عبد السلام بوزار برواق "عائشة حداد"

الطبيعة بثغرها الباسم

الطبيعة بثغرها الباسم
  • القراءات: 714
 مريم. ن مريم. ن

تطل السماوات بالزرقة الصافية وبالهواء العليل لتتنسم عطر الأقحوان المتناثر على الأرض الجزائرية الخضراء، وتكاد البيوت والقرى تغرق وسط المروج الحية الراقصة، لتنطلق الأنهار والجداول برقرقتها بين منعرجات الجبال والتلال، محتفلة بموعد الربيع الذي تلبس له الطبيعة أجمل حلة وتتعطر له بأريج الورد.. مقتطفات من هذه الطبيعة الحسناء يتغزل بها الفنان العصامي عبد السلام بوزار، الذي قضى عمره ذا التسعة عقود تقريبا في تأمل جمال بلاده التي يعشقها حتى الجنون.

تسود معرض "الطبيعة الجزائرية" للفنان بوزار إلى غاية 22 أكتوبر الجاري برواق "عائشة حداد"، مناظر طبيعية زاهية وحقول متلونة وأزهار برية وردية وصفراء وبنفسجية، وكذا شطآن بحرية متلألئة كأنها في انتظار النجوم لتتزين بأنوارها.

يضم المعرض 54 لوحة أغلبها في أسلوب الانطباعي، ترسخت فيه مناظر التقطتها عين الفنان من الجزائر، وخاصة من شرشال ومليانة مسقط رأسه، والتي شرب فيها حس الجمال الرباني ليصبح فنانا عصاميا ميالا للانطباعية رغم أنها اليوم أصبحت لا تستهوي الفنانين الشباب، فأغلبهم يميل للتجريدي والعصري.

من ضمن ما قدّم "مليانة نحو عين تركي" "وطريق مزهر نحو البحر بتنس"  و«البنفسج وشقائق النعمان" وغيرها من اللوحات التي حلق بها عاليا نحو عالم الصفاء والجمال الطبيعي، الذي لا يزول حسنه مهما تقدمت السنين والأحقاب. سادت الألوان الحية على غرار الأحمر والأخضر والأصفر والبرتقالي وبكل تدرجاتها، نقلها الفنان تماما كما ترسخت في ذاكرته ووجدانه؛ فهي نفسها تلك التي خرجت من طبيعة الجزائر سواء في البرية أو في الأرياف والقرى والتي تكاد تكون معالم شاهدة على الهبة التي منّ بها الله على هذه القطعة من الكون. وتدور الألوان والزهور مجموعات وفرادى تتناجى بلغة مشتركة ومتناغمة. 

يفتخر الفنان بكونه "أول تشكيلي جزائري يمضي على إبداعاته بالحروف العربية". كما يعتبر الجمهور شريكه؛ من خلال إعطائه حرية التأويل والقراءة لمختلف لوحاته، ويريد لجمهوره أن يلتفت لجمال بلاده، التي هي في الأساس قارة مترامية الحدود بها كل تنوع وجميل.

للإشارة، فقد اتّجه الفنان منذ تقاعده من منصب مفتش عام بوزارة الإعلام والثقافة سابقا سنة 1990، إلى الفن، والبداية كانت مع الفن المائي (الأكوارال)، لينتقل بعدها إلى الرسم الزيتي، حيث يجد حريته أكثر. ويقوم بأخذ صور فوتوغرافية عن المناظر الطبيعية، ويعيد رسمها بريشته في بيته ، ليبقى الرسم متعة حياته.

هكذا يواصل الفنان رسم الطبيعة حيثما كان، مما جعل مقربيه يدعونه بـ "فان غوغ" الذي كان يرسم الطبيعة أيضا بأسلوب انطباعي، وأصبح له محبون ومعجبون منهم جامعي.

غالبا ما يبدأ عبد السلام بالرسم من أعلى اللوحة، ثم ينزل شيئا فشيئا، فمثلا يبدأ برسم السماء، ثم ينتقل إلى الأزهار والأشجار، ويسمح لنفسه بمسح كل ما لا يريد إظهاره، كوجود صخرة ما تشوّه المنظر.