأن الثقافي المسرحي على وجه التحديد، والذي أشرف عليها يوسف بعلوج، وتمّ فيها توجيه خمسة نصوص مسرحية متوجة عربيا نحو المسارح الجهوية للإنتاج، لكن لم يظهر للموعد أثر.

في هذا الشأن، قال يوسف بعلوج لـ«المساء"، بأن الأمور لم تسر كما خطّط لها تماما، وأردف "السرعة التي أسير بها تصطدم بميراث ثقيل من التعقيدات الإدارية"، وثمّن عمله في إنتاج خمسة نصوص، معتبرا أن المشروع الكبير والحقيقي هو بوابة إلكترونية مبنية على وعي بمتطلبات المشهد المسرحي، وهي الجزئية التي يصر "وأصر أنا أيضا على تنفيذها، لأنّها غير مرتبطة بموسم ثقافي واحد، وستقدم مزايا تفيد المسرحيين والجمهور والأكاديميين والإعلاميين على حد سواء".

عاد بعلوج ليذكر أن انطلاقة "موعد مع المسرح" كمشروع كانت مختلفة عن بقية المواعيد الثقافية، لأنها كانت نابعة من الرغبة في حل مشكل، تدّعي بعض الأطراف وجوده، وهو "أزمة النص"، وقال "حينما التقيت الوزير لأول مرة، سألني إن كان بحوزتي نص مسرحي ليوجّهه إلى إحدى المسارح الجهوية لإنتاجه، لأن القائمين لم يلتزموا بتعليماته بخصوص إعطاء الأولوية للنص الأصلي، وتحججوا بقلة وضعف النصوص الجزائرية. قلت له؛ لديّ فكرة أفضل، ما رأيك في أن أوافيك بقائمة نصوص تحصلت على جوائز عربية، ليتم إنتاجها، وهذا ما حدث".

بالنسبة لـ«موعد مع الشعر" الذي تشرف عليه الشاعرة لميس سعيدي، يمكن وصفه بأنه النشاط الوحيد الذي استمر لموسم واحد فقط دون مشاكل تذكر، مقارنة بـ«مع الرواية" مثلا، الذي أشرف عليه الروائي سمير قسيمي، وتحدثت سعيدي سابقا عن هذا الموعد عبر أمواج الإذاعة الوطنية قائلة إن فضاء "موعد مع الشعر" كان برنامجا متجددا كل شهر، تضمن أربع لقاءات متوالية احتضنتها المكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة مساء كل يوم ثلاثاء، وتمثل اللقاء الأول في البرنامج في تنظيم أمسية شِعرية موسيقية لا يتجاوز عدد الشعراء فيها الأربعة، وهي منفتحة على كل اللغات والأساليب الشِعرية، بينما خصص اللقاء الثاني من الشهر بتقديم ديوان شِعري لشاعر جزائري متبوع بنقاش حوله، ليتحول الجمهور إلى لقاء ثالث يتم فيه فتح نقاش حول إشكالية من إشكاليات الشِعر، تحديدا تلك المتعلِّقة بالمشهد الشِعري الجزائري، بحضور شعراء وأكاديميين، مرورا إلى لقاء رابع يتم استضافة شاعر أجنبي رفقة ممثل مسرحي يقرأ نصوصه المترجمة.

عرف هذا الفضاء الكثير من الأسماء التي صنعت المشهد الثقافي، نذكر على سبيل المثال؛ الشاعر والناقد عبد القادر رابحي، الشاعر والأستاذ شيخ شعثان، الأستاذ الشاعر عمر أزراج والشاعرة أمال رقايق والشاعر اللبناني بول شاوول، إلى جانب الكثير من الأسماء التي صنعت الحدث الثقافي بشكل جعل المتابع يسجل الكثير من الارتياح.

للأسف، لم توضح الشاعرة لميس سعيدي لـ«المساء"، سبب توقف هذا الموعد، رغم أهميته القصوى، خاصة في لون أدبي، مثل الشعر على اختلاف تشكيلاته.

من جهته الروائي سمير قسيمي، الذي كان المبادر الأوّل لإقامة نشاط "موعد مع الرواية"، غير أنه توقف بعد بضع مواعيد، لأسباب قال عنها قسيمي سابقا بأنها تتعلق بجانب الدعم اللوجيستيكي.

ثم ما لبث سمير قسيمي أن رفع تحديا آخر، لعودة الموعد تحت جناح ودعم المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، لكن لا شيء حدث وبقيت هذه المشاريع الثقافية مختفية أو غائبة،