بعد يومين من النقاش
الدعوة لإنشاء مجلس أعلى للسينما

- 590

❊ وضع سياسة إعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات
❊ تحيين الإطار التنظيمي المتعلق بالصناعة السينمائية
❊ استحداث تنظيم نقابي لإعداد اتفاقيات جماعية
❊ تأسيس الفدرالية الوطنية لنوادي السينما
انبثق عن الورشات الخمس للجلسات الوطنية للسينما عدد من التوصيات التي ستتبلور عليها الاستراتيجية الوطنية لبعث صناعة سينمائية تنافسية، حيث خرج الفاعلون السينمائيون بعدد من الاقتراحات التي من شأنها إعطاء دفع جديد للمجال يكون بمستوى التحديات الراهنة على جميع الأصعدة.
خرج المشاركون في الورشة الأولى حول "الاقتصاد والتمويل" بالدعوة إلى إيجاد سبل تعزيز آليات التمويل العام عبر تعزيز ميزانية الصندوق الوطني لتطوير التقنية والصناعة السينمائية، تفعيل صناديق محلية أو ولائية لدعم التصوير السينمائي المحلي وكذا مساهمة القنوات التلفزيونية (العامة والخاصة) عبر إلزامها بشراء مسبق أو إنتاج مشترك للأفلام الجزائرية، أما فيما يتعلق بإعفاء إنتاج الأفلام من الضرائب، فحث الفاعلون السينمائيون على وضع سياسة إعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات للشركات التي تستثمر في المشاريع السينمائية، إلغاء أو تخفيض الضرائب على استيراد المعدات التقنية اللازمة للتصوير وما بعد الإنتاج، إلغاء الرسوم والضرائب على تراخيص التصوير والتأشيرات وشهادة ممارسة النشاط السينمائي.
تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الاستراتيجية
كما توقّفت الورشة عند الدعوة لتحفيز الاستثمارات الخاصة، بتطوير الشراكات مع القطاع الخاص وتشجيع التعاون مع العلامات التجارية إلى جانب التعاون مع منصات البث الرقمي للشراء المسبق وعرض الإنتاجات الوطنية، تشجيع التمويل الجماعي، دعم الإنتاج المشترك الدولي، تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الاستراتيجية بتحفيز المستثمرين على بناء مركبات متعددة القاعات، مع وضع دفتر شروط للمراكز التجارية يتضمن إنشاء مركبات سينمائية حديثة وإدراج إنشاء البنية التحتية السينمائية في مشروع تحديث العاصمة وأيضا إنشاء استوديوهات التصوير وما بعد الإنتاج وتسهيل الوصول إلى العقار، وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص.
أما ورشة "الحوكمة والإطار التنظيمي للسينما" فأسفرت عن اقتراح إنشاء مركز سينمائي تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون من مهامه إدارة وتسيير القطاع السينمائي، علاوة على وضع نصوص تنظيمية توصي بتشجيع ضمانات استثمارات الخاصة في الصناعات السينمائية وكذا إنشاء لجنة متابعة متكوّنة من محترفي السينما، ممثّلي وزارة الثقافة والفنون، خبراء في القانون والإدارة وممثلي القطاعات المعنية بالإنتاج السينمائي، مع تأسيس مجلس أعلى للسينما وهو مجلس استشاري مكلّف بالتّفكير ومتابعة تطوير الصناعة السينماتوغرافية وأيضا التسريع، بالتنسيق بين وزارة الثقافة والفنون والمؤسّسات العمومية التابعة للقطاعات الأخرى، عند صدور تعليمات جديدة خاصّة في المجال الجبائي وتسهيل الإجراءات الإداريّة المتعلقة بالصناعة السينمائيّة لا سيّما بوابة إلكترونيّة للتّعامل مع الإدارة.
