الباحثة والإعلامية المختصة في التراث الشفوي الشعبي وردة زرقين لـ«المساء":

الكتاب أحسن وسيلة للحفاظ على موروثنا الشفوي

الكتاب أحسن وسيلة للحفاظ على موروثنا الشفوي
الباحثة والإعلامية المختصة في التراث الشفوي الشعبي، وردة زرقين
  • القراءات: 904
حاوها: بوجمعة ذيب حاوها: بوجمعة ذيب

أصدرت الباحثة والإعلامية المختصة في التراث الشفوي الشعبي، وردة زرقين، عن دار "بهاء" للنشر والتوزيع، كتابا جديدا يضاف إلى رصيدها الثقافي غير المادي، يحمل عنوان "تيزيمث"، يتضمن الأمثال الشعبية، الحكايات والأساطير، الترانيم والألغاز الشعبية باللهجة القبائلية، وتعد وردة زرقين أول باحثة في الجزائر تجمع كل التراث الشعبي بشقيه العربي والأمازيغي، رغم أنها لا تتكلم الأمازيغية..."المساء" التقت بها، وأجرت معها هذه الدردشة.

  من هي وردة زرقين؟

❊❊وردة زرقين من مواليد مدينة قالمة بالشرق الجزائري، إعلامية وشاعرة وباحثة في التراث الشفوي الشعبي، وإطار سابق في مؤسسة توزيع المياه وحدة قالمة.

صدر لك مؤخرا، كتاب قيم يحمل عنوان "تيزميت"، هل بإمكانك أن تعرفينا به؟

❊❊ "تيزيمث" كتاب خاص بالتراث الشفوي الشعبي القبائلي، مترجما إلى اللغة العربية، جمعته من عدة مناطق قبائلية، منها تيزي وزو، بجاية والبويرة، وصنفت هذا الموروث الثقافي في أربعة أبواب؛ خصصت الباب الأول للأمثال الشعبية، والباب الثاني للحكايات والأساطير، أما الباب الثالث فخاص بالترانيم، وخصص الباب الرابع للألغاز الشعبية، مع تقديم حل لكل لغز.

هل ستكتفين بهذا الكتاب؟

❊❊أكيد لا، لأنني أسعى مستقبلا إلى جمع هذا التراث من المناطق المتبقية في الجزائر، وتدوينه في كتب، بالتالي توثيقه حتى يبقى متوارثا من جيل لآخر، وهكذا تساهم في الحفاظ على الذاكرة الشعبية.

هل لك أن تحدثينا عن إصداراتك التي لها علاقة بالذاكرة الشعبية؟

** لقد صدر لي كتاب حول الأمثال الشعبية، البوقالات والألغاز الشعبية، بدعم من وزارة الثقافة، في إطار "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" بعنوان "العنقود"، كما صدر لي كتاب آخر بعنوان "جواهر" حول الأمثال والألغاز الشعبية والبوقالات، وهو الجزء الثاني، والجزء الثالث من هذا التراث بعنوان "ما ضل.. وما تبقى" تحت الطبع، كما صدر لي أيضا كتاب حول الأغنية الثورية الشعبية بمنطقة قالمة في الجزائر، بعنوان "إيضاءات"، وكتاب رابع حول التراث الشفوي القبائلي بعنوان "تيزيمث". كذلك لي كتاب آخر تحت الطبع بعنوان "إكليل الزهور" حول القصص الشعبية، وكتاب حول التراث الشفوي الشعبي باللهجة الشاوية، من ترجمة، شرح وتعليق بعنوان "تللوشت".

يقال إنك تهتمين أيضا بالشعر، هل لك أن تؤكدي لنا ذلك؟

❊❊ أكيد ولي في ذلك ديوان شعر تحت الطبع، وهو أول ديوان لي بعنوان "قرار"، جمعت فيه كل قصائدي منذ أن بدأت الكتابة لسنوات طويلة.

