مجلة «السينمائي» في عددها الأخير

السينما الجزائرية كتجربة رائدة في المنطقة العربية

السينما الجزائرية كتجربة رائدة في المنطقة العربية
  • القراءات: 706
مريم. ن مريم. ن

صدر منذ أيام، العدد الأخير من مجلة «السينمائي» الصادرة عن «الجسرة الثقافية» بقطر، والمتضمنة جديد المشهد السينمائي العربي والعالمي، وكذا مقالات ودراسات قدمها نقاد كبار متعلقة بمواضيع شتى خاصة بالفن السابع وبتظاهرات نظمت هنا وهناك، منها مهرجان وهران السينمائي، وتجربة الجزائر الرائدة عربيا في موضوع سينما الهجرة.

كتب افتتاحية العدد مدير تحريرها إبراهيم العامري، تحت عنوان «السينما الفن الأكثر تأثيرا». ومما جاء فيها، أن السلطة الرابعة ما لبثت أن أفسحت المكان للسينما، الفن التركيبي الأكثر تأثيرا الذي يعتمد على جملة من الفنون الأخرى، وسرعان ما أصبح لها الصدر الأوسع في تسيّد الموقف والتأثير في المشاهد وأصبحت ساحة الاستهداف مفتوحة على مصراعيها، وتصل بسلاسة وجرعة عالية من الترفيه الموجّه من غير عناء القراءة في أعمدة الصحف، لذلك انتبهت قوى العالم إليها واستخدمتها لترسيخ المفاهيم الإيديولوجية من خلال الشاشة الكبيرة. من جهة أخرى،  يرى الكاتب أنّ السينما أصبحت لغة الشعوب بعد أن قلّصت الفجوات واختصرت المسافات.

توقف العدد مطولا عند مهرجان وهران الدولي للسينما العربية الذي نظّم في شهر جويلية الفارط، بمشاركة 34 فيلما عربياً داخل المنافسة الرسمية، برئاسة المخرج السوري الكبير محمد ملص، ومشاركة 10 أفلام وثائقية، يرأس لجنة تحكيمها المخرج التونسي مراد بن الشيخ. 

عرفت هذه الطبعة كثيرا من المفاجآت على جميع المستويات، من بينها الاحتفاء بالسينما السورية التي كانت حاضرة في المسابقات الرسمية أو خارجها، ومعظمها أفلام عرض أول. من جهة أخرى، تمّ استقطاب بعض الوجوه السينمائية، على رأسهم فاروق الفيشاوي وصفية العمري وأيمن زيدان. كما تمّ اختيار السينما البريطانية كضيف شرف، احتفاء بمرور 400 سنة على رحيل الكاتب شكسبير. 

أما التكريمات، فقد وجّهت لأرواح الذين فقدتهم الساحة السينمائية مؤخرا، وهم المخرج الجزائري محمد سليم رياض والسوري نبيل المالح  والمصري محمد خان. واحتفى المهرجان أيضا بمرور 50 عاماً على فيلم «معركة الجزائر»، وهو الفيلم الذي ينقل بأمانة بطولات الثورة.

تناول العدد أيضا مهرجان الإسكندرية السينمائي (12-27 سبتمبر) الذي ولأول مرة في تاريخه يحتفل بـ3 ضيوف شرف ويتم اختيار الجزائر وفلسطين وسوريا ضمن شعار المهرجان «السينما والمقاومة»، وتمّ اختيار هذه الدول لأنها حملت لواء المقاومة سواء ضد الاستعمار الأجنبي خلال سنوات التحرر وتكبدت الكثير من الخسائر في الأرواح والموارد، أو في حربها ضد الإرهاب الذي انكوت بنيرانه منطقتنا العربية، خاصة بعد عام 2011، وطبعا فالجزائر قادت حرب تحرّر، ثم حربا شرسة ضدّ الإرهاب وانتصرت.

ضمن ركن «السينما العربية بين تزييف الهجرة والواقع»، توقّف العدد أيضا عند الجزائر في تجربتها مع سينما الهجرة التي تعتبر الرائدة عربيا، في حين انتقد التجربة المصرية التي كانت أقرب للترفيه والكوميديا ولم تلامس الواقع العربي، من ذلك أفلام «عنترة شايل سيفه» و«همام في أمستردام» وغيرهما.  

السينما الجزائرية كانت الأكثر تماسا مع عذابات الهجرة والغربة والمنفى، كما تبدو السينما الجزائرية -حسبما رصده العدد- الأكثر غرفا من هذه القضية والأكثر عمقا في التعاطي مع دلالاتها وأبعادها، فقد عرفت السينما في الجزائر نهضة من حيث الإنتاج، خاصة مع الألفية الجديدة، وهنا تمّ استحضار عدة أسماء منها؛ مرزاق علواش ورشيد بوشارب وبن حاج ومهدي بن بوبكر ورابح زيماش وغيرهم.

للإشارة، تضمّن العدد الكثير من المواضيع والدراسات والتكريمات، منها تكريم الراحل خان («الأب الروحي لسينما جيل الألفية الجديد») الذي لم يكن مجرد صانع سينما استثنائياً، ترك بصمته المتفردة في السينما العربية عبر أجيال، وتضمّن العدد أيضا وقفة مع إنتاج السينما العالمية لسنة 2016، من خلال «قراءات النقاد وانطباعات المشاهدين لأفلام 2016»، إضافة إلى مقالات لنقاد عرب كبار، منهم الأردني ناجح حسن «الموسيقى في السينما توظيف إبداعي ثري للمعاني والدلالات».

أمّا الناقد الكبير محمد رضا فكتب عن «إرث مارلون براندو حياة ومسيرة الممثل الذي لا ينسى»، أما الناقدة ناهد صلاح فكتبت عن فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن»، وقدمت أمينة حاج داوود «قطوف من أفلام العالم» ومواضيع أخرى عن شباك التذاكر وعن الكلاسيكيات وغيرها كثير، علما أن الخاتمة كتبها الإعلامي الجزائري عبد الكريم قادري بعنوان «حاجتنا للسينما».

للتذكير، فإنّ «السينمائي» مجلة فصلية تطمح إلى أن تكون علامة جديدة في شؤون الفن السابع العربي، وتضمن قراءات نقدية في أفلام، ودراسات في السينما وتاريخ الصناعة، كما تلقي الضوء على قضايا وتجارب سينمائية أثرت في الحركة السينمائية.

المجلة تحمل طموحاً عالي الهمة لأن تكون أداة تنوير ثقافي لمحبي هذا الفن من المحترفين إلى الهواة، وحتى عشاق مشاهدة الأفلام ومتابعة أخبارها، ويتم التواصل مع عدد كبير من منظري السينما ومختصيها والمهتمين بها في الوطن العربي، لإصدار مجلة فارقة ترقى إلى مستوى ينتهج خطاً تنويرياً حداثياً، يزاوج بين أصالة الطرح وعصرية التقديم.