الدبلوماسي أمين خربي يقدّم كتابه حول أمريكا ويصرح عن الجزائر:
التغيير ضرورة وفق مؤسسات قوية ومجتمع مدنيّ واع

- 661

دعا السفير الأسبق للجزائر بالولايات المتحدة الأمريكية أمين خربي (من 2005 إلى 2008)، إلى إحداث التغيير في الجزائر وفق سياسة ممنهجة، تهدف إلى بناء مؤسسات قوية ومجتمع مدني واع، مضيفا أنه بصدد إتمام آخر رتوشات كتاب جديد حول الجزائر، اعتمد فيه على النقد البنّاء لتقديم تحليلاته للوضع.
قدّم الدبلوماسي وسفير الجزائر الأسبق بالولايات المتحدة الأمريكية السيد أمين خربي، أول أمس بمكتبة “شايب دزاير”، كتابه الجديد “فوق سقف العالم، يوميات أمريكية”، الذي صدر حديثا عن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار.
وتحدّث خربي في جلسة إعلامية عن حيثيات كتابه الذي كتبه عن الفترة التي عمل فيها سفيرا للجزائر في الولايات المتحدة الأمريكية (2005- 2008)، حيث قال إنه أراد تقاسم تجربته في العيش بأمريكا مع الجزائريين، خاصة أنهم يهتمون بما يحدث خارج بلدهم، عكس الأمريكيين.
كما تناول في إصداره هذا الذي يقع في 302 صفحة، ملاحظات واستنتاجات حول سياسة أمريكا لما بعد 2008 إلى بداية 2021. وفي هذا السياق أكد المتحدث أن العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية في عهد بايدن، ستكون طبيعية رغم أن الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والهند والصين، من الصعب تغيير سياستها الخارجية بسرعة، بل هي دول ضخمة تتغير ببطء، مضيفا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمع للآخرين، وتحب أن تحكم العالم لوحدها.
وانتقل خربي إلى عهدة ترامب، وقال إنها كانت “كارثية” على المستوى المحلي وكذا الدولي، خاصة أنه كان تحت تأثير صهره. كما أرجع انتخاب الشعب الأمريكي ترامب، إلى أزمة القيادة التي مست العالم.
وأكد خربي قوة الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، معتبرا أن هذا الأمر لن يضمحل في السنوات المقبلة. كما نوّه بديمقراطيتها، التي ترتكز على مؤسسات قوية ومجتمع مدني واع بأموره الداخلية، بيد أنه لا يهتم كثيرا بالسياسة الخارجية لبلده. وأشار خربي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بلد قاري، وبالتالي يهتم شعبها بأمورهم الداخلية. كما يؤثرون على توجه الساسة، ويشكلون رأيا عاما يحتكم إليه القادة رغم حدوث ما يسمى “القطيعة بين الشعب والدولة” في عهد ترامب؛ حيث تذبذب الحوار بين الطرفين.
وعن تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في القضايا العالمية وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية، قال خربي إن أمريكا لازمت سياسة التحييد الايجابي، إلا أن الأمر تغير في عهدة ترامب، لكنها - حسبه - ستعود إلى ما كانت عليه في عهدة بايدن. واعتبر خربي أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تأسست على مبدأي حق الشعوب في تقرير مصيرها والحرية، لا يمكنها أن تكون ضد الصحراء الغربية. وأضاف أن ما يعرقل قضية الصحراء الغربية، موقف فرنسا المساند للمغرب، مؤكدا في السياق نفسه، وجود اتفاق سري بين فرنسا والمغرب لا يعرف كنهه، لكنه متأكد من وجوده. وتابع أن الجزائر دعت فرنسا إلى طاولة الحوار حول القضية الصحراوية سنة 1978، وقبلت فرنسا الأمر، إلا أنها غيرت رأيها، ووقفت إلى جانب المغرب حتى اللحظة. وتابع مجددا أن ملك المغرب الحالي ليس مثل والده الذي كان محنكا ويملك حدسا كبيرا، ومع ذلك لم يستطع فعل شيء أمام مطلب الصحراء الغربية في حق تقرير مصيرها؛ لأن المجتمع الدولي مع هذا الطلب، وهو ما توافق عليه الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن رغم مناورات فرنسا.
وبالمقابل، تحدّث خربي عن كتابه الذي يشرع في وضع آخر الرتوشات له، وسيصدر في الخريف المقبل. وقال إنه يتناول فيه ضرورة أن تتغير الجزائر من خلال بنائها مؤسسات قوية، مضيفا أن من الضروري أن يكون المواطن الجزائري واعيا، ويبدأ بتغيير نفسه، وأن لا يتهم الدولة بكل أدران المجتمع؛ فتنظيف المحيط الذي يعيش فيه من مسؤوليته مثلا. ودعا إلى تشكيل مؤسسات قوية مثلما حدث في أمريكا، التي وضع مؤسسوها مؤسسات قوية، لم تستطع مختلف السياسات التي حكم بها الرؤساء الأمريكان، زعزعتها، بل انقادت تحتها.
وتحدّث عن إلزامية تحلّينا برؤية واضحة لما يجب أن تكون عليه الجزائر، مضيفا أن النخبة الجزائرية يجب أن تكون في المستوى؛ حتى تكون عينا على الساسة، الذين لديهم حق اتخاذ القرار. واعتبر أن الساسة حينما يخلو لهم الجو، لا يؤدون مهامهم بالشكل الصحيح؛ لهذا يجب أن تلعب النخبة دورها، وهكذا سيدرك الساسة أن أطياف المجتمع لا يتبعونهم فقط، بل لديهم ما يقدمونه، وما ينتظرونه أيضا.
وواصل يقول: “إننا نعيش في عصر العولمة المفككة، والعالم يسير بشكل غير متزن”، متناسيا المشاكل المشتركة في الصحة والثقافة والغذاء والماء والتربية وغيرها، ومضيفا أن السياسة الخارجية تتأسس حسب مطالب الشعب، ولا تُبنى بشكل عشوائي. كما حث الجزائريين على العودة إلى القيم التي تمسكوا بها إبان الاحتلال الفرنسي، وكذا إلى أنفسنا، وهذا من خلال اتباع سياسة خاصة بنا، وعدم تقليد الآخرين، وعبر تشكيل رؤية تمس كل الميادين، علاوة على أهمية التغلغل في تاريخنا؛ إذ لا مستقبل لمن لا يعرف ماضيه.