في مهمة لإنقاذ الأرض

الكتاب الورقي يواجه الإلكتروني

الكتاب الورقي يواجه الإلكتروني
  • 652
ق.ث/ الوكالات ق.ث/ الوكالات

كشفت دراسات أجنبية جديدة، أنه على مدار ما يزيد عن عقد من الزمان، كان القراء الإلكترونيون يخترقون سوق الكتب، في ظل توقعات بزيادة هذه النسب التي تخترق دول العالم.

فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن ينمو السوق الأوروبي بنسبة 4.43٪ سنويا، بين عامي 2023 و2028، وفي فرنسا، استحوذت الكتب الإلكترونية على 10.3٪ من مبيعات الكتب في عام 2022، وفي الولايات المتحدة بلغت 6.94٪.

تبرز هذه الأرقام، كيف أن أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية تتميز بسهولة الحمل، نظرا لوزنها الخفيف، وسهولة استخدامها، ناهيك عن الميزة الأهم، وهي أن القارئ لا يحتاج إلا لجهاز واحد فقط، ليقرأ عليه العديد من الكتب التي يحصل عليها بضغطة شراء، على العكس تماما من الكتب الورقية، قد تبدو مثل هذه الحجة البيئية منطقية، لكنها في الواقع ليست بهذه البساطة. فبين عامي 2003 و2023، تم إجراء عشرات الدراسات من قبل العديد من المنظمات والباحثين، في محاولة لحساب ما إذا كان للكتب الإلكترونية تأثير أقل علي الكوكب الأزرق من الكتب الورقية أم لا، وفقا لتقرير نشره موقع "بائع الكتب"، فإن النتائج جاءت مختلفة، في عام 2008، أجرت شركة "كربون" الاستشارية المتخصصة في الاستراتيجيات منخفضة الكربون، دراسة وجدت أن تصنيع جهاز قارئ الكتب الإلكتروني أنتج 235 كغ من ثاني أكسيد الكربون، بينما أنتج الكتاب الورقي 1.3 كجم فقط من ثاني أكسيد الكربون.

كما أظهرت الأبحاث أن البصمة الكربونية لكتاب واحد مطبوع، تبلغ 7.5 كجم من ثاني أكسيد الكربون، بينما تبلغ البصمة الكربونية لقارئ الكتاب الإلكتروني 168 كجم من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعني أن إنتاج قارئ الكتب الإلكترونية ينتج عنه انبعاث 22.5 مرة من ثاني أكسيد الكربون، أكثر من إنتاج كتاب مطبوع. كما توصلت الدراسات إلى استنتاجات أخرى، في عام 2011، أوضح دانيال لويد، الباحث في جامعة ولاية كاليفورنيا بوليتكنيك، أن المستهلك يحتاج إلى قراءة ما بين 40 و50 كتابا إلكترونيا، لتعويض التلوث الناجم عن إنتاج جهاز قراءة إلكتروني.

في جوان 2021، خلصت دراسة نشرتها شركة "هيلجييوغ"، وهي شركة استشارية هولندية متخصصة في التحول البيئي للشركات، إلى أنه إذا قرأ شخص ما أكثر من 25 كتابا على مدى خمس سنوات، فإن القارئ الإلكتروني هو الأفضل للبيئة، من الكتب المطبوعة في 25 من أصل 27 فئة من فئات التأثير البيئي، مثل السمية البشرية واستنفاد طبقة الأوزون.

تقول الدراسة، إن التلوث الرقمي هائل، وهو أسرع أنواع التلوث انتشارا. تستهلك الصناعة الرقمية العالمية ما يكفي من المياه والمواد والطاقة، لمنحها بصمة تبلغ ثلاثة أضعاف مثيلتها في بلد مثل المملكة المتحدة. لكن بالطبع، لا يستخدم الكثير من الأشخاص الأجهزة اللوحية لقراءة الكتب فقط، كما أن حجم الشاشة يلعب دورًا في كمية المعادن اللازمة لتصنيع جهاز القراءة الواحد، ناهيك بالطبع، عن العمر الافتراضي للبطارية، وهو ما لا ينبغي التغاضي عنه، ومن هنا فالأمر أكثر تعقيدا.

يقول لورينز هيلتي، الأستاذ في قسم المعلوماتية بجامعة زيورخ، والذي درس البصمة البيئية للتقنيات الرقمية لأكثر من 20 عاما، إنه إذا ما أخذنا في الاعتبار، المعادن النادرة اللازمة لإنتاج أي جهاز رقمي، سنجد في النهاية أن الكتب المطبوعة تأثيرها البيئي منخفض للغاية.

أكدت الدراسة أنه قيل بأن التحول الرقمي سيساعد علي إنقاذ الكوكب، و«لكن يؤسفنيا القول بأن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، لأن الصناعة الرقمية العالمية تستخدم 10٪ من الكهرباء في العالم، وتمثل ما يقرب من 4٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وهو ما يقرب من ضعف انبعاثات قطاع الطيران المدني العالمي".

وتوضح الدراسة أن غلاف القارئ الإلكتروني يحتوي علي أكثر من 85٪ من البلاستيك المعاد تدويره، بينما تدعي أمازون أن منتجاتها الإلكترونية، بما فيها "كيندل"، تتميز بنسبة تصل إلى 75٪ من البلاستيك المعاد تدويره، و100٪ من الألومنيوم يأتي من إعادة التدوير، وما يصل إلي 90٪ من المغنيسيوم المعاد تدويره.

ووفقا للدراسات، فقد أصبح المستهلكون يدركون بشكل متزايد تأثير التكنولوجيا الرقمية، فبحث استطلاع رأي أجري في عام 2019، كشف أن 40٪ من الفرنسيين يرون أن هناك صلة بين ممارساتهم الرقمية والاحتباس الحراري. وفي المملكة المتحدة، يقوم اتحاد الناشرين الأوروبي بالعمل على نشر مبادرات الاستدامة المعنية بتثقيف المستهلكين، حول استدامة عاداتهم الخاصة، ووفقا لأحدث البيانات، فقد تقلصت مبيعات الكتب الإلكترونية في المملكة المتحدة بنسبة 8.3٪ في عام 2022، وهو ما يعني أن الحرص على استدامة بعض العادات قد يكون مفتاحا لمستقبلهم.