أحد أشهر أصوات الحوزي والأندلسي

الشيخ صادق أبجاوي.. مرجعية فنّية

الشيخ صادق أبجاوي.. مرجعية فنّية
  • القراءات: 457
 ق. ث ق. ث

منذ 29 سنة خلت.. في يوم 7 يناير 1995، انتقل أحد أشهر أصوات الحوزي والأندلسي الشيخ صادق أبجاوي، إلى الرفيق الأعلى، مخلّفا حزنا شديدا لدى آلاف المولعين بفنّه الأصيل، بولاية بجاية وبكلّ التراب الوطني سيما بالعاصمة والبليدة وتلمسان.

رغم بلوغه سن الـ87 من العمر كان الفقيد حاملا لمشعل هذا الفن الكلاسيكي الأصيل، حيث يعتبر أحد الفنّانين النادرين الذي تفنّنوا في إتقان أداء الأندلسي والحوزي والعروبي والقبائلي والمديح الديني، بل وتعدى ذلك إلى الكتابة المسرحية الإذاعية والتركيب الموسيقي، إلى الحدّ الذي أضحى فيه "مرجعية" حقيقية في المجال، وفق ما أكّده الباحث في التراث الشعبي عبد القادر بن دعماش، معتبرا إياه " شخصية فنّية موسيقية جزائرية تركت بصمتها في القرن العشرين".

واعتنق الفنّان صادق أبجاوي، واسمه الحقيقي بويحيى صادق، الفن الموسيقي في سن مبكرة من خلال أداء الأغاني الدينية والقصائد ضمن المجموعات الأخوية بمدينة بجاية، سيما منها "القادرية" و«الطيبية" التي كانت آنذاك تعد أسماء كبيرة في الموسيقى والغناء على غرار الهاشمي محينداد وبوعلام بوزوزو ومحمود بن حداد، الذين كانوا يبرعون في العزف على العود.

وساهمت هذه البيئة الموسيقية الروحانية بشكل كبير في صقل صوت الفقيد وإتقانه لأدائه، وسمح له هذا شيئا فشيئا بالانتقال إلى فنون المديح والانقلابات والأندلسي والقصائد، وشكّل صادق أبجاوي، أول فرقته الموسيقية في سن العشرين، وكان يحيي وإياها حفلات عائلية (ختان و زواج) ودينية، قبل انتقاله إلى الجزائر العاصمة عام 1933.

وفور وصوله إلى العاصمة، تمكن بمساعدة بعض المشايخ الكبار في الميدان الذين تعرّف عليهم ببجاية، بالالتحاق بفرقة "الموصلية" المشهورة التي كان يسيرها آنذاك جابر بن سمايع، والتي كانت تعد في صفوفها الشيخ محيي الدين لكحل والشيخ بوشعرة، اللذان تبنّيا الفنان الشاب ولقناه كلّ أسرار النوبات.

في عام 1934، انتقل الصادق أبجاوي رفقة فرقة "الموصلية" إلى تلمسان، حيث شاءت الأقدار السعيدة أن يلتقي بأحد المشايخ الكبار وهو الشيخ لعربي بن صاري، الذي لقنه أسرار الحوزي و"الصنعة" التلمسانية، وفق ما ذكره أحد هواة هذا الفن الأصيل، الكاتب الدكتور الحاج تريكي يماني، في نص نشر في "الأندلسيات" في جانفي 2019، تحت عنوان "الشيخ صادق أبجاوي، مسيرة أحد أعمدة الفن الأندلسي في القرن العشرين".

وعاد الفنّان عام 1937 إلى بجاية، بعد أن ذاع صيته وأصبح مشهورا ومحبوبا، وعمد إلى إنشاء عدة جمعيات موسيقية لم يكتب لها أن تستمر في نشاطها لوقت طويل بسبب حظرها من طرف الاستعمار الفرنسي آنذاك الذي اعتبرها معادية لوجوده، كما أنشأ الفنّان الفقيد فرقة موسيقية جديدة ومارس التنشيط بإذاعة بجاية.

وغداة الاستقلال أشرف الصادق أبجاوي عام 1963، على إنشاء المعهد الموسيقي لمدينة بجاية الذي لا يزال ينشط إلى يومنا هذا. وساهم في تكوين عشرات الفنّانين الموهوبين والمشهورين من بينهم جمال علام وعلاوة زروقي ويوسف أبجاوي والغازي وحسينو وأرزقي بوزيد، وغيرهم من الأسماء الكبيرة التي تذكرنا بروعة السجل الفنّي الذي خلّفه صادق أبجاوي، والذي يتضمن أزيد من 200 عمل في النوبة الأندلسية.