رئيس دائرة النشاط الثقافي بالمركز الإسلامي بالعاصمة لـ "المساء":

الشباب عماد الأمة وجبت حمايتهم وتوجيههم نحو الوسطية

الشباب عماد الأمة وجبت حمايتهم وتوجيههم نحو الوسطية
رئيس دائرة النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإمام موسى زروق
  • 603
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

نظرا للدور الكبير لفئة الشباب في النهوض بالمجتمع ورقي البلاد والعباد، ولأنهم قلبها النابض وروحها في التقدم والرقي والازدهار، التقت "المساء" رئيس دائرة النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإمام موسى زروق، للحديث عن العناية النبوية بهذه الفئة، وجهودها في إظهار دين الحق أيام الدعوة، وكيف نظر إليها المصطفى، وعاملها، ووضع فيها الثقة في تحقيق النصر والفتوحات، ضاربا أمثلة ببطولات عدة للصحابة.

أكد رئيس دائرة النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، الإمام زروق في تصريحه لـ "المساء"، أن مرحلة الشباب من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته، ونظرا لهذه الأهمية، يقول: "إن النبي، صلى الله عليه وسلم، كما نلمس ذاك من سيرته، اهتم بها، وأولى عناية خاصة بالصحابة الشباب، ويظهر هذا من خلال معالم تبين لنا منهجه، عليه الصلاة والسلام، في التعامل مع الصحابة"، مشيرا إلى أن "من معالم هذا التعامل توجيه الصحابة، رضوان الله عنهم، إلى التوسط والاعتدال؛ مثلا توجيهه لعبد الله بن عمر بن العاص، رضي الله عنهما، إلى التوسط والاعتدال في العبادة؛ فقد وصل إلى النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه كان يجتهد اجتهادا بالغا في العبادة، ويترك حق أهله عليه، فنصحه، عليه الصلاة والسلام، بالتوسط والاعتدال في قيام الليل، وفي الصيام، وأن يعطي أهله حقهم الذي يجب لهم".

وأضاف الأستاد زروق أن من معالم هذا المنهج النبوي في التعامل مع الشباب، غرسه، عليه الصلاة والسلام، في نفوس الصحابة الشباب، القيم النبيلة، وتقوى الله تعالى حتى لا ينحرفوا، ومن ذلك الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: "سبعة يُظلّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، ومنهم شاب أطاع الله تعالى، ومنه توجيه من النبي، عليه الصلاة والسلام، للشباب إلى الحرص على الطاعة للنجاة يوم تدنو الشمس من الرؤوس، ويكون الناس تحت الشمس على قدر أعمالهم، ومن هؤلاء الشاب الذي يكون في الظل الظليل الذي لا تصله الشمس، ولا يصله ذلك الحر في ذلك اليوم الطويل، بفعل الطاعة، والتقوى، واتباع الهدي النبوي.

العلم سلاح كل الأزمنة والأمكنة

ومن معالم هذا المنهج النبوي، أيضا، الحرص على توجيه الصحابة والشباب إلى العلم والتعلم؛ يقول الإمام في هذا الشأن: "ونجد من أعلام الصحابة الذين كانوا حريصين على التعلم من النبي عليه الصلاة والسلام، شباب، منهم أبوهريرة، وهو من أوعى الصحابة بسنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان شابا، وعبد الله بن عمر بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وهؤلاء من المكثرين، من حمل الحديث عن النبي. وحتى من النساء عائشة، رضي الله عنها، من أوسع الصحابة علما، بل كان الصحابة يرجعون إليها في الفتنة عندما يختلفون. ولما توفي النبي كان عمرها 18 سنة، وحملت من العلم ما لم يحمله الكثير من الرجال والنساء.

