معرض " التراث والفلكلور" بمركز "مصطفى كاتب"

التراث الفلسطيني والجزائري في مواجهة التزييف

التراث الفلسطيني والجزائري في مواجهة التزييف
  • القراءات: 456
مريم. ن مريم. ن

يحتضن المركز الثقافي "مصطفى كاتب" بمناسبة شهر التراث، فعاليات من تنظيم مديرية الثقافة لولاية الجزائر والملتقى الفلسطيني الجزائري للتراث الشعبي، تبرز جوانب عريقة من التراث، خاصة منه الفلسطيني، الذي يبقى أبناؤه مصرّين على حفظ هويته تماما؛ كتمسّكهم بأرضهم فلسطين وعاصمتها القدس.

التقت "المساء" في هذا المعرض الأستاذ فواز أبو كوش عميد الملتقى الفلسطيني الجزائري للتراث، الذي قال إنه مقيم بالجزائر منذ عام 2011، ويعمل من خلال هذا الملتقى على الحفاظ على التراث الفلسطيني والجزائري على حد سواء، ولإنقاذه من الاندثار والسطو ومحاولات السرقة والتزييف؛ ذلك أن الاحتلال والاستعمار بشكل عام، يهدف دوما إلى طمس الهوية الوطنية، وتفكيك كل ما تعلق بالموروث الخاص بالوطن الأم.

ويضيف: "بما أن فلسطين مستهدفة من العدوّ الصهيوني، والجزائر مستهدفة من أعدائها الخارجيين وحتى من جيرانها الذين يحاولون نسب الموروث الثقافي والحضاري الجزائري لهم، فإن الهدف واحد، هو طمس الهوية، وتغيير معالمها الوطنية؛ ما استدعى منا إقامة هذه الفعالية التي بها أعضاء ومشاركون فلسطينيون وجزائريون، علما أن للملتقى الفلسطيني الجزائري للتراث اعتمادات وطنية وعربية ودولية.

ونحن نقوم من خلال كل ذلك، بنشر ثقافة الوعي للحفاظ على الموروث الفلسطيني والجزائري، مع تنظيم ندوات ومحاضرات ومسابقات بشكل مستمر ودائم، والمشاركة، أيضا، في جميع المناسبات الوطنية الجزائرية، منها هذا المعرض بمناسبة شهر التراث الممتد حتى 18 ماي الداخل، وبالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية الجزائر".

وأشار محدّث "المساء" إلى أن من ضمن ما يقدمه المعرض في شقّه الفلسطيني، اللباس التقليدي والأدوات التقليدية الخاصة بالمطبخ والديكور، معبّرا عن امتنانه للجمهور الجزائري الذي يتوافد بقوّة، على المعرض للتضامن مع فلسطين. وأكد أنّ هناك تشابها إلى حدّ ما، بين تراث البلدين الجزائر وفلسطين.

كما التقت "المساء" بنفس الفضاء السيدة سهاد سامي أبو كوش، التي قالت في بداية الحديث: "لو أعطوني مال الدنيا لأبيع أو أتنازل عن بعض هذه المعروضات ما فعلت، خاصة مع فستان قامت بتطريزه عمتي، وفستان آخر طرزته ستي (جدتي) باليد أيضا منذ 70 عاما؛ أي قبل احتلال غزة". وقالت إن الثوب الفلسطيني رمز المرأة الفلسطينية، الذي لم تكن ترتدي سواه قبل الاحتلال في عام 1948، فكانت تزرع الأرض وتقلع الغلال بهذا الزي ذي لون الراية الفلسطينية (له لون الأصفر والأسود والأحمر).

وأضافت المتحدّثة: "منذ أن تشارف البنت نحو سن الشباب وبالتالي الزواج تبدأ العائلة بتطريز جهازها الخاص بالعروس، علما أن الألوان المعتمدة للعروس هي الأبيض والأحمر. أما الفتاة العزباء فيخصَّص لها الأزرق؛ كدليل على عدم ارتباطها. وهي لا تلبس الأحمر ولا الأخضر، وتطرز على ثوبها غالبا حبة برتقال. أما الطفل الرضيع فيخصَّص له اللون الأبيض المطرّز بالأشكال منها شكل "أرنوب" مثلا، وكذلك على أغراض أخرى له منها "القمطة".

والطفلة الرضيعة أيضا يطرَّز اسمها على الثوب الأبيض. وقالت سهاد إن لكل منطقة في فلسطين لمستها في اللباس الوطني؛ من ذلك اللون، و«الغرزة" كالدوائر والورود والسهام، والطرز على الأطراف بشكل عمودي. وهنا تذكر أن الثوب يميز، مثلا، المرأة القابلة (الداية) الذي لا تلبسه امرأة سواها، وتضع "الشاش" على رأسها، وترتدي حزاما غليظا. وإضافة إلى الثوب، يتم عرض أغراض أخرى مطرّزة؛ منها المحافظ، وحقائب اليد، والسجادات، والمناديل، ووجوه الوسادات، والسترات؛ من أجل أن يتقبل جيل الشباب هذا التراث، ويستعمله في يومياته ومناسباته.

وعن هذا التراث الفلسطيني قالت سهاد إنه يُسرق من المحتل. وتم تقديمه في عروض الأزياء بأوروبا بشكل إباحي لا علاقة له بقيمته التاريخية؛ الأمر الذي استفز حرائر فلسطين. وناشدت المتحدثة الفلسطينيات في كل بقاع العالم، أن يتمسّكن بهذا التراث، ويحافظن عليه؛ لأنّه جزء من هويتهن الوطنية.

الحديث مع السيدة سهاد ذو شجون؛ فتح الباب لذكريات غزة مسقط رأسها. كما كان لحظة لألم ما يجري فيها اليوم. وقالت: "أعيش في الجزائر منذ 14 سنة ولي 5 أبناء يتحدّثون في البيت باللهجة الفلسطينية تماما كما يتحدّثون خارجه بالجزائرية. ولا ينقصنا هنا مع أشقائنا سوى الوطن والأهل، هؤلاء الذين يعيشون الإبادة يوميا؛ فأختي الصغرى ذات 27 عاما، استشهدت مع أبنائها الصغار الثلاثة وزوجها.

وكنت أحبها وهي لم تكن تبخل عليّ بشيء. ومنذ شهرين أو أكثر لاتزال مع عائلتها تحت الركام لم تدفَن! الأمر الذي يؤلمني" . وتفتح سهاد الهاتف لتُري "المساء" أختها الصغرى مع عائلتها، وبيوت العائلة في غزة، والتي دُمّرت عن آخرها؛ منها بيت سهاد طبعا. ومن بقي من العائلة لايزال في رفح، ويتعذّر الاتصال به.

للإشارة، السيدة سهاد وشريكتها الجزائرية في هذا المعرض صونيا لعماري المختصة في التراث والفلكلور الجزائري، ستسافران قريبا إلى تونس، لتقديم عرض عن التراث الفلسطيني الجزائري بالعاصمة تونس.