تحفيزات جبائية واتفاقيات دولية للإنتاج المشترك
في المجال التّنظيمي، أوصت الورشة بتشجيع الاستثمار بوضع تحفيزات جبائية، تحيين الإطار التنظيمي المتعلق بالصناعة السينمائية، إدراج كل الاقتراحات والتوصيات في النصوص التنظيمية، تعزيز الاتفاقيات الدولية للإنتاج المشترك، وضع خارطة طريق قانونية لإنتاج افلام جزائرية سنويا وفق اقتراح مبدئي لعدد الافلام المدعمة من قبل وزارة الثقافة أضف إلى ذلك اعادة النظر في تعليمة دفع حقوق الرخص ومراجعة القانون فيما يخص العلاقة بين المنتج والمؤسسات العمومية بعد امتلاك رخصة التصوير.
ورشة "الأخلاقيات والعلاقات المهنية والتكوين"، قدّمت 17 توصية في هذا المجال أهمها ضرورة ضبط عقد مهني نموذجي موحد يحدد الحقوق والواجبات، مرافقة السينمائيين في هيكلة أنفسهم باستحداث تنظيم نقابي أو هيئات تمثيلية قصد الشروع في إعداد اتفاقيات جماعية قبل نهاية السنة الجارية. استحداث هيئة وساطة على مستوى وزارة الثقافة والفنون، تجنّب مهنيي السينما اللجوء للسلطة القضائية في حال وجود نزاع.
كما احتوت التوصيات ضرورة إشراك جميع الفاعلين في القطاع السينمائي في إنشاء المجلس الوطني الأعلى للسينما، تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية، إلى جانب مراجعة مدونة المهن السينمائية وتحديثها وتحيينها وإدراجها في مدونة المهن في الوظيف العمومي، مع إلحاق المهن السينمائية بالأصناف الخاصة للاستفادة من القوانين سارية المفعول، إعطاء الأولوية للكفاءات الجزائرية في الإنتاج السينمائي المستفيد من الدعم العمومي علاوة على ضرورة تفعيل بند التكوين والمنح في الخارج لتطوير المهارات في معاهد التكوين الفني للطلبة والأساتذة والارتقاء بها.
اقتراح انشاء ديوان وطني لتسيير قاعات السينما
فيما خلصت ورشة "الجمهور وتوزيع الأعمال السينمائية" إلى السعي لإلغاء التأشيرة الثقافية للأفلام في إطار نوادي السينما المنخرطة في الفدرالية تحت وصاية الوزارة نظرا لطابعها غير التجاري، تسهيل الإجراءات القانونية لتأسيس النوادي السينمائية، مع ضرورة المرافقة المادية واللوجيستيكية لنوادي السينما، وضع قاعات العرض وقاعات السينما في دور الثقافة والمراكز الثقافية التابعة للقطاع تحت تصرف نوادي السينما لعرض افلامهم وأيضا تأسيس الفدرالية الوطنية لنوادي السينما.
أما فيما يتعلّق بالتوزيع السينمائي، أجمع المشاركون في الورشة إلى ضرورة مواصلة جهود قطاع الثقافة في استرجاع قاعات السينما، وبناء قاعات جديدة وتجهيزها عن طريق تسهيل عمليات الاستثمار في هذا الجانب للخواص مع تسهيلات ضريبية للشركات التي تستثمر في بناء أو تجديد قاعات السينما إلى جانب استغلال مختلف القاعات التابعة لقطاع الثقافة لتوزيع الاعمال السينمائية واقتراح انشاء ديوان وطني لتسيير قاعات السينما بمختلف أنواعها، والدعاية والترويج للسينما الجزائرية، وكذا استغلال الفضاء العمومي مثل مواقف السيارات أو الحدائق لتقديم عروض سينمائية مفتوحة للجمهور. وتوفير حوافز لجذب القطاع الخاص للاستثمار في هذا الجانب، استغلال القاعات الموجودة في الجامعة والاحياء الجامعية لعرض الأفلام، والتأكيد على مبادرة سينما الجامعة مع تفعيل تجربة وزارة الثقافة في سينما الشاطئ، وسينما المدينة، والقوافل السينمائية في المناطق النائية.