وضرب الإمام أمثلة عن صحابة شباب، قامت على أكتافهم دعوة الإسلام؛ فأبوبكر، رضي الله عنه، خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمُبشَّر بالجنة. الصدّيق أسلم في السابعة والثلاثين من عمره. وأبو عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، أمين هذه الأمة، أسلم في الثانية والثلاثين من عمره. وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، من المبشرين بالجنة، أسلم في الثلاثين من عمره، وزيد بن حارثة، رضي الله عنه، أسلم في الثلاثين من عمره، وعُمِر، رضي الله عنه، أسلم في السادسة والعشرين من عمره، وعثمان، رضي الله عنه، أسلم في سن العشرين من عمره، وصهيب، رضي الله عنه، أسلم في سن التاسعة عشرة من عمره، وطلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه، أسلم وعمره سبعة عشرة سنة، وقد سمَّاه النبي، صلى الله عليه وسلم، "طلحة الخير". والزبير بن العوام، رضي الله عنه، ابن عم النبي، صلى الله عليه وسلم، أسلم وعمره ستة عشر عاما. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حواريّاً، وحواريَّ الزبير"، والحسن والحسين، رضي الله عنهما، سيدا شباب أهل الجنة. والأرقم، رضي الله عنه، أسلم وعمره أحد عشر عاما.

توجيه للطاقات الشابة إلى القيادة

ويواصل قائلا: "ومن معالم التوجيه النبوي، توجيه الصحابة ليكونوا قادة حيث عيّن، صلى الله عليه وسلم، أسامة بن زيد بن حارثة، ليكون ابنُ سبعة عشرة سنة، على رأس جيش لغزو الروم، وكان الصحابي الحِب بن الحِب ابن زيد بن حارثة، وكان في هذا الجيش كبار الصحابة، وحتى إن بعضهم لما اعترض عن هذا، بيّن، عليه الصلاة والسلام، أنه جدير بالقيادة، وهذا توجيه النبي للطاقات الشبابية لما فيها خير للأمة والمسلمين"، مشيرا إلى أنه وجّه الشباب أيضا، للرياضة؛ "اِرموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا"؛ فهذا توجيه للشباب للحرص على الرياضة، التي لها أهميتها في حفظ النفس والجسد".

وأوضح الإمام زروق، أيضا، أن المصطفى، عليه السلام، قدّم توجيهه في جوانب عدة، منها التعامل مع الكبير، والحرص على غرس احترام الكبير. ففي أحد المجالس لما جاء أحد الشباب يتكلم وفق ما ورد في صحيح البخاري، قال له صلى الله عليه وسلم: "كبر.. كبر"؛ أي دع الكبير يتكلم؛ فيه قيمة احترام الكبير، التي كان ولايزال في مجتمعنا، لها وزن، وكان من منهجه في غرس الأخلاق في نفوس الشباب، ليحرصوا على احترام الكبير.

مراعاة مشاعر الشباب وحرصٌ على غرس الأخلاق في نفوسهم

أكد رئيس الدائرة الثقافية بالمركز الإسلامي، أن هناك أمرا في غاية الأهمية في النهج النبوي، والمتمثل في غرس الأخلاق في نفوس الشباب، وحثهم على الزواج؛ "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج"؛ لتحصينهم، كما أظهر؛ مراعاة لمشاعر الشباب، وهذا يظهر في قصص، منها قصته مع مالك بن الحويرث، الذي جاء هو وأصحابه ليتعلموا منه صلى الله عليه وسلم، فلما أحس شوقهم وحنينهم لأهاليهم، أرجعهم، فكان عليه الصلاة والسلام، يعامل الإنسان بمشاعره وعواطفه، وراعى هذا الجانب عند الشباب".

وأوضح الدكتور زروق أن منهج النبي يشمل الحياة، وكل شرائح المجتمع شبابا وشابات وشيبة، ومع الأطفال والكبار والنساء؛ إذ نجد في سيرة النبي، عليه الصلاة والسلام، الأسوة الحسنة؛ "لاسيما أنها من تشريع الله تعالى؛ مصداقا لقوله: "اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا". ويقول محدث "المساء": "هذا المنهج لا بد من تعليمه للشباب. ووسائل الإعلام لها نصيب أوفر في التوجيه. وبارك الله جهود جريدة "المساء" على هذه الفرصة لخدمة الوطن والمجتمع؛ فالشباب لبنة أساسية في بناء الأوطان، وخدمة مصالح الإنسان، نسأل الله التوفيق والسداد لشبابنا وفتياتنا".