الفنان التشكيلي ترميمون مهدي في ورشة الفنون بساحة "أودان"

الريشة تروي "القصف" بألوان التراجيديا

الريشة تروي "القصف" بألوان التراجيديا
  • 796
مريم . ن مريم . ن

تحتضن ساحة "أودان" بالعاصمة، نشاطا فنيا، بمناسبة عيد استرجاع السيادة الوطنية، تشارك فيه مجموعة من الفنانين، منهم الفنان التشكيلي مهدي ترميمون، الذي أبدع في تشكيل لوحته من بين خمس لوحات، أبرز فيها المعاناة التي عاشها الشعب الجزائري إبان فترة الاستعمار المظلمة والطويلة.

جلس الفنان مهدي يرسم في شارع في قلب ساحة "أودان"، وغير بعيد عن الجامعة المركزية، محاطا في فضاء ورشته المفتوحة بالألوان واللوحات، ومستمتعا بعزف زميله غير البعيد منه، وهو يعزف على الكمان.

اقتربت "المساء"، من الفنان الذي كان على وشك الانتهاء من رسم لوحته، ليحدثها عن هذه المشاركة، علما أنه قادم من ولاية بومرداس، ليشارك فنانين آخرين في إحياء مناسبة 5 جويلية، التي كانت موضوع هذه التظاهرة الفنية التي تمتد إلى غاية 15 جويلية الجاري، ضمن ورشة جماعية تضم موسيقيين ورسامين، يقدمون أعمالا خاصة بهذه المناسبة الوطنية.

قال مهدي "حملت معي ريشتي وألواني وأوراقي منتقلا للعاصمة، حيث طلب من كل مشارك إنجاز 5 لوحات طيلة فترة التظاهرة، التي تمتد من 3 إلى 15 جويلية، وأنا الآن في الرتوشات الأخيرة للوحتي، التي أسميتها "المرأة الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي"، وتظهر الجدة ذات الملامح القاسية والبؤس البادي عليها، وهي تحاول حماية حفيدها الصغير وهما معا تحت القصف".

أشار الفنان إلى أنه اعتمد في لوحته على أسلوب المدرسة الواقعية، التي تعكس، حسبه، بجلاء الصورة الوحشية للمستعمر، وكذا معاناة الأبرياء العزل من أطفال وشيوخ ونساء من هذه الحرب المسلطة عليهم، كما اعتمد في نفس الوقت، على الألوان الداكنة من بني وأزرق ورمادي، التي تلائم صور تراجيديا الاستعمار وتعكس البؤس والهم والقهر، وتعبر عن المعاناة، عكس الألوان الفاتحة والزاهية التي تعبر عن الحياة وبهجتها.

هكذا تناول مهدي فعل الألم والمعاناة الإنسانية في إطار لوحته، حيث حول الألم من شعور إنساني إلى خطاب فني يدين المستعمر الفرنسي، مستندا في ذلك على الذاكرة الجزائرية والصور الأرشيفية التي ترتبط بتاريخنا الوطني الحافل، فكان ذلك دافعا للفعل الإبداعي ومساهمة في تأصيل هذه الصورة البشعة، خاصة عند جمهور الشباب، وتؤرخ لما كان.

تعكس اللوحة مجموعة من التراكمات المؤلمة التي بقيت متوارثة بين الأجيال، كما كان لهذا الماضي المؤلم أثره على الإبداع، ليعبر عميقا عن المأساة ويوثقها ويقدمها لمن لم يعشها، زد على ذلك، أن ذلك هو مساهمة في تسجيل اللحظة وتوثيق المرحلة.

حاول الفنان بتجربته الفنية الفتية، أن يستعين في رسمه بالمواد والألوان والخامات والتقنيات، ليقف على الدلالة الرمزية للحدث (القصف)، مع تعزيز الجانب البصري الذي يوحي للجمهور بأنه يعيش هو أيضا تحت القصف، كما يدرك في نفس الوقت، قيم الجمال والإنسانية والتعاطف والتنديد أيضا. 

يظهر مدى التزام الفنان بماضي وطنه، محولا المعاناة إلى فن وقضية تتجاوز الترف الفني العابر وتحافظ على رسالة الأجداد إلى أجيال اليوم والغد.

من جهة أخرى، أكد مهدي لـ«المساء"، أنه سيشرع في رسم باقي اللوحات الأربع المتبقية، معتمدا في ذلك على لمسته الخاصة، فهو لا يميل إلى التقليد ، وأولى اللوحات ستعرض موضوع "الجزائر بين الأمس واليوم"، يتم فيها تثمين الاستقلال الذي جاء بفضل دماء أبنائها.

الفنان مهدي ترميمون (26 سنة)، وهو أستاذ التربية البدنية بالثانوي، له ورشة في بيته، لا يكف فيها عن الرسم والإبداع، كما شارك في العديد من صالونات الفن التشكيلي، وتحصل في بعضها على جوائز، منها في صالون الفن التشكيلي بولاية سطيف، كما نال جائزة مسابقة دولية في الولايات المتحدة، وله معرضان خاصان ببومرداس.