كيف جاءتك فكرة الاهتمام بالتراث الشعبي الشفوي؟

❊❊ إن فكرة اهتمامي بالتراث الشعبي الشفوي بدأت كهواية، لتتحول إلى ممارسة منتظمة يقودها دوما الفضول والبحث المستمر في كل ما هو تراث جزائري، ممتد من الحدود إلى الحدود، فقد ارتبطت منذ نعومة أظفاري بكل ما هو تراثي، وولعي به دفعني إلى البحث في ذاكرة الأجداد، فقررت أن أغوص في أعماق الذاكرة والإبداع الشعبي الذي يهدده النسيان، كون الذاكرة الشعبية موكلة الغفلة والنسيان، وقمت بالبحث عنه في مناطق مختلفة من ربوع الجزائر، حيث سعيت إلى عملية بحث واسعة، لجمع وإنقاذ كل ما هو خارج التوثيق من أناس حفظوا هذه الجواهر الثمينة، التي توارثتها الأجيال عن الأجداد، فكنت أجالس الكبار، خصوصا العجائز، بهدف الاستماع للأمثال والقصص، وحتى للغة الأصيلة التي كانوا يتحدثون بها، فساعدني ذلك على الانتباه لهذا الرصيد من الكنوز، الذي هو في طريقه إلى الزوال إذا لم تتم العناية به، واستطعت في ذلك، أن أحتك بالجدات المسنات، خصوصا اللواتي منهن في البوادي والأرياف، فعندهن كنوز لا تقدر بثمن.

كم دامت مدة بحثك؟

❊❊ قبل أن أجيبكم، أقول لكم، حقيقة، أن كل ما هو تراثي يعجبني، ويشد انتباهي، وأفضله على ما سواه حتى في الأطباق والحلويات، وكذا الألبسة التقليدية، أما عن سؤالكم، فأقول لكم، إن أبحاثي في التراث الشعبي الشفوي قد أخذت مني سنوات طويلة تزيد عن 20 سنة، وتطلب مني جهدا كبيرا للتنقل بين الأرياف والمداشر بولاية قالمة، لكن أصارحكم بأن ما أسعدني ولحسن الحظ، تنقلي إلى الولايات الأخرى، في إطار التغطية الإعلامية للملتقيات والمهرجانات الثقافية، ومشاركتي في المهرجانات الشعرية والأدبية، فكنت أستغل الفرصة لجمع التراث الشعبي لتلك المنطقة.

هل اهتمامك بالتراث أصبح ممارسة يومية ومنتظمة؟

❊❊ أكيد، اهتمامي بالتراث أصبح ممارسة يومية ومنتظمة، خاصة بعد ما وجدت ميولا كبيرا من مختلف فئات المجتمع لهذا الموروث الثقافي الشعبي، ويظهر ذلك من خلال اقتناء جل كتبي التي تم توزيعها بالمكتبات، كما أن هناك العديد من الإخوة والأخوات اتصلوا بي، للاستفسار عن مكان بيع الكتب، وعن الإصدارات الجديدة، ومن جهة أخرى، في بعض الجامعات كانت كتبي محل دراسة، ومرجع في مذكرة التخرج في الليسانس والماستر، وهذا ما شجعني على مواصلة البحث والجمع والتدوين.

كيف تنظرين إلى واقع هذا التراث الثقافي الشفهي؟

❊❊ هذا التراث الثقافي الشفهي يضيع منا، لأن المجتمع في مراحل طويلة، لم يكن يستطع أن يكتب هذا التراث، بسبب ما كان يمر به من نقص التعليم، وعدم وجود وسائل التوثيق، ثم في الوقت الحالي، طغت وسائل التكنولوجيا الحديثة، وأصبح الكل مهتما بها، كمواقع التواصل الاجتماعي، فعصر التكنولوجيا بات يُشكِّل حاجزا بين أفراد المجتمع، ورغم أن بعض القنوات الإذاعية والتلفزيونية، أخذت بعين الاعتبار هذا الموروث الثقافي، فإنه لا زال في طريق النسيان والإهمال، لذا لجأت إلى تدوينه في كتب، لأنني أعتبر الكتاب أحسن طريقة للحفاظ عليه.

