المنشد السنغالي الشيخ محمد جيم ساو لـالمساء:

القادرية والتجانية والمريدية طرق ساهمت في انتشار فن الإنشاد

القادرية والتجانية والمريدية طرق ساهمت في انتشار فن الإنشاد
المنشد السنغالي الشيخ محمد جيم ساو
  • القراءات: 797
حاوره: زبير زهاني حاوره: زبير زهاني

رفع راية الإنشاد من خلال أغانيه التي يمجد فيها ويعظم الله ويمدح خير الأنام، محمد خاتم الأنبياء، واختار لنفسه المنهج الصوفي في إيصال رسالته، التي انطلقت من عمق إفريقيا، وشقت طريقها إلى مختلف البقاع، كما قطعت أعماله الحدود لتصل إلى أبعد النقاط في العالم، هو الشيخ محمد جيم ساو من دولة السنغال، مؤدي ومطرب رئيسي لفرقة نور السلام منذ 2003، وهو مؤسس المهرجان الأول للموسيقى الصوفية بالسنغال، الذي يجمع بين التقاليد والحداثة، كما نظم أول عرض صوت وإضاءة، تعظيما للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، تحت عنوان أصوات مهداة للنبي سنة 2008، على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، وفتح له الطريق لتقديم عروض أخرى، جابت مختلف قاعات العرض بداكار، ويؤكد الشيخ محمد جيم ساو أن لعائلته من أمه، الفضل الكبير في إدخال الطبلة للغناء الصوفي وفق الطريقة القادرية خاصة، بفضل جده المرشد الروحي، الشيخ مامي موري جبمبيرا الصوفي، صاحب الصوت المميز.. المساء التقته على هامش مشاركته في المهرجان الدولي للإنشاد المقام بقسنطينة، خلال الأسابيع الفارطة، بعدما كانت مشاركته قريبة من الإلغاء، بسبب حادث مرور تسبب في إصابة أربعة من أعضاء الفرقة، لكن إصراره على المجيء، جعلته يستنجد بأعضاء آخرين.

أولا، هل لنا أن نعرف سبب تواجدك في الجزائر؟

جئت بدعوة كريمة من إخواني في المهرجان الدولي الثقافي للإنشاد، في طبعته الثامنة، حتى أُعرف بالإنشاد على الطريقة الإفريقية، وبالتحديد على الطريقة السنغالية أو ما يعرف بالإنشاد الصوفي، ومن هذا المقام، أود أن أشكر الجزائر، ومن ورائها، كل من سهر على إنجاح فعاليات هذه الطبعة من المهرجان الذي كان فيه مدح وذكر وفن، وأنا جد فخور بالمشاركة في هذا البلد الجميل، الذي نحبه نحن السنغاليون من عدة جوانب سياسية، اقتصادية وثقافية، وتعلمون أن السنغال كانت ضيفة شرف الصالون الدولي للكتاب سيلا، في طبعته الأخيرة، وهذا يدل على أن هناك علاقات أخوية بين بلدينا، وقد ظهر ذلك جليا في الجانب الرياضي، خلال آخر لقاء في كأس أمم إفريقيا بين منتخبي البلدين في النهائي، وللأسف السنغال انهزم، هذه السفرية للجزائر لأول مرة، مكنتني من زيارة مدينة قسنطينة ومعرفة الجزائر عن قرب والتقرب من الجمهور الجزائري أكثر.

هل يمكن أن تعرّف الجمهور الجزائري بالمنشد الشيخ محمد جيم ساو وأعماله؟

بدأت بالعمل ضمن فرقة نور السلام للإنشاد، وأصدرت أول ألبوم سنة 2003، وكان بعنوان لك الحمد والشكر، ولاقى نجاحا كبيرا في السنغال وحتى خارج الحدود، على غرار أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، أما ألبومي الثاني، فقد صدر بعد خمس سنوات من الأول، وكان بعنوان يا عبد الله، وشاركت في العديد من التظاهرات الدولية، على غرار مهرجان الخيال بدار الثقافات العالمية، وبمعهد العالم العربي في باريس بفرنسا سنة 2014، كما شاركت في الدورة 24 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بالمغرب سنة 2018، ودعيت من طرف وزارة الثقافة التونسية سنة 2015، لتحضير مشروع ألبوم مع المطرب المؤلف سليم لكوش بعنوان صل الله على محمد، والذي سيرى النور قريبا، وفي عام 2019، شاركت بدعوة من قصر الفنون الجميلة في بروكسل، بفعاليات الطبعة 12 ليالي الصوفية ببلجيكا.

