محمد ساري يرصد تجربته الأدبية بـ’’دار عبد اللطيف”:

الروائي نبي مجتمعه

الروائي نبي مجتمعه
  • 930
دليلة مالك دليلة مالك

قال الكاتب والمترجم محمد ساري، أول أمس، في لقاء أدبي نظم بـ«دار عبد اللطيف” في الجزائر العاصمة، إن تجربته في مجال الكتابة الإبداعية في الرواية، وباللغتين العربية والفرنسية، والترجمة وحتى في الدراسات النقدية، تعود لأكثر من 40 سنة، وفي رصيده 43 كتابا في كل هذه المجالات، ستة منها في النقد الأدبي، و25 كتابا آخر في الترجمة.

عن تجربته، تحدث ساري عن الرواية، وقال إنها متن يحمل القيم والمشاريع الإنسانية الكبرى، مشيرا إلى مسؤولية الكاتب التي يراها  كبيرة، واصفا الروائي بمثابة النبي الذي يحمل القيم الكبرى لمجتمعه، راصدا الواقع، فاسحا للأمل.

أكد المتحدث أن الرواية ليست خطابا سياسيا، إنما هي مجرد قصة أشخاص عبر يومياتهم التي يتخيلها، أو التي ينقلها من الواقع، والرواية يجب أن تحمل هموم الناس ومشاغلهم، لكن هل يمكنها أن تفعل ذلك في ظل التناقض والنفاق الذي يتسم به المجتمع.

كل كتابات محمد ساري مستمدة من وقائع، وأعطى مثالا في رواية ”البطاقة السحرية” (1987)، التي رفض نشره، لأن فيه رصد لصراع بين مجاهدي الثورة التحريرية، وهو عمل نهله ساري من قصة حقيقية جرت في منطقة القبائل سنة 1983، لما قتل أحد المجاهدين الحقيقيين خائن للثورة. ولم تنشر الرواية إلا سنة 1993 في إحدى الجرائد المستقلة على شكل حلقات.

تكلم الروائي عن رواية ”السعير” التي نشرت في 1986، وتناول فيها قصة حقيقية لزوج عاجز جنسيا، ومنها انتقد المجتمع المنغلق، والعاجز أيضا عن بناء قريته، وأضاف ساري أن المشكل الذي وقع وقتئذ، أن الصحافة المعربة انتقدت المشاهد الجنسية التي وردت في النص الروائي، والحقيقة أنه لا يحمل هذه المشاهد بالمعنى الصريح، لكنه حمل كلمات نابية وسبا، مشيرا إلى أنه لم يفعل ذلك لولا رجوعه للأدب العربي القديم، وأخذ من كتاب ”الأغاني” للأصفهاني، و«رسائل الجاحظ” للجاحظ، التي تضمنت عبارات كاملة وأدخلها في هذه الرواية.

في هذا الشأن، علق ساري قائلا، إن اللغة العربية لغة عظيمة، أنتجت حضارة عبرت عن كل ما يمكن تصوره، واللغة العربية اليوم متخلفة لأن المجتمع متخلف وذهنية الناس متخلفة، لكن اللغة العربية ليست متخلفة.    

وكشف المتحدث عن أن رصيده يحمل ثلاث روايات تتناول مرحلة العشرية السوداء، حيث طرح سؤالا عبرها ”لماذا يصبح الشخص إرهابيا؟” ولما العنف باسم الإسلام؟. ويعتقد أنه مهما كانت ديانات ذلك الشخص، فإنه لا يمكن أن يكون مرجعا للقتل أو دافعا له، إنما هناك مرجعية نفسية واجتماعية وفكرية وراء هذا السلوك العدواني.

بخصوص الترجمة، أفاد محمد ساري أنه عمل على ترجمة 25 رواية لكتاب معروفين، على غرار محمد ديب، ياسمينة خضرا، ومليكة مقدم وغيرهم، وقال إنها تجربة جاءت عرضا، فهو في الأصل مبدع، وقد بدأ الكتابة بنشر قصائد شعرية بالفرنسية، وهو في طور الدراسي الثانوي. عاد ليؤكد أن الترجمة مسؤولية كبيرة، مثلها مثل الكتابة الروائية، وأن الأصل في عملية الترجمة هو الأسلوب، بل هو تمارين في الأسلوب، إذ يتعلم كيفية تشكيل الكتابة، لذلك يترجم بترو ويأخذ وقته.