الأستاذة مليكة حسين تحاضر بقصر “رياس البحر”

الترميم أنقذ دار عبد اللطيف من الزوال

 الترميم أنقذ دار عبد اللطيف من الزوال
  • القراءات: 1820
 لطيفة داريب لطيفة داريب

أكّدت الأستاذة الباحثة مليكة حسين، أنّ “جنان عبد اللطيف” أو كما يلقَّب عند العامة بـ “دار عبد اللطيف”، يُعدّ شاهدا على دُور الفحص الأصلية، التي بُنيت في العهد العثماني، مضيفة أنّه لو لم يشهد ترميمات سنة 2003 لكان الآن من الماضي. وأشارت أثناء تقديمها لمحاضرة “جنان مدينة الجزائر، تراث فني يجب الحفاظ عليه، دراسة حالة دار عبد اللطيف”، أوّل أمس بقصر “رياس البحر”، إلى أنّ “دار عبد اللطيف” التي سُميت باسم آخر مالك لها، عرفت تغييرات على بنيتها خلال العهد الاستعماري.

في هذا السياق، أكدت المتحدثة أنّ هذه الدار شكّلت فضاء نقاهة للجنود الأجانب في بداية العهد الاستعماري، لتعرف تدهورا مستمرا بعد أن باعها مالكها عبد اللطيف للمستعمر، ومن ثمّ تحوّلت بعد وصاية الناقد الأدبي آرسان أليكساندر، إلى دار للفنانين، وأصبحت “دار عبد اللطيف” قِبلة للفنانين التشكيليين؛ من رسامين ونحاتين ومهندسين ممن أطلقت عليهم تسمية “المستشرقين” (87 فنانا من 1907 إلى 1961)، كما شكّلت أعمالهم مصدرا أساسيا للتعرّف على حال الدار الأصلية، حينما بدأت عملية الترميم سنة 2003.

واعتبرت المتحدثة أنّ الترميم الذي نال الدار جاء في وقته، خاصة بعد زلزال 2003، الذي مسّها بصفة كبيرة، وكذا كل العوامل التي تسبّبت في تدهور الدار، ومن بينها إهمالها من طرف السلطات المتخصصة، كما سكنَها المستعمر الفرنسي أوّلا، ثم 14 عائلة من موظفي وزارة الاتصال والثقافة سابقا سنة 1975.

وفي هذا الصدد، أدخل المستعمر الفرنسي عدّة تعديلات على الدار التي تتكون من حديقة (جنان) كبيرة متّصلة وعدّة سكنات متفرقة، وهو ما قامت به أيضا العائلات الجزائرية التي سكنت المكان بعد الاستقلال رغم أنّ الدار الأساسية لجنان عبد اللطيف مصنَّفة وطنيا، وبالتالي من غير القانوني إدخال أيّ تعديل عليها.

وأكّدت الباحثة بالمدرسة الوطنية متعددة التقنيات للهندسة والعمران، أنّ جنان دار عبد اللطيف سيصنَّف بدوره، مضيفة أنّ كلّ هذا المعلم يتشكّل من دار رئيسة وأخرى ثانوية للترفيه، تحت اسم “رياض”، وثالثة تقع في المنطقة السفلى للدار، ودويرة وورشات واستديوهات ورواق وحديقة، مشيرة إلى أنّ بعض هذه المنشآت أصلية، وأخرى أضافها المستعمر الفرنسي، وثالثة أُدخلت عليها تصليحات من طرف السلطات الجزائرية.

ونوّهت المحاضرة بالترميم الذي طال دار عبد اللطيف، والذي كان جزائريا مائة بالمائة، مضيفة أنّ هذه الدار تُعدّ الشاهد الأساس لما كانت عليه الدور من هذا النوع في العهد العثماني، كما أنّ حديقتها تحتوي على نباتات نادرة وعلى آلية ناجعة لضخّ الماء. وطالبت المتحدثة بضرورة ترميم ما بقي من دُور الفحص، وهي الدُّور التي تقع خارج القصبة، وكانت تشكّل سكنات ثانوية للنبلاء والبرجوازيين العثمانيين، وبقي منها 120 دارا بعد أن كانت، حسب إحصاءات غير رسمية، أكثر من عشرة آلاف.

ودائما بلغة الأرقام، فإن عدد دُور الفحص التي تعرّضت للهدم بعد دخول الاستعمار الفرنسي الأرض الطاهرة، 900 دار، إضافة إلى أنّ معظم هذه الدور تقع في القسم الجنوبي للعاصمة. أمّا جنان عبد اللطيف فيعود تأسيسه إلى القرن الثامن عشر. ويقال إنّ علي آغا هو الذي شيّده، إلاّ أنّ هذا الخبر غير مؤكّد تماما، ولهذا سُمي على اسم مالكه الأخير محمد بن عبد اللطيف، ليصبح اليوم مقرا للوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي، ومجددا “دار الفنانين”.