وترويجا للسينما الجزائرية، أوصت الورشة بعقد اتفاقيات مع وزارة التربية لنقل التلاميذ بصفة دورية لمشاهدة الأفلام لتعويد الجيل الجديد على الذهاب الى السينما، ابرام اتفاقية مع وزارة الاتصال لاستغلال الفضاءات الاشهارية العمومية والومضات الاشهارية في الاذاعة والتلفزيون لفائدة الافلام السينمائية، وإيجاد حصص تلفزيونية واذاعية والكترونية دائمة لخلق ثقافية سينمائية لدى المواطن.
وضع خطة عمل للجرد والتوثيق
ورشة "الرقمنة التكنولوجيا وحفظ التراث السينمائي" توّجت أشغالها بالحث على جرد وتوثيق الأرشيف السينمائي الوطني مع تحديد الأولويات حسب الحالة والاهمية لوضع خطة طريق لرقمنة الرصيد الأرشيفي. التنسيق مع مختلف الهيئات الوطنية والدولية التي تملك الرصيد الارشيفي السينمائي الوطني لجرده وتوثيقه واسترجاعه ناهيك عن تدعيم المؤسسات المكلفة بالأرشيف السينماتوغرافي بالموارد البشرية وكذا الموارد التقنية والمالية، وضع مخطط برنامج تكويني محترف في مجال معالجة وترميم ورقمنة الأرشيف السينمائي وأيضا إشراك المؤسسات الناشئة من اجل المساهمة الفعالة من اجل حلحلة المشاكل التقنية المتعلقة برقمنة واستعمال الأرشيف السينماتوغرافي، انشاء مخبر علي مستوي المركز الجزائري لسينما سينماتك، تدعيم الإطار القانوني للتسيير الارشيف السينماتوغرافي من ناحية توزيعه قانونيا وتحيين الامر المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الخاص بالمصنفات السينمائية.
كما أشارت مخرجات الورشة إلى إنشاء منصات رقمية ذات حقوق جزائرية للبث وتثمين التراث السينمائي، تسريع عملية انشاء بنك لحفظ الأفلام والعمل علي انجاز مركز لحفظ البيانات "دالتا سنتر"، وضع قوانين وبروتوكولات لحفظ الأفلام المرقمنة من السرقة علاوة على وضع اتفاقيات تعاون مع مختلف البلدان والهيئات الوطنية والدولية من اجل تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال الرقمنة والترميم مع تنظيم ورشات وندوات واستخدام التراث السينمائي كأداة تعليمية.
في 5 ورشات مهنية برؤى بناءة
التمويل للترويج والأخلقة ركائز نهضة سينمائية
ارتكزت الجلسات الوطنية للسينما التي اختتمت أمس الاثنين بالمركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال" في الجزائر العاصمة على 5 محاور رئيسية هي "اقتصاد وتمويل السينما"، "الحوكمة والإطار التنظيمي للسينما"، "الأخلاقيات والعلاقات المهنية والتكوين" إلى جانب "الجمهور وتوزيع الأعمال السينمائية" و"الرقمنة، التكنولوجيا وحفظ التراث السينمائي".
جاءت هذه المحاور التي ناقشتها ورشات مهنية، عقب التعهّدات التي قدّمها رئيس الجمهورية، لدى افتتاحه للجلسات، حيث دعا مختلف الفاعلين إلى "وضع ملامح المستقبل للسينما الجزائرية بعرض الأفكار وبلورة تصوّرات مبتكرة تجعل من هذه الصناعة المتجدّدة، واجهة ثقافية عاكسة للشخصية الجزائرية والهوية الوطنية". مشددا على أهمية أن تخلُص هذه الجلسات إلى مقترحات تمهّد الطريق لاتخاذ "قرار فوري" بشأن إعادة بعث السينما الجزائرية، داعيا إلى إنشاء "هيئة وطنية منتخبة" لتسيير هذا القطاع، وبذلك "يكون تاريخ هذه الجلسات يؤرّخ لبعث السينما الجزائرية من جديد".
