المهرجان الدولي للسينما في الصحراء بتونس
الجزائر ضيف شرف الدورة الثانية

- 221

تحلّ الجزائر ضيف شرف الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء في قصر غيلان في تونس، من 29 أكتوبر إلى 2 نوفمبر الداخل، في موعد لا يحتفي، فقط، بالسينما، بل يستدعي وجع الأرض، وصوت الحرية؛ تماما كما كانت الجزائر ولاتزال. فوفقا للمهرجان، "الجزائر ليست دولة ضيفا، بل ذاكرة شقيقة، وجارا يشبهنا حين نبحث عن الحياة في التفاصيل الصغيرة، عن الخلاص في الفن، وعن الحقيقة في الصحراء". حسب المصدر، فإنّ اختيار الجزائر استعادةٌ لوشائج أعمق من الجغرافيا، توثّقها الذاكرة المشتركة، وتستحضرها الكاميرا حين تعبر تفاصيل الإنسان، وتفتح الجراح القديمة على اتساعها، لتروي ما بقي من صمت.
ويتزامن هذا الحضور الرمزي مع ذكرى اندلاع ثورة التحرير في الأوّل من نوفمبر؛ وكأنّ السينما هنا تُستعاد كفعل مقاومة، لا، فقط، كعرض بصري، بل كذاكرة حيّة. وبموازاة هذا الموعد، يعرض المهرجان باقة من أبرز الأفلام الجزائرية التي خطّت بصمتها في مسار الفن السابع. أفلام تنبض بوجع الحكايات، وبسؤال الهوية، والبحث الطويل عن المعنى في زمن رمادي.
وضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية، تنضم الممثلة الجزائرية مليكة بلباي إلى لجنة التحكيم، بحضورها اللافت، وتجربتها المتجذرة في تفاصيل الإنسان. من المسرح إلى السينما عَبَرت بلباي طريقا مليئا بالتحديات، كانت فيه المرأة أكثر من دور، كانت موقفًا. أعمالها، مثل عرفان وبركات، لم تساوم، بل واجهت الأسئلة المؤلمة بكثير من الصدق؛ ما جعل منها إحدى الوجوه القلقة في مشهد لا يرحم الضعفاء.
وتستقبل لجنة تحكيم أفلام الشباب، المخرج الجزائري عصام تعشيت صاحب الرؤية البصرية المغايرة، الذي لم ينتظر دعم المؤسسات ليصنع أفلامه، بل اشتغل على الهامش. وكتب بلغة السينما أسئلته الحارقة. أفلامه القصيرة من "هيومن" إلى "الليلة البيضاء" ليست تجريبا بصريا فحسب، بل محاولات حقيقية لفهم ما يحدث حين يصمت الجميع.
وفي زاوية أخرى من المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، يُعرض فيلم "نية" للمخرجة الجزائرية إيمان عيادي. وتحكي الكاميرا عن أنيا، طفلة لم تعرف من العالم سوى فسحة اللعب، بينما تدور خلفها حرب لا تفهمها. فيلم صغير في مدّته، لكنّه عميق في وجعه. يضع العشرية السوداء في قلب الطفولة. ويحيل السؤال إلى الأب الغائب، وإلى وطن ظلّ يبحث عن أطفاله.