ماذا تقدمون خلال حفلاتكم الإنشادية للجمهور العريض؟

نقدم حفلات إنشادية هادفة من التراث الصوفي التي تمجد الله وأسماءه الحسنى، وأشعار لمدح الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام، مستوحاة من نصوص للشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ مشيخ صابو القائد الروحي بالسنغال، وفق الطريقة الصوفية القادرية، كما استعمل أشعارا لجدي الذي يعد من شيوخ الطريقة القادرية، خلال حفلاتنا الموسيقية المنتشرة بغرب إفريقيا، مع استعمال الطبل و«التيدينيت، وهي آلات نقرية ووترية.

ـ ألا تجدون صعوبة في تأدية الأناشيد باللغة العربية؟

ليست مشكلة كبيرة، والصعوبة ليست بالحجم الذي تتصورونه، ربما نحن نتكلم الفرنسية في بلدنا، كما نتكلم اللهجات المحلية والعربية بصفتنا مسلمين، فنحن نقرأ القرآن، ونستطيع الكلام بالعربية وتأدية أناشيد وأشعار بهذه اللغة دون أي مشكل ونتحكم في الأمر، لكن ليس بالنطق الذي ينطقه العرب طبعا، وهنا أجدني أشبه الأمر في كلامنا بالعربية، مثل كلام سكان مدينة مرسيليا عندما ينطقون الفرنسية.

كيف هو حال الإنشاد في السنغال؟

أظن أنه بخير، فهناك انتشار كبير للإنشاد في السنغال، من خلال مختلف الزوايا التي تشهر به، فبالإضافة إلى الطريقة القادرية التي تساهم في انتشار هذا النوع الفني، توجد أيضا الطريقة التجانية والمريدية، وهم أهم ثلاث مدراس صوفية بمنطقتنا بغرب إفريقيا، ومع انتشار هذه الطرق وأتباعها، يكون انتشار الإنشاد، وهو طبعا إنشاد وفق الطرق المنتشرة في دولتنا، وربما يختلف عن الإنشاد في دول أخرى، التي يمكن أن تستعمل آلات مغايرة وطريقة في الأداء مختلفة.

الجمهور الجزائري، وفي العالم العربي والإسلامي على العموم، يرفض استعمال آيات قرآنية بخلفية موسيقية، وهو الأمر الذي تقومون به، ألم يسبب لكم هذا الأمر مشاكل في الحفلات التي تحيونها؟

في الواقع، هي مقدمة للحفل فقط وليس في كل الحفل، نحن اعتدنا على افتتاح حفلنا الإنشادي بسورة الفاتحة من معتقدنا كمسلمين عند بداية كل عمل، وعندما قرأت الفاتحة، لم تكن هناك موسيقى صاخبة، كانت آلة واحدة ترافقني، نحن في السنغال نستعمل هذه الطريقة أحيانا، وليس دائما ولا نجد إشكالا في هذا الأمر، وأظن أن المعتقدات تختلف من بلد لآخر ومن شعب لآخر، تم إخباري في عدد من البلدان العربية التي زرتها أيضا، بأنهم لا يتقبلون وجود موسيقى مع القرآن، مهما كانت قوية أو ضعيفة، أو حتى كخلفية، وأنا أتفهمهم، لكن أجدد تأكيدي أن الغرض من ذلك ليس إنشاد القرآن بالموسيقى، حتى لا يفهم قصدنا في غير محله، وحتى نكون واضحين في تأدية هذا النوع الفني، ومن خلاله إيصال رسائله النبيلة لمختلف الجهات في العالم وللبلدان التي نزورها، خاصة البلدان التي لا ينتشر فيها الإسلام بشكل كبير ويجهلون هذا النوع الفني، حيث نسعى كفرقة مختصة في هذا النوع، إلى التعريف به أكثر ونشره.

هل من كلمة أخيرة؟

أشكركم جزيل الشكر، وأوجه تحية إلى كل سكان قسنطينة والشعب الجزائري، وأتمنى لبلدكم المزيد من التطور والازدهار، وأن يبقى التواصل بين شعوب هذه القارة، خاصة بين الجزائر والسنغال، كما أجدد رغبتي في مزيد من تطور العلاقات بين البلدين في شتى الميادين، خدمة لشعوب المنطقة وشعوب هذه القارة التي تزخر بمؤهلات كبيرة، تحتاج فقط لمن يهتم بها وينميها، نحن كسنغاليين نحب الخير للجزائر، ونأمل أن تكون دائما في مصاف الدول المتطورة.