في هذا الصدد، قال الفاعلون في حقل السينما من منتجين ومخرجين وتقنيين، إنّ هذه الجلسات "محطّة حاسمة لتعزيز المكتسبات المحقّقة" و«إطلاق ديناميكية جديدة" وكذا "بناء خارطة طريق واضحة تعكس التطلّعات المستقبلية للسينما الجزائرية، وأجمعوا على ضرورة تطوير الإنتاج والتمويل والتوزيع" و"دعم الاستثمار" في مجال الفن السابع مع "ضمان حوكمة فعّالة" في القطاع.
وحاول المشاركون في الورشات الخمس المنظّمة ليومين، اقتراح حلول عملية ومستدامة قصد معالجة التحديات المطروحة، حيث تناولت الورشة الأولى "اقتصاد وتمويل السينما" من خلال "تحسين آليات التمويل العام"، "تقديم حوافز ضريبية لجذب الاستثمارات"، وكذا "إيجاد آليات تجسد الإنتاج والتوزيع واستغلال الأعمال السينمائية"، فيما تمحورت تدخلات ورشة "الحوكمة والإطار التنظيمي للسينما" حول "أهمية تعزيز الإطار القانوني والمؤسّسي لتحقيق حوكمة حديثة وشفافة للقطاع، والتنفيذ الفعّال لأحكام قانون الصناعة السينمائية، وتوضيح الأدوار والمسؤوليات بين الهيئات المختلفة، فضلا عن إنشاء هيئات تنظيمية لضمان متابعة فعّالة للسياسات العامة.
أما ورشة "الأخلاقيات والعلاقات المهنية والتكوين" فعرفت طرح انشغالات تتعلّق بضرورة "إقامة بيئة مهنية تقوم على ميثاق أخلاقي واضح وتنظيم شفاف، وإعداد وتطبيق اتفاقيات جماعية للمهن السينمائية، وكذا تنظيم علاقات تعاقدية وشروط العمل، وإنشاء آليات للوساطة المهنية. فيما اقترح الحاضرون بورشة "الجمهور وتوزيع الأعمال السينمائية" إعادة بناء العلاقة بين عروض الأفلام والجمهور، من خلال إحياء فضاءات العرض، وإعادة تأهيل وتحديث قاعات السينما، وكذا تشجيع النوادي السينمائية والمهرجانات المحلية.
وركّزت الورشة الأخيرة عن "الرقمنة، التكنولوجيا وحفظ التراث السينمائي" على سبل ضمان انتقال رقمي فعّال يساهم في حفظ وتعزيز التراث السينمائي الجزائري بشكل مستدام، من خلال رقمنة وحفظ الأرشيف السينمائي، وإنشاء منصات رقمية لبث وتوزيع الأعمال السينمائية، وكذا تقديم تكوين متخصّص في المهن الرقمية المتعلقة بالسينما.
واستعرض مخرجون ومنتجون وخبراء ومستثمرون وفاعلون في مجال الصناعة السينماتوغرافية في تدخّلاتهم في هذه الورشات مقترحاتهم بخصوص عديد القضايا المرتبطة بواقع السينما في الجزائر وآفاقها، مشيرين إلى أنّه "رغم الإنجازات الهامة التي تحقّقت خلال السنوات الأخيرة"، منها صدور قانون الصناعة السينماتوغرافية، إلاّ أنّ القطاع السينمائي يواجه مجموعة من التحديات الهيكلية والوظيفية تتعلّق بتطبيق النصوص التشريعية، وتداخل الصلاحيات بين مختلف الهيئات، وضعف مصادر التمويل المستدامة والمتنوّعة التي تضمن استمرارية المشاريع السينمائية، والنقص في البنية التحتية الملائمة والعصرية المخصّصة للصناعة السينمائية".
كما تحدّثوا عن "غياب اتفاقيات جماعية تحمي حقوق العاملين في القطاع، وصعوبة استقطاب الجمهور ودفعه للعودة إلى قاعات السينما، والتأخر في تبني التكنولوجيات الحديثة في مجالات الإنتاج والتوزيع والحفظ السينمائي، وأيضا تراجع الحضور الدولي للسينما الجزائرية".