يوغرطة عبو يقدم روايته بـ"كريشاندو" ويصرح:

الكلمات علاج لألم الروح وفجعة الحياة

الكلمات علاج لألم الروح وفجعة الحياة
الكاتب يوغرطة عبو
  • القراءات: 532
لطيفة داريب لطيفة داريب

 

أكد الكاتب يوغرطة عبو، قدرة الكلمات في علاج جروح النفوس، وحتى في إصلاح الأمور وتغيير حياة إنسان، وهو ما أراد إبرازه في روايته المعنونة بـ"كلمات مصرفة"، التي قدمها بمدرسة الفنون "كريشاندو" في البليدة، أول أمس.

 

خط الكاتب يوغرطة عبو في روايته "كلمات مصرفة" قصتين، الأولى بطلها راو حكيم، اختار أن يكون مسعاه علاج الأرواح بكلمات مناسبة لكل درن، متتبعا مسار الشيخين التبريزي وجلال الدين الرومي، أما القصة الثانية، فتدور حول مهدي ابن أخ الحكيم، الذي عرفت حياته مطبات كثيرة وتغيرات جذرية.مهدي الذي عاش في شبابه حياة هادئة، في كنف والدين ميسوري الحال، عرف صدمة أولى بوفاة حبيبته أمال، إثر زلزال بومرداس، ليدخل في دوامة من الحزن الشديد، دفعت به إلى ارتياد الحانات وشرب كميات كبيرة من الكحول، ليتدخل عمه الحكيم وينقذه من هلاك محتوم. يلجأ مهدي إلى الجزائر العاصمة لمواصلة دراسته الجامعية، وهناك يلتقي بحورية، التي تحثه على الهجرة، بحثا عن جنة الحياة، لكنه يصطدم مرة أخرى بواقع أليم، يتمثل في رفض منحه الفيزا.من جهتها، لم تتردد حورية في دفعه إلى الهجرة غير شرعية، يرفض مهدي في بادئ الأمر، إلا أنه يقبل بعد إلحاح شديد منها، ليجد نفسه هذه المرة في قبضة إرهابيي "داعش"، بعد كمين نُصب لهؤلاء "الحراقة" ويُؤخذ عنوة إلى العراق. في العراق، يتحول مهدي إلى إرهابي يحلم بتفجير نفسه، والتنعم بـ"جنان الخلد"، كما يحاول أن يصبح "أميرا".

في المقابل يجد والده الذي كان يطمح في منصب وزير، نفسه في مأزق متسائلا عن الخيار الذي يجب أن يتخذه بين إنقاذ حياته المهنية أم إغاثة ابنه، في حين لم تتردد والدة مهدي في انتقاء صف ابنها، فعملت على إنقاذه بكل ما استطاعت وتحقق ذلك، ليعود مهدي إلى الجزائر ويُنقذ للمرة الثانية من طرف حياة التي تغير حياته.قال يوغرطة عبو، إنه أراد إبراز قوة الكلمات في علاج الأوجاع في روايته هذه، التي كتب مقدمتها الكاتب مصطفى بلفوضيل، مضيفا أنه تناول فيها هزات تعرض لها المجتمع الجزائري، مثل زلزال بومرداس وفيضانات باب الوادي والهجرة غير الشرعية غيرها. وتطرق لردة فعل أطياف من المجتمع لزلزال بومرداس، فهناك من أرجع سبب الزلزال إلى لباس المرأة غير المستور، معتبرا أن مثل هذه الأزمات تظهر طبيعة أمراض المجتمعات. كما أبرز أيضا نفاق البعض الذي يرتدي لباس "العفة"، إلا أنه في الحقيقة بعيد كل البعد عن حقيقة الإسلام، وهو ما أظهره من خلال شخصية العم الحكيم أو الراوي الذي ولج المساجد، وتحدث عن الحب الحقيقي لله.

`أكد عبو عدم اعتباطية اختيار أسماء النساء اللواتي دخلن حياة مهدي، فأمال لم تكن أمل حياته برحيلها المبكر وحورية نصبت له كمينا، إذ لم تشجعه على الرحيل لبلد يمكن له أن ينعم فيه بحريته، بل كانت سببا في سجنه. في حين الوحيدة التي كانت اسما على مسمى هي "حياة".تناول عبو أيضا، ظاهرة الهجرة غير شرعية التي تنخر مجتمعنا، فعدد قصص من امتطوا البحر بشكل خطر، كما تحدث أيضا عن دور المرأة الكبير في المجتمع، فهي التي أنقذت مهدي من الهلاك بداية بأمه، ومن ثمة بحبيبته، كما تطرق إلى اهتمام الأولياء في الكثير من الأحيان بإشباع بطون أبنائهم وترك عقولهم وأرواحهم خاوية.أما الراوي، فقد تحرك أيضا في آخر الرواية، وأصبح عنصرا فعالا أكثر من قبل. بينما طرح الكاتب العديد من التساؤلات على لسان مهدي، عن الحياة وخياراتنا فيها، وعن معاني الكلمات وصدقها. معتبرا أن البعض ما يزال يقاوم التغيرات الحاصلة في المجتمع أولا، وفي العالم ثانيا، بالأخص المتعلقة بالقيم التي تربينا عليها.