من ساعدك على البحث من خلال جمع كل ما له علاقة بالتراث الثقافي الشفوي؟

❊❊ لقد استعملت واعتمدت على إمكانياتي الشخصية في رحلة البحث، رغم تذمري من ضيق الوقت، نتيجة ارتباطي بعملي كإعلامية حاليا، وسابقا كإطار بمؤسسة "الجزائرية للمياه" في وحدة قالمة. للعلم، فإن جمع كل تلك الأعمال فيه نوع من التعب، بسبب التنقل من مدينة إلى أخرى، وما بين الأرياف والبادية، للبحث عن تراثنا، ومعرفة حضارة أجدادنا، وطريقة العيش في أزمنة مختلفة وغابرة، لذا كنت استغل الفرصة لجمع التراث الشعبي لتلك المنطقة، وأتعب وأجهد نفسي بسبب الوقت الضيق، ربما أحتاج لـ36 ساعة يوميا وليس 24 ساعة، لكن رغم كل ذلك، فأنا مرتاحة وسعيدة، كوني أحقق ما أصبو إليه، ثم حب المهنة يجعلني لا أكترث للتعب.

هل نشطت حصصا إذاعية حول التراث الثقافي الشفوي؟

❊❊ أكيد، نشطت حصة إذاعية بعنوان "أمثال وألغاز شعبية" لمدة عام تقريبا، وقد لاحظت خلال تنشيط الحصة بإذاعة قالمة، اهتماما كبيرا من طرف المستمعين لهذا التراث، من خلال تهافت المكالمات وسعادة المستمعين بالبرنامج.

ما رأيك في الأمثال التي جمعتيها؟

❊❊ تقريبا، وجدت جُل الأمثال تعبر عن واقعنا وحياتنا اليوم، ومن خلال الإبحار في هذا العالم من الموروث الثقافي، لاحظت أن المجتمع يتخذ تلك الأمثال الشعبية، وفق المواقف والتجارب اليومية، وهي تنطبق على واقعنا الحالي تقريبا، فوجود الأمثال الشعبية وسط الحديث أساسي وجوهري، وهي لغة تعبيرية صادقة ومريحة للقلب، وتساعد على فهم الحياة ومتاعبها، فالأمثال الشعبية في الحقيقة هي تربية وقدوة تُوَّرث للأجيال، لما فيها من حِكم وعِبر تمس الصميم، وتنير تجارب الإنسان في حياته الشخصية والعملية. لقد وجدت ميلا كبيرا من مختلف فئات المجتمع إلى هذا الموروث الثقافي الشعبي، وأصبحت الأمثال الشعبية مرغوبة للحفظ والتداول بين الأشخاص، ويتجلى ذلك في الإقبال الواسع للقراء على اقتناء الكتب التي دونتها.

ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟

❊❊ سأخوض الكتابة في الرواية، من أجل توظيف التراث الشفوي، فهذا الكم الهائل من التراث الذي بحوزتي، يستحق التوظيف في الرواية.

يقال؛ إن وردة زرقين شاركت في عدة انطولوجيات عالمية وكتب جماعية في عدد من الدول؟

❊❊ نعم، شاركت في عدة انطولوجيات عالمية وكتب جماعية في كل من الجزائر، تونس، المغرب، صربيا، أمريكا، الهند، أندونيسيا وغيرها، أكتب الشعر بالعربية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت قصائدي في العديد من الجرائد والمجلات العربية والأجنبية، منها جريدة "الزمان" المصرية، "النهار" العراقية، "الصريح" الفلسطينية، "الجديد" الجزائرية، "الشرق" العراقية، "الحقيقة" الفلسطينية، "فن الفنون" العراقية، "الحدث" العراقية الصادرة في لندن، "الإخبارية" العراقية، "الثورة" الفلسطينية، وأيضا في مواقع عربية وأجنبية في اليمن، بلجيكا، رومانية، أمريكا وغيرها.

هل ترجمت أعمالك إلى لغات أجنبية؟

❊❊ نعم، ترجمت قصائدي إلى الإنجليزية والأوزباكستانية والإسبانية، وقصائد أخرى تحت الترجمة إلى لغات أجنبية.