العرض الشرفي لمسرحية "ريحان غرناطة"

الحفاظ على الإرث الحضاري بعد سقوط الأندلس

الحفاظ على الإرث الحضاري بعد سقوط الأندلس
  • القراءات: 537
دليلة مالك دليلة مالك

قدّمت جمعية "صونيا للفنون والثقافة"، أول أمس، العرض الشرفي لمسرحيتها "ريحان غرناطة" للمخرج ياسين كوار، بالمسرح الوطني الجزائري "محيي الدين بشطارزي" في الجزائر العاصمة. هذا العمل الذي عاد إلى مجد الأندلس، والإرث الحضاري الذي حاول الإسبان (مملكة قشتالة)، طمسه ببشاعة.

المسرحية التي دامت نحو ساعة وكتب نصها أروى خنيش، جسّدت في لوحاتها أشكال التعذيب التي مورست على المسلمين في غرناطة، والتي وصلت إلى منع تداول أسماء الناس بالعربية، وتغييرها إلى أسماء إسبانية؛ ما جعلهم يخفون توجّههم الديني. وإذ انتهى هذا التصعيد الهمجي إلى الهروب من غرناطة نحو شمال إفريقيا وقد نقلوا إرثهم وثقافتهم إليها، وقد سقطت غرناطة وكل الحضارة الأندلسية على يد الهجمات التي شنّها المسيحيون وقتئذ.

وتدور أحداث القصة بين ثلاث أخوات، هن "مُهجة" (ندى عيساني)، و "ثريا" (إنصاف قاضي)، و"مريامة" (وئام ريم لطيسة)، اللواتي قدن بحزم جبهة المقاومة ضد القشتاليين، والتي تمثلت على الخشبة في شخصيتين، هما الضابط (محمد رباني) والجندي (عماد الدين سايح). وقد تعرضت الأخوات للمساومات والتعذيب الجسدي، من أجل محو كل ما يتعلق بهذه الحضارة.

وقد تجلى الأمر في عمل الضابط والجندي في البحث عن كل الكتب المتعلقة بعلومهم وثقافتهم لحرقها؛ حتى إنهم قادوا حملات لمحو كل ما يوحي للشخصية الإسلامية بكل فظاعة؛ كمشهد الشيخ الذي رمى بسبحته عند دخول الضابط والجندي فجأة إلى بيته. والأكثر من ذلك، تظهر "مريامة" التي تتمتع بذاكرة قوية، تدوّن كل الأسماء والأنساب؛ لحفظها وإخفائها.

ويستعيد العمل الذي قدمه ياسين كوار في أول تجربة إخراج له، مجد الحضارة الأندلسية، وكيف تَسلمها الجزائريون بعدها بعد سقوط الأندلس وغرناطة، لما هرب مسلموها من جبروت المملكة القشتالية. وقد عكس تلك الأحداث بما يحدث اليوم من حرب إبادة في فلسطين، وعلى أهل غزة؛ لتشابه أفكارها التدميرية المقيتة.

"ريحان غرناطة" (إنتاج 2024، 57 دقيقة) العمل الذي أشرفت عليه فنيا الممثلة والمخرجة آمال مينيغاد، استعان على ديكور بسيط، خدم إلى حد ما، البناء الدرامي للقصة. كما كانت الإضاءة التي صممها زين العابدين خطاب، مناسِبة في كثير من فترات العرض. وكان اختيار الموسيقى والأغاني مواتيا، خاصة باستحضار الموشحات الأندلسية الشهيرة؛ على غرار موشح "جادك الغيث". ويبقى أداء الممثلين متفاوتا؛ ذلك أن هناك مشكلا عند بعضهم في الإلقاء؛ ما جعل صوتهم لا يصل إلى الجمهور.   

للتذكير، يأتي العرض الشرفي لمسرحية "ريحان غرناطة" للجمعية الولائية صونيا للفنون والثقافة الذي احتضنه المسرح الوطني الجزائري، ضمن فكرة دعم ومرافقة المواهب الشابة.