ندوة قضايا النشر في الوطن العربي

الكتاب يواجه الغلاء والقرصنة وضريبة «التنقل»

الكتاب يواجه الغلاء والقرصنة وضريبة «التنقل»
  • القراءات: 736
مريم.ن مريم.ن

تناولت ندوة «قضايا النشر في الوطن العربي» التي احتضنها جناح جمهورية مصر في الصالون الدولي للكتاب، مسائل النشر ورواج الكتاب العربي وسهولة تنقله وعبوره للحدود. وقد ألح المشاركون على ضرورة تفعيل هذا التعاون والنهوض بمشاريع التبادل الحر ضمن السوق العربية بعيدا عن التعقيدات التي تعطل وصول الكتاب إلى القارئ.

أشار الأستاذ إسماعيل امحند من «دار الحبر»، أن سوق الكتاب في الجزائر وظهور دور النشر برزا خلال فترة التسعينات، وهو ما ولد التفكير في مسألة التسويق داخل وخارج البلاد، وبالفعل فقد استطاع الكتاب الجزائري أن يدخل السوق العربية ولو بصورة محتشمة.

أدار الندوة السيد شوكت المصري الذي استعرض قضية الكتب المزورة التي تهدد سوق الكتاب خاصة بمصر، فالكتب غالية الثمن مثلا والمطلوبة ذات الأسعار المرتفعة يتم طبعها في السوق الموازية، أي قرصنتها بنسخ مزورة وبيعها بأسعار منخفضة، فرواية ذات الـ200 جنيه تطبع بالتزوير وتنزل للسوق بسعر 60 جنيها، وهكذا تماما كما تزور الأقراص المضغوطة الخاصة بالأفلام والأغاني.

وعن الكتاب الجزائري، أشار الأستاذ شوكت أنه باهض الثمن بمصر ويقدر ثمنه على الأقل بـ400 جنيه، ما يمثل نصف راتب المعلم المصري، بالتالي لا يمكن اقتناؤه بشكل أوسع. كما أنه يسوق في إطار ضيق ومحدود.

بدوره، دعا حسن بن نعمان من «دار الأمة» والعضو باتحاد الناشرين العرب، إلى فتح الحدود أمام الكتاب ليعبر بحرية دون ضرائب، وقال بأنه ينبغي نسف الحواجز من أمام الناشرين، وهذا ما سيجسد الوحدة الثقافية التي هي أسهل تحقيقا من الوحدة السياسية.

تناول المتحدث اجتماع مديري صالونات الكتاب العرب الذين اجتمعوا هذه السنة بمكتبة الإسكندرية بمصر، وناقشوا فيه مسألة فتح الأسواق وتسهيل سفر الكتاب نظرا لأهمية هذا الموضوع.

أشاد السيد بن نعمان بتجربة مصر في مجال النشر وباعها الطويل مع الكتاب، حيث أخذت منها بعض التجارب الرائدة وطبقت في الغرب من ذلك تجربة «الطبعة الشعبية» في عهد الملك فاروق، التي تهدف إلى تعميم الكتاب وتوفيره عند الطبقة الشعبية البسيطة.

بالنسبة للجزائر، ذكر أن التجربة بدأت من الصفر وانطلقت في فجر الاستقلال، علما أن بعض دور النشر كانت تنشط إبان الاحتلال، لكنها كانت تكاد تكون نادرة، وهكذا أنشئت المؤسسة الوطنية للكتاب التي واصلت عملها إلى غاية منتصف التسعينات، ليفتح بعدها المجال للاستثمار الخاص.

الجزائر كانت دوما همزة وصل بين العرب والغرب وأيضا بين إفريقيا وأوروبا، لذلك فإن كتابها مطلوب، علما أن العشرية السوداء زادت من الطلب والشغف، وبعدها أي سنة 2000 عاد الصالون الدولي للكتاب وكانت مصر أول الحاضرين بـ80 دار نشر.

دخل النشر عالم الاستثمار وظهر الخواص فكسرت الكثير من الحواجز ودخل الكتاب المستورد إلى الجزائر، منها الكتاب العربي.

أكد بن نعمان أن الكتاب الجزائري غائب في القاهرة وقلما يوجد ماعدا في بعض المكتبات القليلة جدا، منها مكتبة «الكونغرس» ومكتبة «ليلى» ومكتبة «مدبولي». وذكر «مركز الأهرام» كلف بتقديم وتوفير الكتاب العربي للقراء ومن ذلك الكتاب الجزائري، ومع ذلك بقي الغياب حتى بالنسبة للمؤلفين الأكادميين، فمثلا المؤلف الجزائري موجود في الأردن وغائب في مصر.

أكد الأستاذ شوكت أن صالون الكتاب بمصر في دورته الماضية (أي الـ47) ازدادت المشاركة فيها بنسبة الـ60 بالمائة لكن القدرة الشرائية أصبحت أقل، وهي من ضمن التحديات المطروحة. كما ذكر تجربة هيئة الكتاب بمصر التي بادرت بمشروع إنشاء شركة توزيع عربية داخل القاهرة طيلة السنة وليس فقط خلال التظاهرات الكبرى وقدمها الدكتور هيثم حاج علي وستطرح على اجتماع مجلس الوزراء المصري.

مسألة أخرى طرحها الأستاذ شوكت، وهي أن القارئ أصبح يفرض على الناشر وعلى المؤسسات المؤلف الذي يختاره، عكس الماضي، حيث كانت مؤسسات النشر هي من تفرض المؤلف.

تناول السيد إسماعيل مسألة القوانين المتعلقة بالكتاب وكذا مسألة بيع وشراء الحقوق التي تغيب في المعارض الكبرى، حيث تحضر دور النشر ولا يحضر معها ممثلوها المنتجون لإبرام الصفقات.

في الختام، أجمع المتدخلون على أن تسويق الكتاب لا يتم حاليا إلا عبر الصالونات الكبرى بسبب نقص ميكانيزمات التسويق، وأصبح 95 بالمائة من الإنتاج تقتنيه المؤسسات وليس الفرد العربي. كما لوحظ تراجع الاستثمار ونقص الإستراتيجيات بخلاف الغرب الذي يستهدف الكتاب القارئ ومباشرة، بالتالي أصبح السوق مرتعا لكتب لا ترقى للثقافة، منها كتب الطبخ والكلمات المتقاطعة و«الثقافة العامة» وغيرها من العموميات ولم يعد المعيار هو الكفاءة، ناهيك عن مشكل الدخلاء وكذا طغيان الأموال والبزنس الذي لا علاقة له بالمهنة، فمثلا بالنسبة للجزائر كان هناك 60 ناشرا سنة 97 وأصبح اليوم العدد 900 وأغلبهم لا علاقة لهم بالكتاب، بالتالي وجوب إبعادهم.

أجمع المتدخلون أيضا على وجوب إيجاد قوة ضغط تقف وراء الكتاب العربي تماما كما يفعل الاتحاد الأوروبي (حضر الصالون عكس الجامعة العربية).

بالمناسبة أيضا، تم استعراض أهمية صناعة الورق التي أصبحت اليوم أخطر من صناعة السلاح في العالم.