"عكاظية الشعر المغاربي" بجيجل

الدكتور حمادي يحاضر عن مسيرة الشعر الجزائري

الدكتور حمادي يحاضر عن مسيرة الشعر الجزائري
  • القراءات: 1010
❊وردة زرقين ❊وردة زرقين

أكد الدكتور عبد الله حمادي في مداخلة قدمها في إطار "عكاظية الشعر المغاربي" التي جرت فعالياتها مؤخرا بقاعة الشهيد "حمليل الصومام" بجيجل، أكد أن الجزائر البلد الأول في منطقة المغرب، الذي قدّم شاعرا في اللغة العربية في قامة أبي تمام والبحتري، وهذا في فترة اعتناقه الدين الإسلامي منذ أزيد من 14 قرنا.

أضاف الدكتور عبد الله حمادي في مداخلته هذه، أنّ الشاعر أبوبكر التيهرتي هو أول شاعر كتب باللغة العربية، وأول شاعر استطاع أن ينافس الشعراء في العصر العباسي، كما عاش 50 سنة  في بغداد، مشيرا إلى أن هذا الشاعر الكبير الذي قدمته الجزائر هو أول من أتقن اللغة العربية وأجاد بها وكتب فيها شعرا يضاهي شعر فحول شعراء العصر العباسي رغم أن مدوّنته الشعرية الرائعة لم يعد لها وجود.

وقال الدكتور إن الشعر حظي بالمكانة الأولى في ثقافة الأمة العربية، خاصة أنه كان دائما في خدمة التراث العربي الإسلامي، مضيفا أن الإسلام في بدايته، كرّس الشعر والشعراء من بينهم حسان بن ثابت، وشعراء من الجزائر كانوا في مقدمة الشعراء الكبار الذين ساهموا في إثراء الحضارة العربية.

وأبرز الأستاذ عبد الله حمادي في مداخلته، مرحلة ظهور الوعي الوطني أو النزعة الوطنية في الشعر الجزائري. وقال إنه في مطلع القرن العشرين ظهر وعي خاص بالمجتمع، تمثل في دخول الجزائر في المرحلة الثانية بما يسمى المقاومة السياسية الثقافية. ومعروف أن الجزائر مرت بثلاث مراحل في مقاومة الاستعمار الفرنسي؛ المرحلة الأولى هي المقاومة المسلحة غير الموحدة؛ ما أدى بها إلى الانكسار. وفي المرحلة الثانية، غيّر الشعب الجزائري من أدواته  وبدأ بالتفكير في تشكيل الأحزاب والجمعيات الثقافية وإنشاء الصحافة وغير ذلك من وسائل المقاومة. وفي هذه المرحلة بالذات قال حمادي إنه كانت في المغرب العربي وحدة ثقافية إبداعية شعرية غير مسبوقة تماما، فبعد الحرب العالمية الأولى حدث اتفاق مغاربي على المستوى الاجتماعي والثقافي بدون أن يكون مسدودا من طرف جهاز رسمي. وفي حدود سنوات 1925، 1926 و1927 صدرت ثلاث مدونات شعرية جديدة، الأولى في الجزائر، الثانية في تونس والثالثة في المغرب. ففي الجزائر صدرت أول مختارات شعرية اسمها "شعراء الجزائر في العصر الحاضر"، هذه المنتخبات الشعرية أنجزها شاب جزائري في مقتبل العمر لم يتجاوز العشرين سنة، وهو محمد الهادي السنوسي الزاهري، الذي فكر لكي يُحدث القطيعة مع الزمن القديم وزمن الانكسار والاستسلام وتدهور الحاسة الشعرية وتراجعها عن المستوى الوطني العربي بصفة عامة، كما فكر في خلق بعث جديد، فاتفق ثلاثة من المغرب العربي، وهم السنوسي في تونس والقباني في المغرب ومحمد الهادي السنوسي في الجزائر، على أن ينشئوا ثلاث مختارات شعرية جديدة لشباب جديد شرط أن تكون هذه القصائد تتحدث عن الوطن وعن الأمل. وهكذا أصدر محمد الهادي السنوسي الزاهري أول أنطولوجيا للشعر الجزائري سنتي 1926 و1927 وطبعها ونشرها في تونس، تجلى فيها وعي جديد من أجل الدفاع عن مصير الأمة لمقاومة الاستعمار الفرنسي. واعتبر الدكتور أن الوعي الشعري الوطني المغاربي الذي ظهر، انطلاقة حقيقية للشعر الجزائري. ومباشرة بدأ التفكير في خلق جمعية العلماء المسلمين وخلق الأحزاب السياسية، حيث ظهر حزب شمال إفريقيا وغيره، وكان الشعر في طليعة هذه الأمور، مضيفا أن في هذه المرحلة من الوعي، ظهر أديب ومثقف آخر جزائري هو مبارك الميلي أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين، الذي أقدم على نشر أول تاريخ للأمة الجزائرية، وأصدر أول كتاب حول تاريخ الأمة الجزائرية "تاريخ الجزائر القديم والحديث"؛ حيث أحيا هذا الكتاب أمة كاملة في الوقت الذي كانت فرنسا تحاول أن تقنع العالم بأن الجزائر لا تاريخ لها. واستمرت الحركة الأدبية والشعرية الجزائرية إلى أن واكبت حركات التحرر الكبرى، وظهر شعراء كبار في طليعتهم مفدي زكريا مغني الثورة التحريرية الكبرى.

واختتم الأستاذ مداخلته بأن الشعر الجزائري يواصل مواكبة الأحداث من أجل إعادة ذلك البعث الإيجابي؛ باعتباره عملا مستقبليا يتكهن للشعوب. 

وردة زرقين