الروائي إبراهيم كوريب في فضاء بشير منتوري:

الكتابة نهج لم أتوقع السير فيه قط

الكتابة نهج لم أتوقع السير فيه قط
الروائي إبراهيم كوريب في فضاء بشير منتوري
  • القراءات: 1302
لطيفة داريب لطيفة داريب

الكتابة بلسم للجراح، وبها استطاع إبراهيم كوريب، أن يلملم بعض ندوبه جراء طفولة مخطوفة وفراق الأحبة وفي الأخير، إقالة غير مباشرة من العمل، فصدر له عملان، من بينهما رواية (الخطوات المتوازنة) التي صدرت حديثا عن دار النشر (ميديا أندكس) وقدمها نهاية الأسبوع الماضي بفضاء بشير منتوري.

قصّ الكاتب والمقدم المتقاعد إبراهيم كوريب، حياته في قالب روائي، فشخصية عمر في رواية (الخطوات المتوازنة) هي إسقاط على حياته، حسب تصريح الكاتب لـ(المساء)، الذي أضاف أنه ليس من السهل كتابة رواية بالاعتماد على أحداث واقعية.

وولد الكاتب سنة 1953، ووجد نفسه في سن 11، في مدرسة أشبال الأمة، رغم أنه لم يلتحق من قبل بمقاعد الدراسة، وتدرج ابن الشهيد، في المناصب إلى أن أصبح مقدما، لكنه دُفع إلى التقاعد في سن 52، بعد أن اكتشف أن أخاه من والدته، إرهابي.

وفي هذا تساءل إبراهيم: كيف للدولة الجزائرية أن تصرف ميزانية معتبرة لأجل تكوين الملتحقين بمدارس أشبال الأمة وبعدها تحيلهم على التقاعد في سن 45؟، وتساءل مجددا: هل ذنبي أن أخي من والدتي الذي لا أعرفه جيدا ولا أتواصل معه، إرهابي حتى أجبر على التقاعد في سن مبكرة؟.

بالمقابل، تطرّق الكاتب إلى مسيرته في عالم الكتابة التي انطلقت بعد تقاعده، فلم يكن يعتقد أنه سيصبح كاتبا وهو الذي تعلم القراءة والكتابة في سن 11، كما أنه ليس في العادة أن يكتب العسكر، وفي هذا قال إنه قرأ موضوعا في مجلة أمريكية استعارها من مكتبة أمام الثكنة التي كان يشتغل فيها، حول عدم اهتمام العسكر بالمطالعة، فقرّرت المؤسسة العسكرية الأمريكية أن تجبر العسكر على قراءة صحيفة يوميا ورواية في الشهر، مع تلخيص لهذه الأخيرة، لتنطلق مغامرة المطالعة بالنسبة لصاحبنا، فبدأ بقراءة الأدب الجزائري بقلم طاهر جاووت ومحمد ديب وغيرهما، ومن ثم الأدب العالمي، لينتقل إلى الكتابة ولو كتابة جملة واحدة يوميا.

وعن روايته (الخطوات المتوازنة)، أشار إبراهيم إلى اختياره طفل بطل روايته، مضيفا أنه هو ذاك الطفل ابن الشهيد، الذي وجد نفسه رفقة عائلته يعيش في محتشد من محتشدات الاستعمار الفرنسي، وكيف أنه كان يحب اللعب بعود الثقاب إلى درجة تسببه في حرق ثلاثة أكواخ، فقبض عليه من طرف مسؤول الجيش هناك وهدده بإلقائه في الكوخ المحترق، ولكن هذا الأخير نهره مسؤوله المباشر وأشار إلى الجبال الشاهقة التي تحيط بالمكان، تعبيرا عن مكان وجود المناضلين الجزائريين، العدو الحقيقي لفرنسا وليس هذا الطفل.

وقصّ الروائي التحاق الطفل عمر بمدرسة أشبال الأمة، وهو الذي لم تطأ قدماه مقاعد الدراسة من قبل، وكيف أنه كان ينتظر قدوم والدته في عطلة الأسبوع، ومرة لم تأت كعادتها، فاحتار في أمرها، وفي الأسبوع الذي تلاه، زارته عمته لتخبره بزواج والدته، وواصل عمر أو إبراهيم تكوينه في المدرسة، وتخصص في المدفعية، ليضطر إلى التقاعد، بعد أن يكتشف بأن أخاه من والدته، إرهابي، رغم أن عمر كان قائدا لوحدة مكافحة الإرهاب.

وعن روايته الأخرى التي تحمل عنوان: (أسفل الكراهية) والصادرة عن دار (أرماتون)، قال إبراهيم إنها تحكي أيضا عن قصة طفل ابن شهيد، فتح عينيه على عالم عنيف حقا، ووجد نفسه وحيدا بعد الاستقلال، لينتقل إلى فرنسا وهناك التقى بجزائرية جميلة جدا، لكنه يكتشف أنها ابنة (حركي)، فهل يتزوج بها أم أن الجراح لم تندمل بعد. هل يغلب الحب عن الحقد أم تطغى المشاعر الدنيئة عن نظيرتها الرقيقة؟.

أما كتابه الثالث الذي لم يصدر بعد ويحمل عنوان (الظلال الهاربة)، يحكي فيه عن زوج من الريف، تصادر أرضهما في الفترة الاستعمارية، فيقرران الرحيل إلى فرنسا، ويعيشان في أرض مع عائلة من الكونغو وأخرى من أصل يهودي، وخلال الحرب العالمية الثانية، تجر العائلة اليهودية إلى (المحرقة) ويتم إنقاذ الطفل من العائلة الجزائرية ويعيش في كنفها، وحينما يكبر، يصبح شرطيا بباريس إلا أنه يشعر بعدم الارتياح لأنه يعمل تحت إمرة (بابون) الكاره لليهود، بينما يندمج أطفال العائلة الجزائرية في كنفدرالية جبهة التحرير بفرنسا.

في إطار آخر، كشف إبراهيم عن دراسته مع الكاتب ياسمينة خضرا بمدرسة أشبال الأمة، رغم أنهما لم يكونا من نفس التخصص، فهو درس الرياضيات وياسمينة خضرا، الأدب، مشيرا إلى حبه لكتابة الواقع من دون تردد، في حين أنه يخاف ارتكاب خطأ ما حينما يكتب موضوعا خياليا مثل روايته التي لم تعرف النور بعد.