جمعية "سندس" تحتفي بذكرى أول نوفمبر وتعرض مسرحية "صورة شهيد"

الفرجة والمتعة لإيصال رسائل حساسة

الفرجة والمتعة لإيصال رسائل حساسة
  • القراءات: 1845
لطيفة داريب لطيفة داريب

ركز المسرحي عبد القادر مسعودي على عامل الفرجة في عمله المسرحي الأخير "صورة شهيد"، الذي عُرض أول أمس بالمركز الثقافي عبد القادر الوزري بشفة (البليدة)، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الواحدة والستين لاندلاع الثورة التحريرية. اهتم المسرحي عبد القادر مسعودي بتقديم رسائل متنوعة للجمهور، معتمدا على الفرجة والمتعة اللتين تُعدان من أبرز ركائز كل عمل مسرحي حتى ولو حمل موضوعا حساسا، وهذا في مسرحية "صورة شهيد" التي كتبها وأخرجها ومثل فيها رفقة ممثلين شباب.

وحملت مسرحية "صورة شهيد" التي مثلها كل من فريال مجاجي، جلول زرقي، كريمة عزابة، محمود حميدي بوجلطية، صفيان بلحرثي، فيصل قويدري، أبو بكر فايض عيشاوي، جلول بومعزة، نصر الدين خلفاوي وأسماء.ب، علاوة على عبد القادر مسعودي، موضوعا هاما، يتمثل في تناسي الجيل الجديد تضحيات الشهداء. والبداية برقصة فريال على وقع "الأغنية العجيبة" التي سحرت قلوب الشباب "تسي تسي تسي تسي" وزميلتها "واي واي واي واي"، فجأة يدخل جدها البيت مرتديا الزي التقليدي ويؤنّبها على هذه الرقصات الغريبة، ويتحسر على ولده الذي كان يمقت فرنسا واليوم يغادر البلد باتجاهها، تاركا وراءه أبناءه الثلاثة، وكيف أن الجد لا يستطيع تحمّل تربية مراهقين لا يفقهون في التقاليد العريقة لشعبنا ولا يهتمون بالقيم المغروسة في مجتمعنا.

ويغادر الجد البيت متجها إلى محل لشراء اللبن حتى يتذوّق مجريات مباراة دولية للفريق الوطني الجزائري لكرة القدم. من جهتها، تواصل فريال الرقص وتجد نفسها هذه المرة أمام أخويها اللذين يرتديان زي الفريق الوطني، ويسعيان لاستخدام جهاز استقبال القنوات الفضائية لمشاهدة المباراة، ويبدأ النزاع حول من يصعد إلى السطح لكي يعدّل من اتجاه الهوائية المقعرة، ليكون اختيار فريال لتقوم بهذه المهمة!

وتبدأ فريال في الصياح ويتبعها أخوها بسبب انقطاع الأنترنت عن البيت لمدة أربعة أشهر بعد سرقة "الكابل"، فوداعا الفايسبوك والدردشة إلى أجل مسمى. بالمقابل، قرر أحد المراهقين نزع صورة عمهم الشهيد المعلقة على حائط البيت وتغييرها بصورة اللاعب الأرجنتيني ميسي تزامنا مع مباراة الجزائر. ويحين وقت المباراة وتنقطع الكهرباء ويحدث بذلك غليان في البيت، وتبدأ اللعنات على البلد، وتسبب غضبا شديدا للجد الذي يُبرّئ الجزائر من كل عاهة، مضيفا أن المرض لا يكمن في البلد بل فيمن يتسبب في علتها. وأبعد ممن ذلك فقد يصاب بالذهول، بل بالأسى الشديد حينما يرى صورة ميسي في مكان صورة ابنه الشهيد، وهو الذي لم يشأ أن يرحل عن بيته لأنها تحمل روح ابنه، وهكذا يقرر أن يحكي قصة ابنه الشهيد لأحفاده علّهم يحبون بلدهم ويحملون أمانة الشهداء.

وتعود السنوات إلى الوراء، وها هو الجد قد أصبح شابا، وزوجته تحضّر الخبز في الصباح الباكر، بعدها يدخل ابنها البكر الذي يعمل بنّاء في الثكنات العسكرية الفرنسية، ويخبرها بأن ابنها الآخر لم ينم في البيت، وبعدما يأتي الابن الأصغر ويُطلب منه أن لا يبيت خارجا وبالأخص أن يبتعد عن المجاهدين، يصرخ الابن قائلا إنه يخجل بأخيه الأكبر الذي يعمل عند المستعمر. وتتواصل الأحداث، وتزور امرأة ترتدي الحايك، عائلة الجد، وتطلب مقابلة الابن البكر، ويأتي الابن الأصغر مهرولا إلى البيت، ويخبر الجميع بأن عسكر فرنسا متجه إلى بيتهم، فتختفي الشابة ويدخل العسكر بيت الجد ويضربون الابن الأصغر، وحينما يغادرون يأتي الابن البكر وتطلب منه الشابة أن يصعد إلى الجبل ويلتحق بالقوات المجاهدة هناك؛ لأن أمره افتضح، ليدرك الجميع أن ابنهم هذا ليس عميلا لفرنسا، بل مجاهد، ويخرج الابن من البيت ويستشهد أمام الدار.

عودة إلى الحاضر، حيث تأثر المراهقون بقصة جدهم وتضحيات عمهم، وأدركوا أن هذا البلد لم يستقل بالمجان، بل نزع حريته بالقوة وبإصرار شعبه الذي اتحد بغية تحقيق هدف أسمى. للإشارة، اعتمد المسرحي عبد القادر مسعودي من خلال الفرقة المسرحية "نجوم الخشبة" التابعة للجمعية الثقافية والترفيهية سندس (شفة)، على الفرجة لإيصال رسائل حساسة، مثل حب البلد والتحلي بقيم المجتمع وكذا عدم إحداث الفوضى لتحقيق الغايات، إضافة إلى أهمية حمل مشعل الشهداء وخدمة الوطن. وعرف العرض تجاوبا كبيرا من الجمهور الذي اكتظت به القاعة، كما كان الممثلون في المستوى بشهادة الجميع.