سجل أكثر من 500 زائر في السهرة الواحدة

الحياة تبعث في متحف الباردو

الحياة تبعث في متحف الباردو
  • القراءات: 2593
دليلة مالك دليلة مالك
يشهد المتحف العمومي الوطني الباردو أياما استثنائية بل وغير مسبوقة، من حيث التوافد الهائل للزوّار لحضور مختلف النشاطات الثقافية والفنية التي ينظّمها يوميا في شهر رمضان، وقد بلغ عددهم حوالي 560 شخص في السهرة الواحدة، وسُجل حضور 300 شخص في السهرة الأولى، حسبما أكّده محرز رابية مسير شركة إنتاج ”فابريكا” منظّمة الحدث، بإشراف إدارة متحف الباردو.
المتعارف عليه أنّ الجزائريين لا يزورون المتاحف، لكن الفكرة التي أطلقها فريق ”فابريكا” كانت بمثابة الخلطة السحرية في جعل المعلم الأثري الباردو قبلة للعديد من العائلات العاصمية من خلال تضمين ليالي رمضان مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية في فضاء جمالي.
عن المشروع يقول محرز رابية لـ”المساء” أنّ الفكرة تعود لما كان طالبا بفرنسا، ودُعي لعشاء بمتحف اللوفر بباريس رفقة أصدقائه، وأكد أنّه في البداية لم يستوعب الموضوع ولكنه اكتشف أجواء أخرى، ومن الممكن للأشخاص الولوعين بالشأن الثقافي ومعالمه أن يقضوا سهراتهم في أماكن مثل المتاحف، وقبل 8 أشهر عاودته الفكرة لتنظيم تظاهرة مماثلة بالجزائر، وأعد ملفا كاملا لتمكينه من إقامته على ضوء تحقيق الهدف المنشود والمتمثل في جلب الزوار للمتحف.
وتابع المتحدث ”لما عدت إلى الجزائر أسّسنا شركة إنتاج اسمها فابريكا وهي بمثابة مصنع للتظاهرات الثقافية تكون مختلفة وخارقة للعادة وفي أماكن لا يتردّد عليها الناس كثيرا، ولما حضر ملف مشروع تنشيط متحف الباردو تمت الموافقة عليه وأبدى المسؤولون إعجابهم بالفكرة على رأسهم مراد بتروني مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث الثقافي ومديرة متحف الباردو فطيمة عزوق”.
وذكر رابية أنّ الفكرة أثارت جدلا كبيرا وهو جدل وصفه بالطبيعي يتعلّق بالخوف على المنشأة الثقافية، فهو معلم أثري قبل أيّ شيء، ولابد من الحفاظ عليه كما هو، لكن الرهان هو تنشيط واستغلال المساحات الموجودة داخل مبنى المتحف المتمثل في الساحة الرخامية والحديقة، فالهدف هو جلب الناس ومنحهم جرعة من الترفيه في مكان مهم مثل متحف الباردو، وتم إحضار فنانين لتقديم وصلات موسيقية كلّ نهاية أسبوع على مستوى الساحة الرخامية، أما فضاء الحديقة فخصّص له برنامج موسيقي آخر.
وأوضح محرز رابية أنه تم استئجار هذه المساحات وتجهيزها بمرافق الراحة لتسدّ حاجيات 600 شخص، من أجل الجلوس واستهلاك المرطبات، وأخذ فرصتهم في التمتع بالمعلم الأثري العتيق وكأنهم في بيتهم، وفضلا عن ذلك تم العمل مع ثلاث ورشات لتحضير الديكور، مع التركيز على تقديم الجانب الجمالي للمتحف، وتمت الاستعانة بالإضاءة الهندسية في الحديقة خاصة.
والجدير بالذكر، أنّ دخول سهرات متحف الباردو مجانية، وإلى جانب مشاركة الفنانين، هناك معرضان فنيان الأوّل للصور حول الحايك والثاني تشكيلي للرسامة زفيرة ياسف عنوانه ”اقرأ، الطريق نحو النور”، وأكّد محرز رابية بالمناسبة أن اليوم الأوّل من رمضان عرف زيارة 300 شخص، ومعظمهم ولج معرض الحايك وهو رقم لا يسجّله المتحف مدة شهر كامل.
ولهذا الشأن، دعا محرز رابية إلى تعميم التظاهرة لتشمل مختلف المتاحف الموجودة في الجزائر، وتنظيمها مجددا خلال نهاية الأسبوع على سبيل المثال، مشيرا إلى أنّ الحدث مكلّف وليست له عوائد مالية كبيرة، ولكن الهدف الذي يصبو إليه هو جعل الناس يكتشفون سحر المتحف، وشدد رابية في الأخير ليدعو كلّ المثقفين إلى مشاهدة ما يحدث في الباردو ويطمئنوا لوضعه، مؤكدا أنه يخاف على المتحف الذي يعدّ جزءا من التراث الجزائري وتاريخه هو ملك للجميع.