الأستاذ عبد الله شنيني يحاضر حول الصوفية:

الصوفية ترفع شعار الحب الإلهي

الصوفية ترفع شعار الحب الإلهي
الأستاذ عبد الله شنيني يحاضر حول الصوفية لطيفة داريب
  • القراءات: 1264
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

قال الأستاذ عبد الله شنيني خلال محاضرة حول "النص الصوفي وتأويل التجربة"، أول أمس بالمركز الثقافي "العربي بن مهيدي"، إن التصوف كان دائما مثارا للإنكار ومجلبة للأذى والإساءة، وما زاد الطين بلة اختيار المتصوفة الترميز بدلا من توضيح أمورهم. وبالمقابل اعتبر أن غياب المتصوفة وغيرهم عن الساحة الدينية، جعل الفقيه يأخذ بزمام الأمور، ويُدخل الدين في خانتي الحلال والحرام، في حين تدعو الصوفية إلى الحب الذي يُعتبر من أبرز مفاهيم الألوهية.

أضاف الأستاذ شنيني خلال الندوة التي نظمتها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، مكتب العاصمة، أن التصوّف ظاهرة مغضوب عليها، كما أنها تمثل تجربة معرفية روحية والبحث عن الصفاء الروحي، كما تمثل تجربة مغايرة للكتابة، حيث تعبّر عن نفسها من خلال مصطلحات شعرية ورموز، مشيرا إلى أن معظم المتصوفة يعبّرون عن توجههم، وبالأخص معاناتهم من خلال أشعار مميزة.

وقال الدكتور إن المتصوفة يعتقدون أن الحقيقة محجوبة بالعقل، وهو ما وضعهم في اختلاف مع الفقهاء والكلاميّين، كما أنهم لا يعتبرون التابعين لهم، تلامذة، بل مريدين، يمارسون تمارين روحية وقلبية، ويسعون إلى الوصول إلى كفاءة روحية من خلال مجهود فردي وليس عن طريق الكتب. وحينما يصلون يعتمون على هذا الإنجاز من خلال استعمال الرموز في الكتابة والسلوك، ما عرّضهم إلى جملة من الاتهامات من بينها الزندقة.

وعن المعرفة الصوفية تحدّث المحاضر، وقال إن المتصوّف يدرك أن هناك قوّة أكبر منه، كما أنه يعتبر العقل حجابا أمام معرفة الله رغم أنه يحسن تدبير شؤون عالم الشهادة، في حين يعتبر الإيمان حالة من التسليم أمام قوة أكبر منه.

أما عن عالم الكرامات فقال شنيني إن بعض المتصوّفة قالوا إنهم تَعرّفوا على عوالم محجوبة إلا أنّهم لا يسعون إلى التعريف بها للعامة، حتى إن ابن عربي قال إن قمة الرؤية هي الصمت، مضيفا أن هناك بعض المتصوّفة من يقولون إن بعض الكرامات من عمل الشيطان، الذي يريد أن يغلّطهم بأنهم في حالة اليقين.

وتحدّث المحاضر عن غياب دراسات نقدية حول الكتابات الصوفية، خاصة القديمة منها، كما أن كتابات المتصوفة مغلقة، بل لغّزوها وأغرقوها بالرموز، مشيرا إلى أنه لم يتم تفكيك شخصية المتصوّف ولا تحديد جوهر معاناته، كما أن الكثير منهم أُعدموا بسبب سلطة الفقيه التي أغلبها مدعومة بسلطة السلطان.

واعتبر شنيني أن الصوفية تتقاطع مع الحداثة، ممثلا بنيتشه وهيدغر وآخرين، الذين تتقاطع أقوالهم وأشعارهم مع أشعار المتصوفة، وعلى رأسهم ابن عربي. كما يؤكد المتصوفة على أهمية عقل القلب وليس عقل العقل، إضافة إلى رفضهم الاستقرار، بل ينتقلون من حالة إلى أخرى إلى غاية الوصول إلى مبتغاهم.

وتطرّق المتحدث لمشكلة المتصوفة مع الزمن أو الأبدية، فالمتصوفة يتحدثون عن نسبية الزمن، كما يضعون تصوّرات ذاتية لعالم يئنّ تحت سلطة الفقيه، ويحثون على استسلام العقل أمام التناقضات، فيسلّمون الأمر للقلب.

بالمقابل، نوّه المحاضر بالتعايش السلمي الذي كان يتنعم به المسلمون قديما بفعل التوازن الديني الذي كانت تحدثه العديد من التيارات الدينية، في حين يعاني المسلمون، اليوم، من سلطة الفقيه، الذي حصر الدين بين الحلال والحرام، في حين أن الدين أوسع من ذلك بكثير؛ فهو يشمل على المعاملات والتواصل والحب الذي ينادي به المتصوفة وغيرها.