في ندوة بالمتحف البحري

الدكتور بتروني يقدّم قراءة متجددّة عن موقع تيبازة

الدكتور بتروني يقدّم قراءة متجددّة عن موقع تيبازة
الباحث في الآثار الدكتور مراد بتروني
  • القراءات: 510
لطيفة داريب لطيفة داريب

استضاف المتحف العمومي الوطني البحري، أول أمس، الباحث في الآثار الدكتور مراد بتروني لتقديم محاضرة بعنوان "موقع تيبازة.. قراءة متجدّدة"، وذلك تفعيلا للنشاطات العلمية والمعرفية الخاصة بهذا الصرح الثقافي. 

قدّم الدكتور مراد بتروني في مداخلته عدّة معلومات متعلّقة بتيبازة، كغياب آثار مادية حول الفترة البونيقية في تيبازة ما عدا بعض المقابر، ونفس الشيء بالنسبة لفترة حكم البيزنطيين والوندال والعرب، في حين بنى الرومان مدينة بكلّ عناصرها في تيبازة. وأضاف أنّ الرومان عُرفوا بتحكّمهم في صناعة البناء والتشييد، كما نظّموا العديد من الورشات الخاصة ببناء مدينة تيبازة التي أطلق عليها العثمانيون اسم "تافسد" نسبة إلى حالة التدهور الكبيرة التي وجدوها عليها، ليتساءل عن سبب اختيار هذه التسمية عوض اسم "أطلال" الأنسب لتيبازة.

وأشار المتحدث إلى بحث مختصي الآثار في الفترة الكولونيالية الفرنسية عن أصل تسمية "تيبازة"، وهو اسم موجود في تونس وسوق أهراس وغيرها، حيث وجد القنصل الفرنسي شارل جوزاف تيسو عام 1880، في أبحاثه كلمة "تيبازة" في جربة تونس، مع التأكيد على ضرورة الفصل بين تيبازة موريطانيا وتيبازة نوميديا، أما القنصل الآخر وليام بروان هوتشر فقد وجد خلال أبحاثه أيضا، كلمات تيبازة وتابسوس وكبسة ومابس وكابسارـ وقد أخبره دليله البربري أنّ هذه الكلمات تعود إلى كلمة تافزة، وهي كلمة بربرية يقصد بها "أرض رملية بها حصى"، في حين هناك مدينة مغربية اسمها تافزة ويعنى بها الرخام الذي يوضع على الجدران.

مضيفا أنّ تافزة هي الرمل المدعّم الذي تشيّد به المنازل في منطقة القبائل. وأضاف الدكتور أنّ المحتل الفرنسي قام أيضا بتخصيص ممر مباشر إلى البحر، علاوة على بناء ميناء ليس على أنقاض ميناء تيبازة في الفترة الرومانية بل في منطقة أخرى تماما. أما الرومان فقد اعتمدوا في عملية البناء على صخرة تتشكّل من الحجر الرملي، وتضمّ العديد من الطبقات، واستغلوها حتى في تشييد معالم بعيدة عن موقع هذه الصخرة الكبيرة التي توجد فقط في تيبازة. وتابع المحاضر أنّ هذه الصخرة توجد في موقع فندق "لا كولون دوري" وتتشكّل من طبقات مثل حلوى ألف ورقة "ميلفاي"، مشيرا إلى بناء الضريح الملكي الموريطاني أيضا من هذه الصخرة، ما أجبر البنائين على حمل الحجر الرملي على ارتفاع 200 متر.

بينما استعمل الرومان الحجر الكلسي الأزرق الموجود في شنوة لبناء الطرق. بالمقابل، اعتبر الباحث أنّ تيبازة شبيهة بمدينتي صقلية بايطاليا ومرسيليا بفرنسا، حيث أنّ جميعها مدن متوسطية بخصائص متشابهة، وتحمل نفس القصة الجيولوجية، وبالتالي تملك نفس الرواسب، كما تحدّث بتروني عن تحجير الرومان للماء في بعض المناطق مثل تلك القريبة من البحر، لأنّه كلّما كانت مرتفعة عنه كلّما تفتّت الحجر الرملي المحيط بها، في حين تطرّق الباحث إلى تعرّض تيبازة لظاهرة طبيعية جعلتها تغرق في الماء، وهذا بعد فيضان واد مرزوق، وقد أدى ذلك إلى تغير مجرى الماء من البحر إلى واد الناضور.

كما تناول بتروني بعض مخلّفات الحفريات التي نظّمها على مستوى تجويفين في منطقة سيدي سعيد، حيث وجد في التجويف الأوّل المقابل لبحر غير طبيعي، بعض بقايا حيوانات وحصى تشبه تماما الحصى الموجود في موقع عين الحنش بسطيف، مع فرق في تاريخها الذي يعود إلى 40 ألف سنة، بينما حصى سطيف يعود إلى مليوني سنة تقريبا. أما التجويف الثاني فيشبه مغامرة عاش فيها الإنسان لأنّها قريبة من منبع ماء.