سينمائيون يتحدّثون عن التحديات المستقبلية:

السينما الملتزمة تحمل همّ الراهن وتعود إلى التاريخ للمراجعة

السينما الملتزمة تحمل همّ الراهن وتعود إلى التاريخ للمراجعة
  • القراءات: 1121
 لطيفة داريب لطيفة داريب

«الالتزام السينمائي بين الدعوة والتحديات المستقبلية» هو عنوان الندوة الثانية والأخيرة التي نُظّمت أمس بالسينماتيك في إطار مهرجان الجزائر الدولي للسينما، من تنشيط أحمد بجاوي، الفرنسي ميشال سيرسو، عبد الكريم بهلول، البوركينابي سيكو تراوي والإسبانية ميريا سانتيس كزابلانكاس.

في هذا السياق قال الناقد السينمائي أحمد بجاوي إنّه حان الأوان لتقديم تعريفات دقيقة لمعنى «الفيلم الملتزم» بعد سبع طبعات لمهرجان الجزائر الدولي الذي يُنظم تحت شعار «أيام الفيلم الملتزم»، مضيفا أن الالتزام بقضية ينتج بعد ضغط أو حدوث مشكلة، وهنا يلتزم شخص ما بقضية ما. أما الكاتبة ميريا سانتيس كزابلانكاس ففالت إنّ الالتزام بقضية ما لا يقتصر على إنتاج أفلام فقط رغم أنّها أنتجت فيلما ولكنه عبارة عن إعادة كتابة تاريخ أو قصة المضطهدين، مضيفة أنه يمكن التعبير عن الالتزام في التلفزيون أو في الإذاعة وحتى في الحياة الشخصية.

من جهته، قال المخرج البوركينابي الذي فاز فيلمه بجائزة الجمهور في الطبعة السابقة لمهرجان الجزائر الدولي سيكو تراوي، إنّ المخرجين السينمائيين في بوركينافاسو يتطرقون لمواضيع حساسة، مثل الرشوة على مستوى عال في الدولة، وختان الإناث والوضعية السيئة للمرأة في المجتمع، في حين قال الكاتب والمختص في السينما ميشال سارسو بأنّ المشكل هو في رد فعل الجمهور أمام قضية خطيرة تناولها فيلم ما، مضيفا أنه في بعض الأحيان يقوم المخرج بإجابة سريعة عن مشكل ما ويقدّم دروسا للجمهور، وهو ما اعتبره الناقد خطأ، باعتبار أنّ الجمهور نفسه يمكن أن يقدّم أجوبة لمسألة ما بدون الحاجة إلى دروس من المخرج وكاتب السيناريو، الذي بإمكانه أن يقدم تلميحات فقط تدفع بالمشاهد إلى التفكير. 

كما اعتبر صاحب كتاب «الأدب والسينما العربية» الذي ألّفه مناصفة مع الناقد الجزائري أحمد بجاوي، أنه في العادة يعمل المخرج على المواضيع الراهنة مع عودة إلى التاريخ للتثقيف، باعتبار أنّ الكثير من التفاصيل لقضايا معروفة، تبقى مجهولة وتنتظر الكشف عنها.

وفي هذا الموضوع بالذات قال بجاوي إنّه من الضروري أن يستعين المخرج بأحداث من التاريخ لتناول قضايا مهمة، باعتبار أنّ التاريخ حركة ليس لها نهاية، ليقدّم المخرج الجزائري عبد الكريم بهلول بعضا من تجاربه في هذا الموضوع، فقال إنه يمكن إنتاج أفلام تكون ملتزمة في بلد ما وغير ذلك في بلد آخر، أي أنها لا تمس قضايا عالمية، بل محلية تهم فقط الجمهور المحلي، مشيرا إلى أنّ الالتزام بقضية ما لا يمسّ المخرجين فقط بل حتى المنتجين والجمهور، ليطالب بالابتعاد عن الدعاية خاصة أنّ الجمهور من يمكنه التفرقة بين فيلم تحفة والفيلم الدعائي.

أما المخرج تراوي فأكّد أنّ الفيلم الملتزم يجب أن يضمّ في نفس الوقت، قصة جميلة وإلاّ لن يتمكّن من جذب الجمهور، لتعود ميريا وتؤكّد أنّ الإمكانيات الكبيرة تساعد على نجاح الفيلم الملتزم. أما ميشال سارسو فأشار إلى إمكانية أن تتسم أفلام كوميدية بالالتزام.

في إطار آخر، طلب المخرج عبد الكريم بهلول من المخرجين الشباب عدم التسرّع في إخراج أفلام ملتزمة بقضايا كبيرة، لأنّهم حتما لن يجدوا الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك، مضيفا أنه من الأفضل تحضير الفيلم وانتظار فرصة إنتاجه ولو كان ذلك بعد عشرين سنة، ليناقضه سارسو بالقول إنّه لا يجب أن ينتظر المخرج تظاهرة كبرى لإنتاج أعماله، ويؤكّد أنّ الفيلم يمكن أن يحرّك الأمور والعقليات ولكنه لا يمكنه أن يغير المجتمع، ليعود المخرج بهلول ويناقض قول سارسو مؤكدا  أن الفن السابع يمكنه أن يغير المجتمع، ممثلا بالفيلم الأمريكي «كرامر ضد كرامر» الذي غيّر من عقلية إجبارية حضانة الأمهات أبناءهن.

بالمقابل، تم، بهذه المناسبة، تنظيم عملية بيع بالإهداء لكتب الناقد أحمد بجاوي وكتاب لعبد الكريم تازاروت، حيث قدّم بجاوي كتبه «صورة ووجه في قلب معركة تلمسان» الذي قام بوضع رسوماته الفنان دوني مارتيناز، و«الأدب والسينما العربية» و«حرب الجزائر في السينما العالمية». أما كتاب عبد الكريم تازاروت فيحمل عنوان «السينما الجزائرية».