"رمضانيات جامعة الجزائر" في عددها الأول

القصص الشعبي رمز دال على الهوية الجزائرية

القصص الشعبي رمز دال على الهوية الجزائرية
البروفيسور عبد الحميد بورايو
  • 1123
 مريم. ن مريم. ن

نظمت المكتبة المركزية بجامعة الجزائر2 قسم النشاطات العلمية والثقافية، أول أمس، العدد الأول من "رمضانيات جامعة الجزائر" وهي فكرة وتقديم الدكتورة آمال قادري ومن إخراج ليلى أبو هيب، وخصص هذا العدد للقصص الشعبي من خلال استضافة البروفيسور عبد الحميد بورايو.

أشار الضيف إلى أن نصوص الأدب الشعبي تعتمد على لغة خاصة وذات خطابات تستخدم المجاز وهي تختلف عن لغة الحياة اليومية، وهي كلها ذات قالب شفوي ظهرت منذ التاريخ الغابر وهدفها هو التأثير. تتميز لغة الأدب الشعبي بالعاطفية وتستخدم الصور الخيالية والمجازية بالنسبة للجزائر فهذا الأدب هو مجموع ما توارثه الجزائريون من قول أدبي شعبي شفوي في جميع اللهجات، كما أن الإبداع في هذا الأدب لازال قائما خاصة في الشعر (الملحون). من أشكال الأدب الشعبي هناك الأسطورة والحكاية الخرافية والأمثال والألغاز وأشكال أخرى قولية وفرعية كالقصص الشعبي، وفي الجزائر تسمى الحكاية بـ"المحاجية" أو "الخرايفة".

الحكاية الخرافية نشأت بعد تراجع الأسطورة وحلت محلها وتمثل وعي الإنسان في مراحله الأولى، وكل الشخصيات هي عبارة عن وحوش منها الغول، ، وظهرت هذه الحكايات في بيئة زراعية، حيث بدأ الإنسان يعي الطبيعة ويروضها وتعززت علاقته بالأرض والعمل وغالبا ما كانت الحكايات تنتهي بانتصاراته على الوحوش منها الفيضانات والأعاصير وغيرها. للإشارة، فإن من سمات الحكاية الخرافية هي الميل إلى الغريب والعجيب، والميل أيضا إلى المنطقي والواقعي، تمزج في مادتها السردية بين العجائبي الذي يثبت قدرة الخيال على نسج حكايات مختلفة الشخوص والأحداث، كما تبين السحر في استخراج عناصر من الواقع للحكايات، لتعكس العمق والدلالة. كما تعكس الخرافة مدى الموهبة في نسج الحكاية في صورة فنية، تتوضح فيها لمسة الإبداع والخيال الخصب.

تحوي الحكاية الخرافية أيضا ضمن القصص الشعبي مضامين أخلاقية ووعظية، وغالبا ما يفوق الجانب الأخلاقي جانب التسلية والترفيه. أكد البروفيسور بورايو أن مسار الحكاية الشعبية طويل، وبقيت تحيا بالمناطق الجبلية والريفية في الجزائر علما أنها راجت مع ظهور الأسرة الأبوية، فكان أن حملت القيم الأسرية، لكنها طبعا خضعت لبعض التغيرات عبر الزمن ومن ذلك تكيفها مع تحولات المجتمع وكذا مع الأديان خاصة الإسلام ، لكن صمودها تراجع مع اكتساح وسائل الإعلام والاتصال.

حسب الضيف، فإن الحكي في الماضي كان يوميا بين شخصين أو أكثر وفي أي مكان كان ولو في الطريق، وهناك حكي الأسواق والمناسبات العامة، وهناك حكي الليالي وهو من اختصاص النساء ويستهدف خاصة الأطفال يحمل طابعا تربويا ذو قيم اجتماعية تعكس خصوصية الأسرة الأبوية وهنا يتكشف دور المرأة كبطلة في الحكي وهي غالبا ما تظهر في الحكاية كبطلة مضحية وذكية تعود دوما منتصرة مع أبنائها وتستعمل الحكاية غالبا في بدايتها عبارات خيالية وتنتهي بالرجوع للواقع المعاش.

تحدث البروفيسور عن "المداحين" المتنقلون عبر أرجاء الجزائر وغالبا ما يروون قصصا من التراث الديني ويحيون أشعار الأندلس التي تبرز الصراع الذي كان دائرا في الأندلس بين المسلمين والنصارى ضمن تراث الملاحم ويحيون أيضا تراث المغازي المشرقي الذي راج في الحروب الصليبية ويسقطون كل ذلك على الواقع خاصة في فترة الاحتلال الفرنسي كنوع من المقاومة والتوعية والتحريض على الثورة ضد فرنسا. في الأخير دعا الضيف إلى صون هذا التراث من خلال أرشفته وتدوينه وتقديمه للشباب لأنه جزء من الهوية يجب الاطلاع عليه واستغلال رموزه خاصة في مجال الإبداع.