حفظ التاريخ الشفوي

الدكتور يحياوي يقدّم تجربة الجزائر

الدكتور يحياوي يقدّم تجربة الجزائر
  • القراءات: 1293
ن. جاوت ن. جاوت

قدّم الباحث الجزائري الدكتور جمال يحياوي، بدعوة من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء الباحث، محاضرة حملت عنوان "التاريخ الشفوي مصدر من مصادر الكتابة التاريخية" قدّم فيها رؤيته الفكرية الأدبية حول التاريخ الشفوي كوسيلة للتأريخ، وعرض تجربة المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية بالجزائر في تسجيل التاريخ الشفوي. المحاضر توقّف عند عدد من العناصر أهمها أهمية التاريخ الشفوي في كتابة التاريخ، وآليات تدوين التاريخ الشفوي، متطرقا بالشرح والتفصيل إلى تجربة المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية بالجزائر، وأشار إلى أنّه عبر التاريخ، ظلّت الشهادات الشفوية المصدر الرئيسي لكتابة التاريخ، فأغلب المصادر التي نعرفها اليوم ونعتمدها كمصادر رئيسية للمعلومات كانت في الأصل روايات شفوية تمّ تسجيلها وتدوينها لاحقا مثل الروايات القديمة عند اليونانيين، وحتى أسفار الإنجيل التي تم تدوينها على مدار الـ75 سنة، أصلها روايات شفوية، كما أن أهم المصادر التاريخ الإسلامي من كتاب مروّج الذهب للمسعودي، والكامل في التاريخ لابن الأثير، كلها اعتمدت على الرواية الشفوية. 

وأضاف يحياوي أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اعتمدت في العصر الحديث التاريخ الشفوي لتدوين الكثير من الأحداث التاريخية وحذت حذوهما جنوب إفريقيا. واستعرض في هذا السياق، الآليات التي يجب اعتمادها لتدوين التاريخ الشفوي ومنها اختيار فريق العمل من الكوادر المؤهلة للقيام بالمهمة سواء تعلّق الأمر بالمختصين في التاريخ أوالمكلّفين بعملية الاستجواب والذين يشترط فيهم الإلمام بموضوع الاستجواب وبالظروف المحيطة، وبشخصية صاحب الرواية ومساره ومكانته بالنسبة لموضوع الشهادة الشفوية، إلى جانب تحديد المواضيع التي تكون محل تسجيل الرواية الشفوية من طرف المختصين من الأكاديميين.

وتوقّف المحاضر عند تجربة المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية بالجزائر، - كان مديرا له لمدة 13 سنة -، حيث أوضح أنّ اللجوء إلى التاريخ المروي كان ضرورة حتمية فرضتها السياسة الاستعمارية التي حاولت خلال 130 سنة القضاء على الهوية الجزائرية بمختلف الوسائل ومن بينها إتلاف كلّ التراث المكتوب والوثائق التي وجدتها في الجزائر للتغطية على جرائمها المرتكبة في حق الجزائريين، وعليه تمّ بعد الاستقلال التركيز على التاريخ المروي أو الشفوي لتعويض غياب الوثائق والأرشيف، ولأجل هذا، تمّ اعتماد خطة علمية لتسجيل التاريخ الشفوي من أفواه صانعي الحدث، تتلخص في تحديد المواضيع من طرف المجلس العلمي للمركز والمتكون من خيرة الباحثين الجامعيين واختيار الشهود والرواة المراد تسجيل رواياتهم وشهاداتهم وانتقاء فريق العمل الذي سيتكفل بعملية تسجيل الرواية الشفوية، من مختصين في التاريخ، وصحفيين مختصين في الحوار وتقنيين.

وقال إنّ عملية الاستغلال تبدأ بمرحلة الحفظ ووضع نسخة أصلية في أماكن مهيأة، ثم تتم عملية تفريغ الشهادات أي تصفيفها وتحويلها من رواية مرئية مسموعة إلى نص مكتوب، ثم وضعها قيد الاستغلال بتمكين الباحثين من هذه الروايات الشفوية لكن بعد مراجعتها وتمحيصها من طرف المختصين الأكاديميين للتمييز بين المذكرات الشخصية والرواية الشفوية، وهناك الكثير من الروايات التي تصنف في خانة لا يسمح الاطلاع عليها في الوقت الراهن، لمعطيات مختلفة تتعلق بمصالح الأفراد. وأكد الدكتور يحياوي أن هناك الكثير من الروايات الشفوية حول مواضيع محددة صدرت بعد معالجتها في كتب مطبوعة، وبعضها تم استغلاله من طرف المبدعين، سواء في شكل إبداع أدبي، شعر، مسرح أوأفلام سينمائية.