الدكتورة المغربية مارية البحصي لـ«المساء»:

التبادل المعرفي بين الجزائر والمغرب في تطور مستمر

التبادل المعرفي بين الجزائر والمغرب في تطور مستمر
  • القراءات: 1489
حاورتها: لطيفة داريب حاورتها: لطيفة داريب

شاركت الدكتورة المغريبة مارية البحصي في الملتقى الدولي لـ«التعليم عن بعد، الجزائر أنموذجا» الذي نظّمه مخبر الممارسات اللغوية بجامعة تيزي وزو، في الفترة الأخيرة. وفي هذا السياق، أجرت معها «المساء» هذا الحوار.

❊ ما هو واقع التعليم عن بعد بالمغرب؟

❊❊ يراهن المغرب على التعليم عن بعد، ليس كبديل عن التعليم النظامي بل مكمّلا له، رغم وجود الكثير من المعيقات سواء المتعلّقة بالمعلم أو المتعلّم، فبالنسبة للأوّل، هناك من يرى أنّ هذا التعليم يشكّل عليه عبئا يُضاف إلى مهنته التقليدية التي تعنى بالتدريس، ومنه يطلب بعض المحفّزات مثل منح مالية وما شبهها. كما أنّ هناك من لا يتقن عملية تحويل المقرّرات التقليدية إلى رقمية، رغم أنّنا في عصر العولمة والتكنولوجيات. أما المعيقات التي تتعلق بالمتعلّم فيمكن القول بأن ليس كل متعلّم يملك حاسوبا، رغم توزيع وزارة التعليم العالي حواسيب للطلبة مقابل أثمان رمزية.

هناك مشكل آخر يتمثّل في كلفة الأنترنت المرتفعة، بالتالي نرى أنّ المعيقات من الطرفين. كما يمكن طرح إشكالية أخرى تتمثل في الاعتراف بالشهادة التي يتلقاها طالب التعليم عن بعد من عدمها، فالمعروف أنّ الطالب يدرس كي يتحصّل على شهادة تمكّنه من إيجاد عمل، فكيف سيكون وضع من اتّبع التعليم عن بعد؟، لهذا هناك أيضا نقاط أخرى يجب التطرق إليها، مثل قضية الغش، فكيف نضمن أن هذا الطالب لا يغشّ وهو بعيد عن المعلم وغير ذلك؟ في المقابل، تلقيت تكوينيين بمبادرتي الخاصة من الجامعة الفرانكفونية في مجال التعليم عن بعد، لكنه غير كاف.

❊تخصصت في تحقيق المخطوطات، لكنك تدرّسين العديد من المواد التي ليست لها علاقة بتخصّصك، كيف ذلك؟

❊❊ نعم، التخصص الذي درسته يتمثّل في تحقيق المخطوطات، لكنني أدرّس أيضا السرد العربي، تواصل في تحقيق الخطاب، منهجية البحث الجامعي في السرد العربي القديم، الأدب الأندلسي، لأنّ الأستاذ الجامعي في المغرب يجب أن يكون موسوعة.

❊ هل تعتقدين أنّ هذا الأمر يثري المسيرة المهنية للأستاذ الجامعي أم يزيد من الضغوطات عليه؟

❊❊ يمكن أن يشكّل ذلك ثقلا على الأستاذ الجامعي، لكنه في نفس الوقت، يعدّ ثراء له، لأنّ الأستاذ الجامعي أحادي الاختصاص، سيشعر بالانغلاق، كما لن يتمكّن من المشاركة في المؤتمرات المتعدّدة. في المقابل، ولأنّني متعددة التخصصات، أشارك في الكثير من المؤتمرات حول التعلّم والأدب والسرد، بالتالي من العيب أن يكون الأستاذ الجامعي في المغرب متخصّصا في موضوع ما دون أن يتطرّق إلى مواد أخرى، بل يجب أن يكون موسوعيا.

❊ تزور الدكتورة مارية البحصي الجزائر لأول مرة، إلاما يرجع نقص الاحتكاك بين الأساتذة الجامعيين في الجزائر والمغرب؟

❊❊ ليس كذلك، فالكثير من زملائي زاروا الجزائر  وشاركوا في مؤتمراتها، أما عني فلم تتح لي فرصة زيارة الجزائر إلا هذه المرة، حتى أنني تلقيت دعوتين في نفس الوقت، واحدة من تيزي وزو والثانية من خنشلة، فاخترت الأولى.

❊ ماذا تعرفين عن الثقافة الجزائرية؟

❊❊ ليس كثيرا، قرأت فقط لبعض الروائيين مثل أحلام مستغانمي، ومع ذلك متأكّدة من ثراء الثقافة الجزائرية،  وحضوري لهذا المؤتمر خير إجابة على ذلك.

❊ هل تعتقدين بوجود جفاء ثقافي بين الدولتين؟

❊❊رغم الحدود المغلقة بين البلدين، إلا أن مشاركة الأستاذة الجزائريين في المؤتمرات المغربية كبيرة والعكس صحيح، لأنّ السياسة لا تؤثّر كثيرا على العلاقات الثقافية بين البلدين، ومع ذلك أرجو تنظيم معارض تضمّ كتبا مغربية وجزائرية، وحل مشكل توزيع الكتب الذي أعتقد أنه يمس منطقة المغرب العربي ككل،  مقارنة بالكتاب الذي يأتيني من منطقة المشرق العربي الذي يحمل شهرة أكبر.

❊ هل للدكتورة مارية مؤلّفات؟

-- أريد أن أتحدّث عن مشكلة تغصّ مضجع الكاتب المغربي، وتتمثّل في إجبارية الطبع بإمكانياته الخاصة، رغم أنّ الطباعة مكلّفة، لهذا فأغلب الأساتذة الجامعيين في المغرب لا يؤلّفون كثيرا، في عصر طغى الكتاب الإلكتروني، فلم يعد الكتاب الورقي يباع بنسبة كبيرة في المكتبات.

❊ ما هي عناوين مؤلفات الدكتورة؟

❊❊ مؤلفي الأول هو تحقيق لمؤلّف أبي العباس المقري، ولدي كتاب آخر قيد الطبع حول الأدب المغاربي، خصوصيات وأساليب الكتابة في القرن 13 من خلال كتاب الفهارس، إضافة إلى مشروع آخر مازال مركونا عندي، وهو عبارة عن تحقيق مخطوط أخذت به شهادات، لكنني لم أستطع طبعه لأنه يضم ثلاثة أجزاء، وكل جزء يتجاوز عدد صفحاته الـ 600، مما يتطلّب الملايين لطبعه، كما لديّ الكثير من المقالات التي نشرتها في مجلات مختلفة، علاوة على مشاركتي في الكثير من المؤتمرات محليا وعربيا، آخرها مؤتمر في الأردن حول الخطاب النقدي وآخر في تونس عن الرمز في شعر التصوّف.

❊ إلى ماذا يعود ميلك للأدب القديم؟

❊❊أميل أكثر إلى الأدب القديم، لكن هذا لا يعني أنني لا أحبذ الأدب الحديث، كما أنّني أشارك في قضايا تتعلّق بالمرأة، باعتبار أنّني عضو في جمعية نسوية، وأؤكد أنّني أعتمد على المناهج الحديثة في دراساتي وتدرسي،  لكن قد يتفوق علي المتخصص في الأدب الحديث والعكس صحيح.